بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت دول أوروبا منهكة بسبب الحرب، وكانت على وشك الوقوع في دوامة من الفوضى والمشاكل الاقتصادية، مدت حليفتها الأولى، الولايات المتحدة الأميركية، يد العون من أجل دعم الاقتصادات الأوروبية الأميركية المشتركة. حينها، كُلف وزير الخارجية الأميركي جورج مارشال، وهو أحد قادة الولايات المتحدة البارزين في الحربين العالميتين الأولى والثانية، الإشراف على خطة استراتيجية لدعم اقتصاد أوروبا. وبالفعل، خصصت الولايات المتحدة الأميركية جزءا من مواردها المالية بين عامي 1948 و1951، التي تُقدّر بنحو 13,3 مليار دولار (اليوم تزيد قيمتها على 150 مليار دولار)، من أجل دعم اقتصادات نحو 16 دولة أوروبية. وقد نجح برنامج التعافي الأوروبي، الذي عُرف بـ"خطة مارشال"، وهو مثال قوي على التآزر الواضح بين الولايات المتحدة وأوروبا في حل أزمة اقتصادية كبيرة.
مع ذلك، لم يحدث هذا التعاون لحل أزمة المناخ التي باتت تشكل تهديدا لحياة البشر والعديد من الكائنات الحية الأخرى على كوكب الأرض. على الرغم من وجود اتفاقية تشرف عليها الأمم المتحدة لحل أزمة المناخ، فإن هناك العديد من العقبات والعراقيل، خصوصا في ملف "التمويل المناخي"، الذي برز مع "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في شأن تغير المناخ" (UNFCCC)، التي وُلدت في "قمة الأرض" في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992، ودخلت حيز التنفيذ عام 1994، ومن ثم انطلقت المفاوضات بسلسلة من مؤتمرات الأطراف المعنية بتغير المناخ (COP). واليوم هناك 198 طرفا وقعت الاتفاقية.
وخلال انعقاد مؤتمر "كوب 15" في كوبنهاغن في الدانمارك، وافقت الدول المتقدمة على دفع 100 مليار دولار سنويا في حلول 2020، للدول التي تعاني من آثار التغيرات المناخية. لكن الحاجة تضاعفت بمرور الوقت لزيادة التمويل المناخي، وللحفاظ على الهدف المحدد في المادة الثانية من اتفاق باريس في عدم تجاوز متوسط الحرارة 1,5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات حقبة ما قبل الصناعة. واتفقت الأطراف في عام 2021، على ما يُسمى بـ"الهدف الجماعي الكمي الجديد" (NCQG)، الذي كان من المقرر حسمه في "كوب 29" في باكو عاصمة أذربيجان. لذلك، سمي بـ"مؤتمر الأطراف المالي".
غير أن النتيجة جاءت محبطة. إذ اختُتم "كوب 29" بهدف جماعي كمي جديد يُقدّر بنحو 300 مليار دولار سنويا، مع تأجيل بعض النقاط إلى مؤتمر "كوب 30" في البرازيل، في وقت تقدر احتياجات الدول النامية لتمويل المناخ بنحو 1,1 تريليون دولار في عام 2025، وترتفع إلى 1,8 تريليون دولار في حلول 2030.