يحتفل الفنان المصري عادل إمام اليوم بعيد ميلاده الـ 85، ورغم ابتعاده عن الأضواء، والشائعات الكثيرة التي طاولت وضعه الصحي، ونفي عائلته لها، فإنه لا يزال أكثر الممثلين العرب حضورا ومكانة، نظرا لإرثه الكبير في السينما والمسرح والتلفزيون. هنا نظرة على مسيرته الاستثنائية.
قبل أكثر من ثمانية عقود، شهد حي السيدة عائشة واقعة ميلاد عادية لأحد سكانها الجدد ويدعى محمد إمام محمد بخاريني، الذي كان غادر قرية شها التابعة لمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، مصطحبا زوجته الريفية التي لا تجيد القراءة والكتابة، حيث رزق بمولوده الأول في مثل هذا اليوم من عام 1940، وأطلق عليه اسم عادل.
مع انتقال الأسرة إلى حي الحلمية ثم لاحقا إلى الجيزة، شق الصغير طريقه عبر مراحل دراسية متعاقبة، بينما أخذت ملامح شخصيته تتبلور لما سيصبح لاحقا علامة فارقة في تاريخ الفن المصري والعربي. وقبل أن يرحل الوالد في منتصف التسعينات كان شهد الصعود الاستثنائي لابنه في عالم الفن، ليصبح "الزعيم" عادل إمام، من أبرز الظواهر الفنية العربية، الذي يحتفل محبوه اليوم من أنحاء العالم العربي بعيد ميلاده الخامس والثمانين.
على الرغم من أنه لم يفكر يوما في الاحتراف، كما أكد في أكثر من لقاء، ظهر شغف إمام بالتمثيل منذ الصغر، وإن كان في صورة مقالب يقوم بها في محيط الأسرة والأقارب والجيران مع الجميع، بمن فيهم أمه التي كانت كثيرا ما تدعو عليه بسخرية "ربنا يضحك عليك خلقه" (كما أضحك عليها الجميع في المقلب) بحسب رواية أحد أبناء أعمام عادل إمام لجريدة "الوطن"، وهي الدعوة التي يبدو أنها كانت مستجابة وإن كانت قيلت في إطار من السخرية أو الهزل، حيث اتخذ الصغير من التشخيص متنفسا حياتيا له يمارسه دون إدراك، وكان فريق التمثيل هو أول ما يبحث عنه حين ينتقل من مدرسة إلى أخرى، وسرعان ما ينضم إليه، وكثيرا ما رأس بعضا من تلك الفرق بما فيها فريق الجامعة.
سينما الإنسان العادي
قدمت السينما لعادل إمام أرضا بكرا لم ينضب معينها، سواء على مستوى الفرص التي أتيحت له للظهور بجانب عمالقة الفن المصري مثل شادية وماري منيب وعبد الحليم حافظ وأحمد مظهر ورشدي أباظة وفريد الأطرش وفريد شوقي وغيرهم كثر، أو من خلال تجريب إمكاناته الفنية في أدوار مختلفة، بداية من نموذج الإنسان العادي أو السوي وحتى الشاذ، مثل دور المخنث الذي جسده في فيلم "سيد درويش" (1966) إخراج أحمد بدرخان.