في خطوة لافتة وفي خضم التصعيد السياسي والدبلوماسي والإعلامي بين الجزائر وفرنسا، أقدم المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري) على تشكيل لجنة برلمانية خاصة مكونة من جميع التكتلات والتيارات السياسية الممثلة في البرلمان (موالاة ومعارضة) للشروع "فورا" في صياغة مشروع قانون لـ"تجريم الاستعمار الفرنسي" الذي بقي حبيس الأدراج لأكثر من عقدين كاملين من الزمن، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية ودلالات إقراره في هذا التوقيت. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه: ما أبعاد المشروع وتداعياته وكيف يمكن أن تستغل الجزائر المشروع لصالحها في المستقبل لا سيما في ذروة الأزمة الحالية؟
تضم اللجنة سبعة أعضاء، يمثلون مختلف المجموعات البرلمانية: حزب "جبهة التحرير الوطني"، و"حركة مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي في البلاد)، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، و"حركة البناء الوطني"، و"جبهة المستقبل"، إضافة إلى النواب المستقلين (الأحرار) وتكتل غير المنتمين.
ومن السمات التي أجمع عليها الدارسون حول تركيبة اللجنة هي تحقيق إجماع بين كل التيارات السياسية وهو الشرط الذي لم يكن متوفرا سابقا إذ واجهت المبادرات السابقة عراقيل وعقبات كثيرة، منها عدم الرغبة في الإضرار بالعلاقات الثنائية بين البلدين، غير أنه ظل يستعمل كورقة ضغط بين الحين والآخر في ظل غياب إرادة حقيقية.
وعرضت سابقا خمس مبادرات تشريعية متعلقة بتجريم الاستعمار الفرنسي خلال 9 فترات تشريعية ممتدة من 1997 إلى 2025، ففي العهدة التشريعية الرابعة 1997–2002 تم اقتراح قانون يتعلق بإدانة جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر بين 1830-1962 من طرف النائب محمد أرزقي فراد النائب عن "جبهة القوى الاشتراكية" (حزب سياسي جزائري معارض)، وخلال العهدة التشريعية الخامسة تم إيداع اقتراح قانون من طرف عبد السلام كسال النائب عن "حركة الإصلاح الوطني" يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 2005، وخلال العهدة التشريعية السادسة (2007-2012) تم اقتراح قانون من طرف النائب موسى العبدي للرد على القانون رقم 158-2005 بتاريخ 23 فبراير/شباط 2005 وتم إيداعه في 13 يناير/كانون الثاني 2010، وخلال العهدة التشريعية الثامنة تم اقتراح قانون من طرف النائب كمال بلعربي عن حزب "جبهة التحرير الوطني" يوم 28 يناير 2010، وخلال العهدة التشريعية التاسعة تم اقتراح قانون من طرف النائب بلخير زكرياء عن "حركة مجتمع السلم" بتاريخ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2021.