مع دخول الولايات المتحدة بشكل مباشر في الضربات على المنشآت النووية الإيرانية وانتقالها من الدعم غير المباشر لإسرائيل إلى المشاركة الفعلية، بدا أن روسيا في طريقها إلى تجرع خسارة مؤلمة ثانية في الشرق الأوسط في أقل من سبعة شهور. وبغض النظر عن مآلات الأوضاع بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية، فإن روسيا في طريقها إلى خسارة شريك استراتيجي مهم لا يمكن مقارنة تداعيات فقدانه بتلك التأثيرات الناجمة عن سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي.
تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وتنديده بالضربات الأميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية وبالهجمات الإسرائيلية قبلها، لم تخف أن موسكو غير راغبة أو قادرة على تقديم المزيد من العون لطهران.
وعلى عكس الولايات المتحدة التي ظهرت كحليف موثوق دعم إسرائيل بالأسلحة ومنحها ضوءا أخضر بالتصرف منفردة وتدخل حين الضرورة، اقتصر الدور الروسي على التنديد بالضربات الإسرائيلية ولاحقا الأميركية، ومواصلة الدعوات للتفاوض وطرح نفسها كوسيط، والتحذير من نتائج كارثية على المنطقة والعالم في حال توسعت الحرب. والأرجح أن تردد الكرملين في تزويد طهران بمنظومات دفاع جوي أو طائرات حديثة سيعزز مشاعر عدم الثقة التاريخية بين البلدين، ويمكن أن يفتح على ضياع استثمارات روسيا في إيران في إطار عملية إعادة تموضع جيوستراتيجية نتيجة مراجعات داخل النظام الحالي أو أي نظام مقبل في حال تفاقمت الأوضاع الداخلية نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية وتوسعت الشروخ بين نظام الحكم الديني في إيران والشعوب القاطنة فيها. وربما تكون خسارة روسيا مضاعفة في حال نشوب حرب أهلية في إيران قرب حدودها الجنوبية في منطقة ذات أهمية خاصة للأمن الاستراتيجي الروسي.