لندن- تستمر التغطية الإعلامية الكثيفة في طهران للمفاوضات الإيرانية الأميركية، حيث تهتم الصحافة الإيرانية بهذه المفاوضات من الزاوية التحليلية واستشراف نتائجها والتطورات في مواقف الطرفين بشأنها.
وبهذا الصدد تساءلت صحيفة "اعتماد" في مقال كتبه مهدي بيك أوغلي بعنوان "اللعبة المزدوجة بين إيران والولايات المتحدة"، في عددها الصادر يوم 20 مايو/أيار عن "أسباب تحول الموقف الأميركي ودعوة الولايات المتحدة إلى وقف تخصيب اليورانيوم"، مضيفة: "لقد أعلنت إيران مرارا أن لديها كل الحق في تخصيب اليورانيوم بناء على معاهدة حظر الانتشار النووي، غير أن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الصادرة يوم الأحد (18 مايو) بضرورة وقف أو إلغاء تخصيب اليورانيوم كشرط للاتفاق أثار جدلا لدى الرأي العام الإيراني".
وتابعت "اعتماد" أن "مواقف المسؤولين الإيرانيين حول مثل هذه التصريحات واضحة وهي أن إيران ستتمسك بحقها في تخصيب اليورانيوم".
ويرى محللون أن مثل هذه التصريحات الأميركية تندرج في إطار سياسة إعلامية وليست مطلبا واقعيا أميركيا في المفاوضات. بعبارة أخرى، فإن المواقف الإعلامية الأميركية تختلف عن تصريحات الوفد المفاوض الأميركي لأن الإدارة الأميركية مضطرة لاتخاذ مواقف إعلامية تطالب بتجميد تخصيب اليورانيوم لمواجهة الضغوط الداخلية واللوبي الإسرائيلي. وتعتقد فئة أخرى من المراقبين أن الصفقات التي عقدها ترمب خلال جولته الخليجية تمنعه من التصعيد العسكري ومن دفع إيران إلى التخلي عن المفاوضات غير أنه يحاول أن يختبر مستوى تمسك إيران بخطوطها الحمراء من أجل أن يحظى بامتيازات أكبر.
ورأى الناشط السياسي الإصلاحي إسماعيل كرامي مقدم، في حوار مع "اعتماد" أن "المفاوضات وصلت إلى مرحلة حساسة. وينبغي ذكر أن الديمقراطيين وإسرائيل والمحافظين الجدد وحتى فئات من الحزب الجمهوري يمارسون ضغوطا كبيرة على ترمب من أجل أن يتبني نهجا تصعيديا بدلا من المفاوضات. وتعتقد هذه الأطراف المتشددة أن ترمب يجب أن يضع مطلب إيقاف تخصيب اليورانيوم على طاولة المفاوضات على أقل تقدير ما دامت الحرب مع إيران أمرا صعبا".
وتابع كرامي مقدم أن "إيران ستواصل استخدام حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية ولا أحد يستطيع معارضة ذلك". وأعرب عن اعتقاده أن "صفر تخصيب غير منطقي. ويمكن لإيران أن تقبل بحضور مفتشين أميركيين بين مفتشي الوكالة الذرية وسائر المؤسسات الدولية بهدف كسب ثقة الجانب الآخر. لقد وقعت الإدارة الأميركية صفقات اقتصادية تريليونية خلال جولة ترمب إلى المنطقة، وبناء عليه فإنها لا تتجه نحو التصعيد العسكري والحرب في ظل هذه الصفقات والاتفاقيات. وأعتقد أن التصعيد العسكري والحرب بين إيران والولايات المتحدة أمر مستبعد في الوقت الحالي".
وقال كرامي مقدم إن "إيران ستضطر في النهاية إلى تخصيب اليورانيوم لأغراض تقنية وهندسية وطبية وزراعية فقط وأن الولايات المتحدة سترفع العقوبات وستستثمر في القطاعات الاقتصادية الإيرانية. وستكون الاستثمارات الأميركية في إيران الضمان لاستدامة الاتفاق بين الجانبين. وستكون الأرضية متوفرة لاستئناف عمل القنصليات والسفارات بين البلدين وهذا من مستلزمات دخول الاستثمارات الأميركية إلى إيران".