4 كتب تغوص على تعقيدات الهند المعاصرة

هل الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان مزدهرة أم على وشك الإفلاس؟

AL_MAJALLA
AL_MAJALLA

4 كتب تغوص على تعقيدات الهند المعاصرة

تقدم 4 كتب صادرة حديثا صورة معمقة لتحديات الواقع الهندي المعاصر وتعقيداته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتحاول أن تمضي أبعد من الأفكار النمطية لتشرح جوانب قد تكون خافية على عموم القراء حول حاضر الهند وترسم نظرة أولية عن مستقبلها.

إفلاس الهند، أشوكا مودي

ينبغي لأي شخص يريد أن يفهم الهند في عام 2024، أن يبدأ بقراءة كتاب "إفلاس الهند" (India Is Broken)، الصادر عن منشورات جامعة ستانفورد. يقدم الكاتب أشوكا مودي في هذا الكتاب الثري، تاريخ السياسات الاقتصادية الهندية من عام 1947 إلى الوقت الحاضر. ويقترح فهم المؤلف العميق لهذا الموضوع وجهة نظر مضادة للتغطية المتفائلة في كثير من الأحيان للنمو الاقتصادي في الهند الموجودة في وسائل الإعلام المالية الغربية، لكنه فوق ذلك، تاريخ سياسي للهند المستقلة، ويضع مقدمة لا غنى عنها عن البلاد اليوم، وإن تكن قاتمة.

يكتب أشوكا مودي، الخبير الاقتصادي الأميركي من أصول هندية، تحليلا ثاقبا لإخفاقات رؤساء الوزراء الهنود المتعاقبين، من جواهر لال نهرو إلى ناريندرا مودي، في معالجة التحديات الاقتصادية الحرجة، وينتقد هؤلاء القادة لعدم قدرتهم على تنشيط القطاع الزراعي المريض، وتوليد فرص عمل للمواطنين الذين يعانون من البطالة الجزئية بشكل مزمن، وجعل الجمهورية الفتية قادرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي. إن رواية مودي لأوجه القصور السياسية التي اتسمت بها ولاية نهرو الطويلة، كانت بمثابة جولة رائعة من القوة، كما يكشف كيف فشل نهرو، الزعيم الملتزم التنمية، في تثقيف شعبه وتحويله إلى قوة عاملة متعلمة، وأضاع فرصة الاستثمار في الصناعات الأساسية ذات التكنولوجيا المنخفضة التي كان من الممكن أن توفر لهم الوظائف.

بينما يشيد الإعلام الغربي بنمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند، ينتقد المؤلف المبادرات الاقتصادية لرئيس الوزراء

ومع خوض الهند الانتخابات العامة المحورية هذه السنة، حيث يتوقع فوز ناريندرا مودي، يصبح تحليل أشوكا مودي لسياسات ناريندرا مودي الاقتصادية وثيق الصلة بالموضوع على نحو خاص. وبينما يشيد الإعلام الغربي إلى حد كبير بنمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند، ينتقد المؤلف المبادرات الاقتصادية لرئيس الوزراء وتأثيرها على المواطنين العاديين. وتشمل هذه الإجراءات سحب النقود من التداول واعتماد ضريبة السلع والخدمات، مؤكدا آثارها السلبية على عامة الناس. كما يتعمق في عواقب سياسات مودي أثناء عمليات الإغلاق الصارمة بسبب فيروس كوفيد19، ويوضح بالتفصيل كيف أبرزت هذه الإجراءات ضعف النسيج الاجتماعي في الهند.

ثمن سنوات مودي، آكار باتيل

لقراءة جردة حساب للعقد الذي أمضاه مودي في السلطة، وكيف نجح في تحويل الهند من ديمقراطية متداعية إلى دولة استبدادية انتخابية، لا بدّ من قراءة كتاب الصحافي آكار باتيل، "ثمن سنوات مودي"، الصادر عن منشورات "ويستلاند". الكتاب هو أحد أفضل نوع من أنواع الجردات السياسية، فهو غني بالحقائق، بعيدا من الخطابة.

يتعمق باتيل في سياسات مودي وإجراءاته في مختلف المجالات، بما في ذلك الديبلوماسية والمشاركة العسكرية والأمن الداخلي والاستراتيجيات الاقتصادية، مركزا بشكل كبير على تآكل الحريات في ظل حكمه، ومسلطا الضوء على وجه التحديد على حملة القمع التي تشنها الحكومة على حرية الصحافة ومحاولاتها تقويض منظمات المجتمع المدني، واستخدام سندات انتخابية مبهمة لترجيح التمويل السياسي لصالح حزبه.

