نتائج الانتخابات المحلية في بريطانيا... على سوناك الاستعداد للرحيل؟

أداء "العمال" لم يكن كما كان متوقعا

رويترز
رويترز
زعيم "حزب العمال" المعارض كير ستارمر يتحدث معانقا العضوة في الحزب كلير وارد بعد انتخابها عمدة لشرق ميدلاندز في مانسفيلد، 4 مايو

نتائج الانتخابات المحلية في بريطانيا... على سوناك الاستعداد للرحيل؟

ألقت الانتخابات المحلية الأخيرة في المملكة المتحدة بظلال من الشك على المستقبل السياسي لرئيس الوزراء ريشي سوناك، إذ سجل "حزب المحافظين" الحاكم أسوأ أداء له منذ عام 1998، ووصل إلى أدنى مستوى له منذ صعود "حزب العمال" إلى السلطة في عهد توني بلير في أواخر التسعينات. ولعل الهزيمة الكبيرة التي لحقت بالمحافظين في الانتخابات الفرعية في بلاكبول بفارق 26 نقطة لصالح "حزب العمال" دليلا وافيا على ذلك.

وتظهر الاستطلاعات أن عددا متزايدا من الأشخاص الذين صوتوا لـ"حزب المحافظين" في عام 2019 يميلون الآن للتصويت لصالح "حزب الإصلاح"، وهو مجموعة يمينية جديدة أيدت بقوة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بدلا من "حزب العمال". وقد اجتذب "حزب الإصلاح"، الذي ينتقد "حزب المحافظين" لعدم وفائه بوعود خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الناخبين بشكل خاص في المناطق التي تنافس فيها على الانتخابات.

على الرغم من أن الكثيرين يتوقعون أن يفوز "حزب العمال" في الانتخابات العامة المقبلة في المملكة المتحدة بفارق كبير، إلا أن أداءه لم يكن كما كان متوقعا في بعض الأماكن. على سبيل المثال، حقق "العمال" مكاسب كبيرة في مناطق مثل نونيتون في ميدلاندز، ولكنه خسر الأرض في مناطق أخرى. بالمقابل، حقق المرشحون المستقلون، الذين ركزوا على قضايا مثل الحرب في غزة، فوزا مفاجئا في المناطق التي عادة ما تدعم "حزب العمال"، مثل مدينة أولدهام. وهذا يعني أن دعم الحزب، في المتوسط، انخفض بمقدار ثماني نقاط منذ العام الماضي في الأحياء التي يعتبر أكثر من 10 في المئة من الناس فيها مسلمين.

على الرغم من أن الاتجاهات الانتخابية المحلية والوطنية غالبا ما تتوافق، إلا أن واحدا من بين كل خمسة ناخبين تقريبا يدلون بأصواتهم بشكل يختلف في الانتخابات المحلية عنه في الانتخابات العامة

السير جون كيرتس، خبير استطلاعات الرأي وأستاذ السياسة في جامعة ستراثكلايد

واعترفت وزيرة الداخلية في حكومة الظل إيفيت كوبر بأن "العمال" فقد مقاعده في المجلس لهذا السبب، ولكنها أكدت أنه سيعمل على "كسب الأصوات مرة أخرى في المستقبل".

وفي هذا الصدد، قالت كوبر لشبكة "بي بي سي نيوز": "نحن ندرك بقوة أن هناك مناطق كان قام فيها مرشحون مستقلون بحملات قوية بشكل خاص حول غزة، إذ يتنامى شعور قوي حقا بشأن هذه القضية، بسبب عشرات الآلاف من الأشخاص الذين قُتلوا".

أما "حزب الديمقراطيين الليبراليين"، وهو حزب أقلية معارضة، فلم يحقق سوى نجاح متواضع، ولا يبدو مما نرى أن الديمقراطيين الليبراليين قادرون على إقناع أنصار حزب "العمال" بإجراء تحول تكتيكي لصالحهم، للمساعدة في هزيمة شاغل المنصب المحلي من المحافظين، ويشكل تأمين مثل هذا الدعم التكتيكي جزءا حيويا من استراتيجية الانتخابات العامة التي ينتهجها زعيم الديمقراطيين الليبراليين السير إد ديفي.

