بينما تتوالى التحليلات والمعلومات حول الآلية التي سيفكك بها حزب "العمال الكردستاني" بنيته العسكرية، التزاما بقرارات مؤتمره الاستثنائي الثاني عشر الذي عُقد مؤخرا، تتساءل الأوساط العسكرية والأمنية في المنطقة حول الأدوات اللوجستية وأشكال الانتظام العسكري ونوعية الأسلحة التي بحوزة التنظيم المسلح والتي مكنته من "الصمود" طوال أربعة عقود كاملة، في مواجهة الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية التركية، المصنفة كأحدث وأقوى جيوش المنطقة، والحاصلة على أعلى درجات التغطية والتمويل والتسليح من المنظومات العسكرية الغربية، منذ أواسط أربعينات القرن المنصرم.
أسلحة للمواجهات السريعة
تابعت "المجلة" طوال الأسابيع الماضية عددا من المقاطع المصورة التي نشرها "العمال الكردستاني" على منصاته الإعلامية حول نشاطاته العسكرية طوال السنوات الماضية، واطلعت على عدد من التقارير الأمنية الصادرة عن جهات تركية ودولية مختصة بالقضايا الأمنية، وتوصلت إلى عدة نتائج بشأن الاستراتيجية العسكرية/ التسليحية لـ"الكردستاني".
فطوال هذه السنوات المديدة، لم ينحُ هذا التنظيم المسلح أبدا إلى أن تكون مواجهاته مع الجيش التركي مباشرة، على شكل جبهات أو سيطرة مستدامة على مناطق بذاتها. بقي الكردستاني على تلك العقيدة القتالية حتى في أوج صعوده العسكري أوائل التسعينات من القرن المنصرم. فعلى الدوام كان الخيار العسكري الأساسي بالنسبة للحزب يتمثل بواحد من خيارين: إما "الهجمات الخفيفة على المراكز الثابتة" وإما "زرع العبوات والكمائن للدوريات والقطاعات العسكرية الراجلة"، مع انسحاب سريع وآمنٍ من أية مواجهة، بغية عدم التعرض لخسائر كثيرة في الأرواح، ولإدراكه للفارق الهائل في نوعية الأسلحة والتكنولوجيا والتغطية اللوجستية في كل المواجهات.