ما انفكت سياسة العصا والجزرة نهجا مألوفا في العمل الدبلوماسي، غير أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يُمارسها بصرامة غير مسبوقة. فرغم تردده في ملفات أخرى، ظل ثابتا في موقفه من إيران، مقترحا عليها خيارا صارما: إما القبول بصفقة تتيح لها مكاسب اقتصادية، وإما التعرض لضربات عسكرية، إذا عجزت عن إقناع العالم ببراءة برنامجها النووي. باختصار: ازدهار أو دمار.
وقد أثمر نهج ترمب في دفع إيران إلى طاولة المفاوضات، كما توقعتُ في مقالات سابقة نُشرت في "المجلة". فقبل فبراير/شباط الماضي، بدا المرشد الإيراني علي خامنئي صامدا أمام مزيج ترمب من التهديد والترغيب، مؤكدا أن طهران لن تدخل في مفاوضات مع واشنطن. لكن الأمور تغيّرت بعد أن بعث ترمب برسالة شخصية إلى خامنئي، الأمر الذي أدى إلى تعديل موقفه. وها هي المفاوضات بين الطرفين قائمة اليوم على قدم وساق، إذ عُقدت الجولة الأولى منها في العاصمة العُمانية، مسقط، يوم 12 أبريل/نيسان، بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ومبعوث ترمب الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، فيما يُنتظر أن تُعقد الجولة التالية يوم غد السبت 19 أبريل في روما.
ولا يكاد خطاب لترمب عن إيران يخلو من الجمع بين التهديد والإغراء. فخلال استقباله نظيره السلفادوري نجيب أبو كيلة في البيت الأبيض يوم 14 أبريل، كرر الرئيس الأميركي موقفه، مؤكدا أن إيران ترغب في التفاوض مع بلاده لكنها "تجهل الكيفية"، ثم عاد لاتهامها بـ"استغلال الولايات المتحدة". واللافت أن المفاوضات بالكاد بدأت، ومع ذلك بدا ترمب وكأن صبره بدأ ينفد.
ثم كرّر ترمب عرضه الثنائي لإيران، جامعا بين الوعد والوعيد، فقال: "أريدهم أن يكونوا أمة عظيمة وغنية"، ليتبع ذلك بتحذيره المعهود: "وإذا اضطررنا إلى اتخاذ إجراءات صارمة، فلن نتردد... ولن يكون ذلك في صالح أميركا فحسب، بل العالم أجمع".