عام 2012 بيعت لوحة "الصرخة" للفنان النروجي إدوارد مونك بما يقارب 120 مليون دولار. لا أعرف ما إذا كانت لا تزال أغلى لوحة بيعت في مزاد علني، لكنها بالتأكيد لا تزال اللوحة الوحيدة التي لا تنافسها في الشهرة سوى لوحة "موناليزا" لدافنشي. مونك الذي عاش بين عامي 1863 و1944 تستعيده "ناشيونال غاليري" لفن البورتريه بلندن في معرض كبير هو الأول من نوعه يضم معظم ما رسمه من صور شخصية له ولأفراد عائلته ولأصدقائه وأشخاص آخرين إما كلفوه رسمهم أو أنه أُعجب بأشكالهم.
هذا المعرض الأول من نوعه في بريطانيا هو بمثابة خلاصة لدرس مونك في رسم الصور الشخصية، يقع خارج صيته المتداول وقد يكون أهم على مستوى المعالجة الجمالية مما هو متداول نقديا، اعتمادا على لوحاته الشهيرة وفي مقدمتها "الصرخة" التي هي واحدة من سلسلة مكونة من أربعة أعمال. لقد أسطرت "الصرخة" كما أسطرت من قبلها لوحة فنسنت فان غوخ التي تمثله بالضماد حول أذنه. حين النظر إلى صور الأشخاص الذين رسمهم مونخ، يغيب عنصر البحث عن المهارة المدرسية. لا مشكلة في الشبه بين الواقع وما يظهر على سطح اللوحة. ما نراه يؤكد أن الرسام كان يبحث عن شيء آخر يقع خارج ما يراه. فرسم أخته الصغيرة أنغر، وهي موديله المفضل، بطريقة ضبابية، كأنه أراد أن يبلغنا أن معالجة الشكل جماليا أهم من الشكل. ذلك ما فعله في كل اللوحات التي يضمها المعرض الذي يحمل عنوان "بورتريهات إدوارد مونخ".
ما لا يُرى
بغض النظر عن انتمائه إلى الأسلوب التعبيري كان مونخ نروجي المزاج، بمعنى ميله إلى الألوان الباردة. ومثلما يُعتقد أن مونك يمثل العصر الذي نعيش فيه، فإنه أيضا يضعنا في إطار لحظته الشعورية الخاصة.