صدر للفلسطينية/العربية الهوية، وحاملة الجواز الإسرائيلي، غيداء أحمد ريناوي زعبي كتاب "عربية في أروقة البرلمان: قصتي والسياسة في إسرائيل" ("دار رياض نجيب الريس"، بيروت، 2025). وهو كتاب صغير الحجم، لكنه يطرح مسائل إشكالية ومأسوية وأسئلة مزمنة وصعبة على الفلسطينيين والعرب، وعلى كاتبته نفسها.
السيدة ريناوي زعبي من مواليد عام 1972 في الناصرة. وهي اختارت في تعريفها نفسها أن تنتسب إلى عائلتين: عائلة زوجها، وعائلة والدها الناصري المولد أيضا، وطبيب أمراض الكلى في المستشفى الإسكتلندي. وأضافت كبرى بنات الطبيب أنها ابنة "أم كرست نفسها لعائلتها". وكانت عضوة في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي عن حزب "ميرتس" اليساري. وانتخبت إلى تلك العضوية في 24 مايو/ أيار 2021. وأصبحت المرأة العربية الأولى التي تشغل منصب نائب رئيس الكنيست، ضمن ائتلاف حكومي إسرائيلي يساري، قبل أن تبادر إلى الانسحاب منه بعد سنة، احتجاجا على قراراته وسياسته الضارة بمن تمثلهم من فلسطينيي دولة الاستعمار الاستيطاني.
وكانت مجلة "ذي ماركر" اختارت زعبي واحدة من 100 شخصية هي الأكثر تأثيرا في إسرائيل عام 2011. وفي العام 2018 أدرجتها مجلة "فوربس" واحدة من أهم 50 امرأة في الاقتصاد الإسرائيلي.
غزة والضفة والشتات
لكن على خلاف ما يوحي به تعريف كاتبة سيرتها السياسية تعريفا نسبيا ومرتبيا، ليست هذه سوى محطات وعناوين هامشية في الكتاب الذي يروي في سياقات السيرة بعضا من وقائع تمزق فلسطين والفلسطينيين المأسوي إلى 4 فئات، تقوم بينها حواجز تجعلها متشظية ومتباعدة في تاريخها الجغرافي البشري والسياسي، وفي تجاربها الاجتماعية وأوضاعها القانونية والإدارية:
- فلسطينيو غزة البالغ عددهم (قبل الحرب الأخيرة) 5,2 مليون نسمة يعيشون في وضع هو الأكثر بؤسا ومأسوية في العالم، فيما هم يتعرضون لإبادة وتشريد يومي وتجويع. وهذا كله مصور وتبثه الشاشات على مدار الساعة، منذ نحو سنتين.
- فلسطينيو الضفة الغربية أو السلطة الفلسطينية، الذين يعيشون وضعا مأسويا أخر: تدمير بيوتهم ومجتمعهم بتقطيع أوصاله الجغرافية والاجتماعية، طرد بعضهم أو تصفيتهم جسديا، زرع الحواجز العسكرية الإسرائيلية في ديارهم وحصارهم، واقتحام منازلهم ورميهم في السجون.
- فلسطينيو الشتات في ديار الله الواسعة. وهؤلاء تختلف وتتنوع أوضاعهم حسب مواطن شتاتهم. وأبأسهم الذين يعيشون في مخيمات بالبلدان العربية المجاورة لبلادهم المحتلة والمطرودين منها.
فلسطينيو الاختفاء والنسيان
الفئة الرابعة هي عرب/ فلسطينيو إسرائيل ما بعد العام 1948، الذين تنتمي إليهم الكاتبة، وتأسف مستاءة "من عدم معرفة بعض مواطني الدول العربية" بأحوالهم وأوضاعهم. وهذا على "خلاف معرفتهم بفلسطينيي غزة والضفة الغربية والشتات".