يُعدّ النزاع بين الهند وباكستان حول إقليم كشمير أحد أطول النزاعات الإقليمية وأكثرها تعقيدا في العصر الحديث، إذ لم يقتصر تأثيره على الجغرافيا السياسية لقارة آسيا فحسب، بل امتد ليؤثر في العلاقات الدولية والأمن والسلم العالمي لعقود. حيث تعود جذور هذا النزاع إلى أكثر من قرن قبل إعلان استقلال الهند عن بريطانيا عام 1947، وما استتبع ذلك من تقسيم شبه القارة الهندية بالكامل على أساس ديني طائفي إلى دولتين، الهند ذات الغالبية الهندوسية، وباكستان ذات الغالبية المسلمة، وعلى عكس الكثير من عمليات تقسيم أقاليم الدول التي كانت تتسم بالوضوح والبساطة، فإن هذا التقسيم تحديدا، لم يكن مجرد فصل جغرافي تقليدي، بل كان عملية سياسية وطائفية واجتماعية شديدة التعقيد، أثارت نزاعات حدودية لا تنتهي، وظل معه وضع الإقليم معلقا في منطقة رمادية قانونيا وسياسيا، وهو ما أدى إلى استمرار النزاع حتى اليوم.
خلفية عن جذور نزاع كشمير
على الرغم من اندلاع نزاع كشمير بشكله الحالي خلال منتصف القرن العشرين، فإن جذوره تمتد إلى منتصف القرن التاسع عشر، فقد استمر الاستعمار البريطاني للهند لأكثر من ثلاثة قرون، اعتمد خلالها سياسة استعمارية تقوم على تفتيت المكونات الإدارية في شبه القارة الهندية، وتغذية الصراعات الطائفية بين السكان المحليين بهدف منع تكوين دويلات مارقة على حكم التاج البريطاني والتي من الممكن أن تعلن استقلالها وانفصالها عن الحكم البريطاني.
فعندما قامت إمبراطورية السيخ، وهي دويلة قامت بين عامي (1799-1849) حاولت الانفصال عن التاج البريطاني وإعلان نفسها دولة مستقلة، بالاستيلاء على كامل إقليم كشمير، فاندلعت على أثر ذلك الحرب الإنجليزية–السيخية الأولي بين عامي (1845-1846) والتي انتهت بفوز ساحق لبريطانيا واستعادتها للسيطرة على الإقليم، فظهرت سياسة التفتيت الإداري جليا في أعقاب هذه الحرب، عندما عمدت بريطانيا إلى تولية سلطة الإقليم والذي يسكنه غالبية مسلمة، إلى حاكم هندوسي وهو المهراجا "جولاب سينج" مؤسس سلالة "الدوجرا" والتي ظلت تحكم الإقليم حتى بعد الاستقلال عام 1947.