ازداد تخبط المشهد السياسي الفرنسي منذ الحادي والثلاثين من مارس/آذار الماضي، إثر صدور الحكم القضائي بحق زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان الذي يحرمها من الأهلية السياسية لمدة خمس سنوات، ويعني ذلك مبدئيا غيابها عن الانتخابات الرئاسية عام 2027.
وسيؤثر هذا الغياب على الخريطة الانتخابية لأن السيدة لوبان كانت إحدى أبرز المرشحين لخلافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لن يكون الأمر مجرد ضربة كبيرة لحزبها، "التجمع الوطني" فحسب، بل سيترك آثارا على تموضع كل القوى وخاصة في معسكر اليمين الواسع.
أحدث هذا القرار تشنجا جديدا في فرنسا التي تشهد حالة تشتت سياسي وتراجع اقتصادي. أما بالنسبة لمارين لوبان تحديدا فالضربة شبه قاضية، لأنه في ظل غياب أفق تراجع القضاء، تشبه هذه الإدانة حكما مبرما ينهي المسيرة السياسية لهذه الشخصية التي ورثت أباها وأسهمت بقوة في تحويل حزبها كي يكون مؤهلا للمشاركة في الحكم وتطبيع وضعه. وتمتد انعكاسات هذه الهزة سلبيا خارج فرنسا بسبب موقع لوبان الشخصي وموقع حزبها في التركيبة الفرنسية والأوروبية في زمن الموجة الترمبية عالميا.
خلط الأوراق
تحول التموضع السياسي في فرنسا منذ 2017، من ثنائية اليمين التقليدي واليسار التقليدي إلى تركيبة جديدة مع صعود منتظم لليمين المتطرف واليسار الراديكالي. وبعد تأكد هذا التحول في استحقاقات 2022 و2024، تأتي قضية لوبان وتخلط الأوراق في المشهد المشتت.
وقد انقسمت الأوساط السياسية الفرنسية بشدة حول الحكم ضد زعيمة اليمين المتطرف، إذ اعتبر الفريق المؤيد أنه ليس سابقة بحد ذاته وأن السلطة القضائية قامت بواجبها في محاسبة المسؤولين عن استخدام الأموال العامة بشكل غير قانوني. بينما يرى معارضو الحكم أن هذه القضية تندرج في إطار لعبة سياسية تهدف لضرب حزب "التجمع الوطني" وإبعاد لوبان عن الساحة الانتخابية.
اعتقد الكثير من المراقبين والسياسيين واليمينيين تحديدا أن هناك تسييسا للحكم، خاصة أنه بدا قاسيا مستنفدا حدوده القصوى لا سيما لجهة التنفيذ الفوري. والأدهى أن حظوظ الاستئناف القضائي تبدو معدومة لعدم وجود سوابق عودة عن الحكم في حالات مشابهة، ولأن المهل القضائية ستجعل من أي إعادة بت في القضية متأخرة عن مواعيد الترشح للرئاسة بعد عامين.