Sudipta Das/NurPhoto
أحد أسواق الهند في شهر رمضان الماضي، مارس 2024

علاوة على ذلك، يتناول الكتاب معاملة المسلمين الهنود خلال إدارة مودي، ويوثق زيادة العنف الطائفي، مثل أعمال الشغب وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون، وغيرها من أشكال العنف التي عانى منها المسلمون خلال سنوات مودي.

مدينة تحترق: أيام الولدنة في عليكرة، زياد مسرور خان

أكثر ما يلفت الانتباه في الهند حاليا، نمو النزعة الأغلبوية التي تجتاح المجال العام. يفيد كتابا مودي وباتيل الآنفا الذكر، في فهم تصميم الدولة على استهداف الأقليات الدينية لإعادة تشكيل الجمهورية، ويساعدان القراء في فهم التهديد الذي تشكله القومية الهندوسية على الهند باعتبارها ديمقراطية تعددية. ولكن، لكي نختبر شيئاً من الخوف الوجودي الذي يعيشه مواطنو الأقليات في الهند اليوم، يتعين علينا أن ننظر إلى مذكراتهم.

كتاب زياد مسرور خان، "مدينة تحترق"، الصادر عن "هاربر كولينز"، هو قصة تروي رحلة صبي صغير من الحي المسلم في عليكرة، وهي بلدة جامعية صغيرة في الهند، إلى شوارع دلهي، لإكمال دراساته العليا. قراءة هذا الكتاب تصحب القارئ في رحلة إلى هندٍ مهددة بالتقسيم بشكل كبير، مما يترك أثرا هائلا على الحياة اليومية، على الرغم من أن هذه الحقبة قد سبقت مولد الكاتب، وهو صانع الأفلام الوثائقية، بأربعة عقود.

يتناول كتاب باتيل معاملة المسلمين الهنود خلال إدارة مودي، ويوثق زيادة العنف الطائفي

تقدم رواية خان نظرة ثاقبة إلى استراتيجيات البقاء التي يتبناها الأفراد في المناطق المعرضة للعنف الطائفي، مثل بناء طرق هروب سرية على السطوح لتجنب الحصار أثناء أعمال الشغب. تجاربه الشخصية – بدءا من حادثة الطفولة المؤلمة حيث تعرض لهجوم حشد من الغوغاء، إلى مواجهة رعب أعمال الشغب المناهضة للمسلمين في دلهي في عام 2020 – تسلط الضوء على الطبيعة المتقلبة للعلاقات المجتمعية في مجتمع يمكن أن يتحول فيه المألوف إلى وحشي في لحظة.

حدود منتصف الليل: تاريخ شعب الهند الحديثة، سوشيترا فيجايان

إن الحقائق القاسية المتمثلة في الإقصاء والقسوة التي تمارسها الدول القومية في جنوب آسيا، يمكن ملاحظتها بشكل صارخ أكثر في أطرافها. في كتابها، "حدود منتصف الليل"، الصادر عن منشورات دار "ميلفيل"، تكشف سوشيترا فيجايان عن الدور التحويلي للمناطق الحدودية المتنازع عليها في الهوية الذاتية لدول جنوب آسيا. تسافر فيجايان، وهي كاتبة ومحامية ومصورة، عبر حدود الحقبة الاستعمارية التي ورثتها الهند، لتلتقي بأفراد تقطعت بهم السبل حرفيا بالقرب من السياج المضيء الذي يفصل الهند عن بنغلاديش، بينما يعيش آخرون تحت وطأة البيروقراطية، عاجزين عن إقناع محاكم التفتيش التابعة للسجل الوطني للمواطنين بهنديتهم. معظم هؤلاء المواطنين الأيتام هم في الغالب من المسلمين.

وقد يكون القراء على دراية بديناميكيات أمن الحدود، لكن "حدود منتصف الليل" يكشف قصة أعمق: كيف يمكن لدولة تعطي الأولوية للأغلبية أن تنفر مواطنيها القابعين في الأطراف، وتحولهم إلى أجانب لأغراضها الخاصة.

font change

مقالات ذات صلة