غزة: جاء فوز المصورة الصحافية الفلسطينية سمر أبو العوف بجائزة الصحافة العالمية لعام 2025، عن الصورة الأيقونية التي التقطتها بالهاتف المحمول للطفل محمود عجور (9 سنوات) الذي فقد كلتا ذراعيه، وكانت نشرتها "نيويورك تايمز" في يونيو/ حزيران 2024 على صدر صفحتها الأولى، ليذكر العالم بمأساة لا تزال فصولها تتوالى خلال حرب غزة. فالصورة بتفاصيلها كافة، بما فيها ملامح وجه الطفل محمود، تجسد حجم المعاناة التي يعيشها أطفال غزة، فضلا عن البالغين الذين فقدوا أيضا أطرافهم.
فبعد أن تنتهي الحرب ويتوقف القتال، يبقى أولئك الضحايا طويلا مع ندوب جسدية ونفسية، تمثل عائقا أمام استئناف حياتهم، ولكن حين يتعلق الأمر بالأطفال، فإن الألم يبدو مضاعفا. أولئك الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا، فالآلاف منهم قتلوا أو يتموا، وآلاف غيرهم بترت أطرافهم وباتوا أمام واقع مأسوي جديد رُسمت فيه ملامح مستقبلهم قبل أن يبدأ.
ذكريات الأجساد
"المجلة" التقت بعض أولئك الأطفال المبتوري الأطراف، سواء في المخيمات المتهالكة على أطراف مدينة غزة، أو في المستشفيات الميدانية القليلة، متخذين مساحة مؤقتة من العيش يقيدها البتر، وتحتشد بذكريات أجساد كانت كاملة، وأحلام باتت مشوهة. القذائف التي لا تفرق بين طفل وبالغ، تركت في أجسادهم جروحا لا تلتئم، فأخذت أطرافهم، وخطفت أحبتهم، وتركتهم يتأملون مأساتهم بحرقة.
"كانت يدي جميلة وقوية، وصرت أخجل من إظهارها أمام الناس"، يقول حامد أبو سل، ابن التسعة أعوام، وهو ينظر إلى موضع اليد المبتورة التي كانت تحمل يوما أقلامه وألعابه. يرفعها أحيانا، كما اعتاد، لكنها لم تعد هناك. "أشعر أنها خفيفة أكثر من المتوقع، عندها فقط أعرف أنها اختفت".