تساؤلات حول المفاوضات النووية بعد رفض خامنئي وقف التخصيب

رويترز
رويترز
جدارية مناهضة للولايات المتحدة في أحد شوارع طهران، إيران، في 5 يونيو

تساؤلات حول المفاوضات النووية بعد رفض خامنئي وقف التخصيب

لندن – ألقى تأكيد المرشد الإيراني علي خامنئي على رفض المقترح الأميركي الذي يتضمن وقف تخصيب اليورانيوم في إيران، ظلالا من الشك حول نجاح المفاوضات. وأضاف خامنئي في كلمته الأربعاء (4 يونيو/حزيران) خلال حفل لإحياء الذكرى 36 لوفاة مرشد الثورة السابق روح الله الخميني في طهران أن "المقترح الأميركي تهديد للاستقلال الوطني، وتخصيب اليورانيوم هو مفتاح القضية النووية، والصناعة النووية ليس لأغراض الطاقة فحسب بل هي صناعة رئيسة يتأثر بها الكثير من المجالات العلمية".

ونشر موقع "بصيرت" الإلكتروني التابع لـ"الحرس الثوري" مقالا بعنوان "الخط الأحمر الإيراني لا يتغير" في الأول من يونيو/حزيران، بقلم رضا صارمي راد، جاء فيه: "قلصت الإدارة الأميركية من حدة التصعيد ولم تعد تؤكد كثيرا على إيقاف تخصيب اليورانيوم. ويبدو أن إدارة ترمب غيرت طريقة اللعبة عندما أعلنت إيران أنها لن تتنازل عن تخصيب اليورانيوم في إيران. وإذا أصر الأميركيون على هذا الطلب فإن طهران لن تستمر في المفاوضات".

وتابع موقع "بصيرت": "لقد بدأت الولايات المتحدة هذه اللعبة حيث إن ترمب ومبعوثه ويتكوف أعلنا أن المفاوضات تسير بشكل جيد وسيكون الحصول على اتفاق قريبا جدا. ونقلت وسائل الإعلام الغربية هذه التصريحات متوقعة أن الاتفاق سيحصل خلال الجولة القادمة وأن إيران وافقت على إيقاف تخصيب اليورانيوم بشكل مؤقت بشرط أن تعترف الولايات المتحدة رسميا بأن لدى إيران الحق في التخصيب. وفي المقابل نفت الخارجية الإيرانية هذه الأخبار قائلة إن الأميركيين لم يقدموا أية اقتراحات بل إن سلطنة عمان طلبت من الطرفين النظر في الاقتراحات المتاحة وإجراء مفاوضات حولها خلال الجولة القادمة. وأن يتكوف منهمك في قضايا أوكرانيا وخاصة الحرب في غزة التي تسعى الإدارة الأميركية للحصول على اتفاق لوقف إطلاق النار حسب مبادرتها. ويبدو أن ترمب يسعى إلى استغلال الأوروبيين لاستخدام آلية "سناب باك" (كبح الزناد). (وقد تأسست سناب باك في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015 في حال تجاهلت إيران التزاماتها تجاه الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي آنذاك. وتعطي آلية "سناب باك" الحق للولايات المتحدة في العودة للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن وبإعادة وضعها حيز التنفيذ الفوري خلال 30 يوما من إخطارها مجلس الأمن. ولدى فرنسا وبريطانيا وألمانيا في المجموعة المعروفة باسم الترويكا الأوروبية– وهي من أطراف الاتفاق النووي المبرم في 2015 مع إيران، سلطة تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض العقوبات في مجلس الأمن).

واعتبر موقع "بصیرت" أن الأوروبيين يضغطون أيضا على إيران من خلال ترحيبهم بمبادرة الإدارة الأميركية بإيقاف تخصيب اليورانيوم ويرونها الفرصة الأخيرة لمنع تفعيل آلية "سناب باك"، مضيفا أن الأميركيين يقومون بمحاولات على كل المستويات في إطار حرب مركبة ضد إيران بهدف الوصول إلى نتيجة مناسبة لهم في الجولة القادمة ولكن من المستبعد أن تنجح المحاولات الأميركية لأن أقوال الجمهورية الإسلامية وأفعالها لم تتغير خلال الجولات الخمس الماضية من المفاوضات.

قد تندلع حرب تحرق كل الشرق الأوسط في حال وقوع خطأ في الحسابات. وقد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران تحتفظ بخيار الحرب وخيار السلام على الطاولة

هذا ورأت صحيفة "اعتماد" في مقال بعنوان "آفاق الجولة القادمة من المفاوضات مبهمة"، بقلم علي ودايع، أن الجولة القادمة (السادسة) من المفاوضات في هالة من الإبهام وأن إيقاف المفاوضات حتى الوصول إلى نقطة يمكن للطرفين معها الاستمرار في المساومة أمر وارد. وقال وزير الخارجية الإيراني عراقجي بشأن الاقتراح الأميركي حول الاتفاق النووي أن إيران تسلمت من الولايات المتحدة اقتراحا مكتوبا يحتوى على الكثير من الغموض والأسئلة بشأنه. وبالتالي يمكن الاستنتاج من خلال الأخبار المتداولة إعلاميا أن واشنطن تلعب في ملعب الإبهام برسم الخطوط الحمراء وتسعى إلى بث قضية إيقاف التخصيب وقضايا غير بناءة أخرى إعلاميا فقط... وتشير السياسة الأميركية حول أوروبا وروسيا والصين وأوكرانيا إلى أن عامل الوقت وإعلان المهل يحظيان بأهمية كبيرة لدى الإدارة الأميركية وأن إيران ليست استثناء. وتستمر الإدارة الأميركية في تكتيك توجيه الاتهامات واللوم إلى الطرف المقابل ويلعب الأوروبيون والوكالة الذرية في ملعب الولايات المتحدة.

