تمزج الروائية والقاصّة الأرمنية نارين كرويان بين السرديات الشخصية والذاكرة الجماعية لوطنها. وعلى مدى عقدين من الزمان، كتبت عن الحرب والصدمات النفسية وقوة الروح البشرية. صدرت مجموعتها القصصية الأولى في عام 2010. ومنذ ذلك الحين، نشرت سبعة كتب، بين رواية وقصة قصيرة تناولت خلالها موضوع الذاكرة وسبل معالجة المجتمعات للمعاناة. في روايتها الأخيرة "زمن الذباب" (2024)، تركز على تجارب المرأة خلال حرب "آرتساخ" عام 2020.
نالت أعمالها العديد من الجوائز، ومنها "جائزة نرسيس" (2012) و"جائزة أورانج أرمينيا للكتاب" (2011 و2013). هنا حوار معها.
- تكتبين القصة القصيرة والنوفيلا والرواية، كيف تتنقلين بين أساليب السرد المختلفة، وما الفرص التي يوفرها لك كل منها؟
هذا صحيح، أمارس مختلف أنواع الكتابة، لكن هذا ليس متعمدا. فالعمل الإبداعي، على عكس النشاط البدني أو حتى الفكري في بعض الأحيان، لا يلتزم بأطر بديهية أو جامدة أو هرمية، وهذه بالتحديد الصفة التي تجعله إبداعيا. وبالتالي، فإن محتوى الرسالة المراد إيصالها وتفاصيلها يحددان نوع العمل وشكله. وهذا يمنح الكاتب فرصة فريدة للتعبير عن فكرة معينة بطريقة تفصيلية، وعن فكرة أخرى بطريقة عابرة، وفكرة أخرى برمزية، مما يمنح القارئ الاختيار من حيث الوقت والشكل وكثافة النص.
أثر الحرب
- غالبا ما تستكشفين في عملك تأثير الحرب على الأفراد والمجتمع. كيف تنظرين إلى الأدب كأداة للحفاظ على الذاكرة وهل تعتقدين أن رواية القصص يمكن أن تؤثر على كيفية فهم الأجيال المقبلة للحرب؟
نعم، الأدب أيضا أداة لتسجيل ذاكرة الصراعات. فتاريخ العالم هو أداة للذاكرة، وقد وصلتُ عبر الكتابة إلى أسلافنا، إلينا، وإلى أولئك الذين سيأتون بعدنا. فالأدب يكسر النزعة المدرسية للتاريخ، إذ يقدمه للقارئ من خلال الخيال، في حين يخاطب العقل والعاطفة معا. وعلى هذا فإن الأدب الحقيقي ربما يكون أيضا نوعا من الترياق الذي ومن خلال تصويره قباحة الحرب والشجاعة في مواجهتها وضرورة الحفاظ على إنسانيتنا، يشكل داخل القارئ شعورا مضادا للحرب، وبالتالي مناعة ضد السماح بوقوعها. بطبيعة الحال، قد يبدو كلامي هذا مثاليا، ولكن حتى أشد الأمطار غزارة تتشكل من قطرات صغيرة. وهناك أيضا النقيض لكل هذا: فكما يُزوّر التاريخ (وبعض البلدان نجح في ذلك)، فإن الأدب يعمل، بوعي أو بغير وعي، على تعزيز هذا التزوير، الذي قد يتحول بدلا من كبح الحروب إلى ذريعة لحروب جديدة إذا استغله أحد. وفي هذا الصدد، أعتبر أعمالي صادقة وإنسانية، وهو ما أعتقد أنه الدور الحقيقي للفن والأدب.