أرشيف الدولة السورية مهم جدا، وكذلك البحث عنه ومعرفة محتوياته لأنه يضع ذلك في اهتمام المؤرخين والدولة السورية الجديدة، للاطلاع على أبرز المحطات التي مرت عليها الدولة بحلوها ومرها، وهي ملك للشعب السوري كله.
هذه المحطات يمكن أن تشكل جوابا لأسئلة بقيت تدور وتبحث عن إجابات. وهذا الأرشيف يبدأ من مساء 7 مارس/آذار 1963، وكيف حصل انقلاب "البعث" الذي قام به نفر من ضباط الجيش السوري؟ ومن شارك فيه؟ وما أهدافه؟ وكيف تم تشكيل "مجلس قيادة الثورة"؟ ومن هم الأعضاء بالاسم والرتبة العسكرية.
والأهم من كل ذلك، كيف تسلل خمسة ضباط كانوا مسرّحين ويعملون بوظائف مدنية في وزارة الاقتصاد ومديرية الموانئ، ولم تكن لهم أية علاقة بالانقلاب إياه ولم يكونوا أعضاء في "مجلس قيادة الثورة"؟ ومن أتاح لهؤلاء الخمسة أن يدخلوا إلى جسم القوات المسلحة السورية ويحتلوا أهم المراكز الحساسة في الجيش، وهم محمد عمران، وصلاح جديد، وحافظ الأسد، وعبد الكربم الجندي، وأحمد الأمير أو المير؟ وكيف تم توزيعهم على أهم المواقع العسكرية مثل "اللواء 70" في الكسوة و"اللواء 13" في القطيفة ومعسكرات قطنا، في توزيع متقن للسيطرة على العاصمة، دمشق، من كل الجهات؟ وتعيين صلاح جديد نائب ثم رئيس شعبة شؤون الضباط في الأركان، وكيف استطاع أن يسرح 2200 ضابط عامل في الجيش من خريجي الكلية العسكرية والأركان، ومجيء قيادة حزب "البعث" التاريخية والتستر وراءها حتى إذا ما تمكنوا انقلبوا عليها في 22 فبراير/شباط 1966، واستلام حافظ الأسد وزارة الدفاع وصلاح جديد رئاسة الأركان العامة، واستخدام ضباط كانوا مرشحين، أي برتبة مساعد، وإعطاؤهم قدما وتشكيل ضباط منهم. كل ذلك كان قبل حرب يونيو/حزيران 1967.
ثم، ما أسرار الادعاء بأن إسرائيل تحشد قواتها على الجبهة السورية وتوريط مصر في هذه الحرب بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي؟ وقبل ذلك، كيف تم استقطاب الجاسوس إيلي كوهين لهؤلاء الضباط على مستوى القيادة، وكانوا دائمي السهر والأكل على موائده؟ ومحاضر التحقيق مع كوهين ومحاكمته وإعدامه.
ثم ما حدث في حرب 1967 وكيف سقطت محافظة القنيطرة والخطط العسكرية ومحاضر اجتماعات القيادة القطرية لـ"البعث" قبل الحرب وبعدها، ولماذا لم يجر التحقيق في الكارثة ومآلاتها وكيفية ترفيع حافظ الأسد المهزوم في الحرب من لواء إلى فريق أول؟ وما أسرار الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد على القيادة القطرية وزجها في السجن لأكثر من 24 عاما؟ ولماذا تم التنكيل باللواء أحمد سويداني والنقيب عدرا، اللذين داهما شقة كوهين ووجداه متلبسا بالتجسس؟ وكان سويداني وقتذاك مدير الاستخبارات وقائدا للشرطة العسكرية.