تناولت محطة "أيه بي سي نيوز" الأميركية خبر الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار التي فقدت تسعة من أولادها في قصف إسرائيلي لبيتها ترك ولدها الأخير وزوجها في حالة حرجة، وهذه من المرات القليلة التي تُعنى فيها منصة إعلامية أميركية كبرى بذكر الانتهاكات الإسرائيلية في غزة.
إلا أن الخبر لم يكن في جوهره حول تلك "الانتهاكات"، بل هذه مزاعم "وزارة الصحة في غزة"، أي "حماس"، وهو ما التقطه المعلقون، الوهميون والحقيقيون، على حساب المحطة على "إكس"، لإطلاق الحكم الجازم، بأن هذا "خبر كاذب" Fake News. حكم لا يكتسب شرعيته من أي آلية فحص وتدقيق، بل يبدو في حد ذاته آلية رد تلقائية دفاعية/ هجومية، للدحض الآني والسريع، انطلاقا من سلسلة انحيازات مسبقة أخرى يمكن اختصارها بـ: هل أنت "مع" إسرائيل (حرب إسرائيل على غزة/ احتلالها إلخ) أم "ضدها"؟ بناء على ذلك يمكنك الرد فورا، عند اطلاعك على منشور كهذا (حتى دون الحاجة إلى قراءة الخبر كاملا)، دون الحاجة إلى مشاورة مصادر أخبار أخرى، أو القيام ببعض الجهد لفحص مصداقية الخبر من عدمها.
تصنيفات مسبقة
هذا الخبر ليس استثناء. كل الأخبار التي تتناول الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، تصنّف مسبقا بهذه الطريقة، وبالتالي لا يهم حجم الفظاعة التي تعكسها المشاهد المتدفقة من غزة، بصورة يومية تقريبا، فالحكم جاهز دوما: أخبار كاذبة، دعاية "حماس"، معاداة السامية. أحد المعلقين على منشور آخر على حساب قناة "سكاي نيوز" البريطانية على "إكس"، تضمن صورة طفل ملقى على سرير، يكاد يموت جوعا بفعل الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومنعها دخول المساعدات، وقد أصبح الطفل كتلة عظام وأوشك على الموت، قال ذلك المعلق: "كيف نصدق أن هذا الطفل يموت جوعا بينما تبدو أمه في الصورة بصحة جيدة، هذا الطفل يعاني من مرض ما، وحماس تسوّق الأمر على أنه بسبب الجوع". معلق آخر اتهم القناة بأنها معادية للسامية. معلق آخر على خبر الطبيبة المفجوعة، سارع إلى القول: "إن صح الخبر، فهذا لأن حماس تصر على اتخاذ المدنيين دروعا بشرية".