وتابعت "اعتماد" أن "المفاوضات لم تفشل حتى الآن ويوجد أمل في سلطنة عمان غير أن السياسة الأميركية تزيد من احتمال عدم الاتفاق كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصب الزيت على النار. ولن تقبل إيران باتفاق أحادي الجانب وسيئ ولديها خيارات منها استراتيجية الغموض والاستعداد للحرب تحت عنوان "الوعد الصادق". وتمثل هذه الاستراتيجية تحديا لتل أبيب التي لم تجد حلا إلا إطلاق التهديدات والاستعداد للخيار العسكري الاستراتيجي مع إيران.

رويترز
المرشد الإيراني علي خامنئي يلقي كلمة خلال إحياء الذكرى 36 لوفاة مرشد الثورة السابق روح الله الخميني، جنوب طهران، إيران في 4 يونيو

قد تندلع حرب تحرق كل الشرق الأوسط في حال وقوع خطأ في الحسابات. وقد أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران تحتفظ بخيار الحرب وخيار السلام على الطاولة غير أن طهران لديها خيارات أخرى. تعلم طهران أن إسرائيل قد تقدم على استهداف إيران عسكريا من أجل الإخلال بموازين القوى في الشرق الأوسط وبالتالي فإن إيران لا تزال تحتفظ بخيار الضربات المتبادلة على الطاولة. وتتصور تل أبيب أن بدء حرب شاملة في المنطقة فرصة لا مثيل لها بالنسبة لإسرائيل غير أن هذه الحرب ستهدد مصالح الولايات المتحدة أكثر من أية دولة أخرى".

هذا ورأى الخبير الاقتصادي والمحلل السياسي الإصلاحي والأستاذ الجامعي سعيد ليلاز في حوار مع صحيفة "شرق" أن الاتفاق مع الولايات المتحدة لن يؤدي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية في إيران لأن سماسرة العقوبات الذين ينتفعون من العقوبات ويحصلون على مبالغ طائلة من خلال الالتفاف على العقوبات سيصبحون مستوردي السلع والخدمات من الولايات المتحدة ولن يكون للطبقة العاملة والفقيرة والمزارعين أي دور في هذا.

المشروع النووي المشترك يقلص من التصعيد العسكري ويزيد فرص التقارب بين إيران والدول العربية وقد يصبح نموذجا للتعاون النووي الإقليمي

وأضاف ليلاز أن "الولايات المتحدة تخطط لتطبيق النموذج الليبي على إيران وأن الإدارة الأميركية تستخدم المفاوضات كفخ. وبالتالي علينا أن نكون يقظين ومستعدين عسكريا ونصالح الشعب الإيراني ونطور اقتصاد البلاد. إذا لم نقم بكل ذلك فإن مصيرنا سيكون على غرار ليبيا. ولا يكترث الأميركيون بالنزاهة في المفاوضات وبالتالي علينا عدم التعويل على الاتفاق المحتمل مع أميركا بأن يحل محل الإصلاحات الاقتصادية لأننا سنصاب باليأس. من يفكر أن في إمكانه إدارة أمور البلاد من خلال إقامة العلاقات مع الولايات المتحدة دون الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فهو مخطئ".

وانتقد ليلاز "الفئة التي تعتقد أن الولايات المتحدة ستستثمر مليارات الدولارات في إيران"، قائلا: "كيف يمكن للأميركيين القيام باستثمارات في بلد يهرب منه المستثمرون المحليون. هذا تصور ساذج. نحن نواجه هروب رؤوس الأموال بسبب ظروف البلاد... إذا تصور النظام أن بإمكانه استبدال الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية بالمصالحة مع الولايات المتحدة فهو على خطأ. ينبغي على النظام المصالحة مع الشعب أولا ومن ثم مع الولايات المتحدة".

وقال أستاذ العلوم السياسية عبد الرضا فرجي راد في حوار مع صحيفة "اعتماد" إن مبادرة مشروع نووي مشترك ستؤدي إلى تعزيز العلاقات بين إيران والدول العربية قائلا إن "مبادرة المشروع النووي المشترك هي إحدى الخيارات. حيث تصر إيران على أن يكون تخصيب اليورانيوم في أراضيها لذا فإن تخصيب اليورانيوم في إطار أي مشروع نووي مشترك يجب أن يكون في إيران لأن طهران لن تقبل تخصيب اليورانيوم خارج أراضيها وخارج نطاق إشرافها". وتابع: "إن المشروع النووي المشترك يقلص من التصعيد العسكري ويزيد فرص التقارب بين إيران والدول العربية وقد يصبح نموذجا للتعاون النووي الإقليمي ويمهد الأرضية لمزيد من التعاون الأمني والاقتصادي والسياسي بين إيران وجيرانها ويعزز الثقة المتبادلة بين إيران والدول العربية".

font change