يُعدّ لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ، نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول في كوريا الجنوبية، نقطة تحول حاسمة على الساحة العالمية. فالأهمية لا تكمن في التوصل إلى حل شامل للنزاعات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، بل في ما سيُفضي إليه اللقاء من تحديد ما إذا كانت المنافسة بين البلدين ستبقى قابلة للإدارة أم ستتطور إلى حرب اقتصادية شاملة لا منتصر فيها، وهو الأمر الذي يجرّ بقية دول العالم إلى تداعياتها كأضرار جانبية.
وبعد لقائه الرئيس الصيني، قال ترمب الخميس إنه توصل إلى اتفاق مع الصين يقضي بخفض الرسوم الجمركية مقابل استئناف بكين شراء فول الصويا من الولايات المتحدة وضمان استمرار صادرات المعادن النادرة وفرض قيود صارمة على التجارة غير المشروعة في مادة الفنتانيل.
وجاء إعلان ترمب عقب لقائه المباشر مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية، في أول محادثات تجمعهما منذ 2019.
وقال ترمب لصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية بعد مغادرته بوسان "أعتقد أنه كان اجتماعا رائعا"، مصنفا المحادثات "12 من 10".
وأضاف أن الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية من المقرر خفضها من 57 بالمئة إلى 47 بالمئة عن طريق خفض نسبة الرسوم الجمركية المفروضة على التجارة ذات الصلة بالمواد الأولية التي تدخل في صناعة الفنتانيل إلى النصف لتصبح 10 بالمئة.
وقال ترمب إن شي سيبذل "قصارى جهده لوقف تدفق" الفنتانيل، وهي مادة فيونية اصطناعية قاتلة تعد السبب الرئيسي لحالات الوفاة الناتجة عن تناول الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة.
ووافقت الصين على تعليق ضوابط التصدير التي أعلنت عنها هذا الشهر على المعادن النادرة، وهي عناصر أساسية تدخل في صناعة السيارات والطائرات والأسلحة، وتشكل إحدى أبرز أدوات الضغط التي تستخدمها بكين في حربها التجارية مع واشنطن.
وأفادت وزارة التجارة الصينية في بيان بأن التعليق سيستمر عاما. وأضافت الوزارة أن الجانبين توصلا أيضا إلى توافق في الآراء بشأن زيادة حجم التجارة الزراعية، وسيتعاونان لتسوية القضايا المتعلقة بتطبيق تيك توك الذي يسعى ترامب إلى إخضاعه للسيطرة الأمريكية.
وشهدت أسواق الأسهم العالمية حالة من التقلب كرد فعل على الانفراج التجاري، إذ تباين أداء مؤشرات الأسهم الآسيوية الرئيسية والعقود الآجلة الأوروبية بين المكاسب والخسائر.
وصورت وسائل الإعلام الصينية الرسمية الاجتماع مع ترامب على أنه انتصار لسياسات شي. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الصينية شينخوا عنه قوله "لدينا الثقة والقدرة على التعامل مع جميع أنواع المخاطر والتحديات".
لكن قبل دقائق من بدء الاجتماع، أمر ترامب الجيش الأميركي باستئناف اختبار الأسلحة النووية بعد توقف دام 33 عاما، مشيرا إلى ترسانات روسيا والصين المتزايدة. وقالت وزارة الخارجية الصينية اليوم إنها تأمل أن تلتزم الولايات المتحدة بوقف اختبار الأسلحة النووية
قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اليوم الخميس إن الصين وافقت على اتفاقية لنقل ملكية تطبيق "تيك توك"، مضيفا أنه يتوقع المضي قدما في الاتفاق خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، لكنه لم يتطرق إلى مزيد من التفاصيل.

إن التأطير التقليدي للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يُغفل جوهر الأمر الذي يجري فعلا. فهذه ليست حربا تجارية بالمعنى المألوف تُستخدم فيها الرسوم الجمركية وضوابط التصدير كسلاح اقتصادي فحسب، بل هي صراع على التفوق التكنولوجي وإعادة تشكيل البنية الاقتصادية العالمية. ويزداد هذا الصراع اتساعا ليشمل دولا ثالثة لم تُبدِ رغبة في الانخراط فيه. ففي حين يمكن للمنافسات التجارية أن تفضي إلى نتائج تحقق مكاسب متبادلة، فإن الصراع على التفوق العالمي لا يتيح سوى محصلة صفرية.
لننظر إلى ما حدث في 13 أكتوبر/تشرين الأول، حين استندت الحكومة الهولندية إلى قانون يعود إلى حقبة الحرب الباردة لتفرض سيطرتها على شركة "نيكسبيريا"، وهي شركة صينية لتصنيع الرقائق الإلكترونية تتخذ من هولندا مقرا لها، متذرعة بوجود "عيوب حوكمة خطيرة" تُهدد الأمن الاقتصادي الأوروبي. كان المبرر المعلن ذا طابعٍ دفاعي، غير أن الإجراء في جوهره كان قسريا .وفي سبتمبر/أيلول، كانت وزارة التجارة الأميركية قد وسّعت نطاق قيودها على الصادرات لتشمل جميع الفروع العالمية للشركات المدرجة في "قائمة الكيانات"، بما في ذلك "وينجتيك"، الشركة الأم الصينية لـ"نيكسبيريا". وتحت ضغط من واشنطن، أقدمت الحكومة الهولندية على مصادرة الشركة، فردّت الصين بمنع "نيكسبيريا" من الحصول على منتجات مصنّعة داخل أراضيها.


