استغرق الزعيم الصيني شي جين بينغ خمسة أيام ليصدر أول تعليق على الهجوم الواسع الذي شنته إسرائيل في 13 يونيو/حزيران 2025 ضد منشآت نووية وعسكرية إيرانية، في عملية وُصفت بأنها الأخطر في الشرق الأوسط منذ عقود. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة بعد عشرة أيام بضربات مباشرة استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية، ورد طهران المحدود بقصف قاعدة العديد الأميركية في قطر، بدت المنطقة على شفير مواجهة إقليمية شاملة أثارت مخاوف من تسرب إشعاعي، وتعطيل طرق الطاقة، وزعزعة الاستقرار في الخليج.
في خضم هذه التطورات، راقبت الصين المشهد عن كثب، واضعة في اعتبارها حسابات أوسع تتجاوز حدود الأزمة، بدءا من استقرار الخليج وصولا إلى مضيق تايوان.
لكن سرعان ما تم احتواء التصعيد، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار في 24 يونيو، وفق شروط غير واضحة، وبخطاب غلب عليه التناقض بين التهديد بتغيير النظام في طهران والدعوة إلى التفاوض. ورغم انتهاء الجولة العسكرية، فقد فتحت هذه المواجهة القصيرة والمكثفة بابا واسعا لطرح الأسئلة حول مواقف القوى الكبرى، وفي طليعتها الصين، التي اختارت التريث والحذر، من دون أن تتخلى عن مواقفها المبدئية الرافضة لاستخدام القوة.
لكن على عكس الاستجابات الغربية المباشرة، جاء التحرك الصيني مشبعا بالحذر والانتقائية، ما يثير أسئلة أعمق حول أهداف بكين الطويلة الأمد. فقد طرحت حرب الـ12 يوما تساؤلات جوهرية حول ما تعنيه هذه المواجهة للصين، خاصة فيما يتعلق بتوازناتها الدولية وحساباتها في ملف تايوان. فهل ترى بكين في هذا النزاع نموذجا لصراع إقليمي قد يتحول إلى مواجهة أوسع بين قوى كبرى؟ وهل يدفعها ما جرى إلى إعادة تقييم سيناريوهات التدخل الأميركي إذا اندلعت أزمة في مضيق تايوان؟ كما يثير الصراع مسألة ما إذا كانت بكين ستظل قادرة على الحفاظ على موقف مبدئي ضد استخدام القوة، أم إنها ستضطر مستقبلا لتبني نهج أكثر برغماتية حين تُختبر مصالحها الحيوية بشكل مباشر.
وفوق ذلك، يثير الدعم الأميركي الضمني للهجوم الإسرائيلي على إيران، ثم دخول واشنطن المباشر في الحرب من دون غطاء دولي أو إقليمي واضح، تساؤلا عن مدى تأثير هذا النموذج في حسابات الصين تجاه تايوان. فهل ترى بكين في هذا السلوك سابقة تتيح لها التصرف مستقبلا بمعزل عن التوافق الدولي إذا ارتأت أن مصالحها القومية مهددة؟ خصوصا أن التحرك الإسرائيلي-الأميركي لم يأتِ ردا على تهديد وشيك بالمعنى القانوني، بل كان مدفوعا بتقدير ذاتي لخطر مستقبلي على الأمن القومي، وهو منطق قد تستخدمه الصين بدورها لتبرير أي تحرك تجاه الجزيرة.