رام الله- لم تعد الضفة الغربية مجرد أراضٍ فلسطينية محتلة منذ عام 1967، بل أصبحت مسرحا لعمليات عسكرية إسرائيلية ممنهجة، وتوسع استيطاني شرس، وتهويد صامت، وسط بيئة دولية عاجزة وسلطة فلسطينية ضعيفة وشعب يواجه ما يمكن وصفه بأسوأ نظام فصل عنصري في القرن الحادي والعشرين.
فمنذ وصول الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية، تشهد الضفة الغربية تحولات ميدانية وسياسية هي الأخطر منذ عقود. حيث تهدد ليس فقط الحياة اليومية لنحو ثلاثة ملايين فلسطيني، بل تضع أيضا مشروع الدولة الفلسطينية برمته أمام مأزق وجودي عبر تسارع خطوات الضم والتهويد الفعلي للضفة الغربية وإعادة تشكيل الجغرافيا حيث تستغل إسرائيل تركيز الأنظار على حرب غزة، وضعف الموقف الدولي تجاه سياساتها، ووجود رئيس أميركي مؤيد لها في البيت الأبيض للمضي قدما بتنفيذ سياستها وأطماعها في الضفة.
ويقول الفلسطينيون إن نقطة التحول حصلت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حيث صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون من استهدافهم للضفة الغربية ومواطنيها الذين باتوا يواجهون أسوأ نظام فصل عنصري.
وبينما يجمع الفلسطينيون على الأثر الكبير لوجود حكومة يمينية متطرفة في حكم إسرائيل على تسارع عمليات الاستيطان وضم الضفة الغربية فإن أستاذ العلوم السياسية بجامعة بير زيت الدكتور غسان الخطيب يؤكد لـ"المجلة" أنه حتى لو سقطت وتغيرت الحكومة الحالية في إسرائيل فإن إجراءات التهويد والضم والقضم لأراضي الفلسطينيين لن تتوقف، مشيرا إلى أن التغيرات الديموغرافية في إسرائيل تعزز التغيرات السياسية والأيديولوجية حيث هاجر عدد كبير من العلمانيين منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر بسبب التغيرات السياسية والأيديولوجية فيما لم يهاجر أتباع اليمين بمن فيهم المتدينون الذين تزداد أعدادهم.
وقال أمير داود مدير دائرة المعلومات في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إن حوالي 53000 دونم من أراضي الضفة الغربية قد صودرت منذ 7 أكتوبر 2023 حتى مطلع يونيو/حزيران، ما يدل على ضم حقيقي تمارسه إسرائيل في الضفة الغربية، بالإضافة إلى شرعنة عشرات البؤر الاستيطانية التي أقيمت على أراضي الفلسطينيين وتحويلها إلى مستوطنات دائمة.