أ ف ب
فرز بطاقات الاقتراع في مركز العد في بلاكبول، شمال غرب إنجلترا في 3 مايو

وفي المقابل، كان لدى "حزب الخضر" أسباب للاحتفال. ولم يقتصر الأمر على زيادة عدد مقاعده فحسب، بل تحسنت أيضا نسبة تصويته الإجمالية مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك، فإن النتيجة الأوسع من الانتخابات المحلية هي أن "حزب المحافظين" يواجه تحديات انتخابية كبيرة، وهناك إجماع واضح بين الناخبين على الرغبة في إزاحته من السلطة، لكنّ الناخبين البريطانيين لا يزالون مترددين بشأن الحزب الذي ينبغي أن يحل محله.

ويشكك السير جون كيرتس، خبير استطلاعات الرأي وأستاذ السياسة في جامعة ستراثكلايد، في مدى نجاعة استخدام نتائج الانتخابات المحلية للتنبؤ بنتائج الانتخابات العامة المقبلة. ويشير إلى أنه على الرغم من أن الاتجاهات الانتخابية المحلية والوطنية غالبا ما تتوافق، إلا أن واحدا من بين كل خمسة ناخبين تقريبا يدلون بأصواتهم بشكل يختلف في الانتخابات المحلية عنه في الانتخابات العامة. ويعني هذا الاختلاف أن الدعم الذي تتلقاه الأحزاب في الانتخابات المحلية قد لا يعكس بدقة كيفية أدائها في الانتخابات الوطنية.

حذّرت استطلاعات الرأي الرائدة من أن ادعاء ريشي سوناك الأخير بأن المملكة المتحدة قد تتجه نحو برلمان معلق، من غير المرجح أن يكون صحيحا

وأعربت مؤسسات استطلاع رائدة عن شكوكها حول توقع رئيس الوزراء ريشي سوناك أخيرا بأن المملكة المتحدة قد تتجه نحو برلمان معلق، حيث يفشل أي حزب سياسي بالحصول على الغالبية المطلقة من المقاعد في البرلمان، ما يتطلب ائتلافا من الأحزاب لتشكيل حكومة. وقال سوناك إن فارق المنافسة على داونينغ ستريت "أصغر" مما تشير إليه العديد من استطلاعات الرأي، مستشهدا بتحليلات تشير إلى أن "حزب العمال" قد لا يحقق غالبية مطلقة. وفي معرض تعليقه على نتائج الانتخابات المحلية، قال سوناك: "يشير التحليل المستقل إلى أننا على الرغم من عطلة نهاية أسبوع المخيبة للآمال التي مرت بنا، فإن نتيجة الانتخابات العامة المقبلة لا تزال غير مؤكدة، والفارق بين الحزبين سيكوزن أصغر مما  يتوقعه كثير من الناس وتتنبأ به بعض استطلاعات الرأي".

رويترز
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يصفق أثناء زيارته تجمعا انتخابيا لـ"حزب المحافظين" في تيز فالي بمنطقة دارلينغتون، 3 مايو

ومع ذلك، يرى النقاد أن تعليقات سوناك ربما تكون مدفوعة بالرغبة في تعزيز موقفه السياسي أكثر من كونها تقييما واضحا للمشهد السياسي. ورفض بن بيج، الرئيس التنفيذي لـ"شركة إبسوس" لاستطلاعات الرأي، توقعات رئيس الوزراء ووصفها بأنها لـ"الطيور"، ملمحا إلى أنها غير واقعية إلى حد كبير.

وحذّرت استطلاعات الرأي الرائدة من أن ادعاء ريشي سوناك الأخير بأن المملكة المتحدة قد تتجه نحو برلمان معلق، من غير المرجح أن يكون صحيحا.

ويرى كثيرون أن رأي سوناك ليس أكثر من رأي من يتمسك بقشة لإنقاذ مكسبه الانتخابي، وليس في أي حال من الأحوال تقييما واقعيا للوضع الحالي في السياسة البريطانية. 

font change

مقالات ذات صلة