هل ينجح ترمب في إنهاء حرب غزة؟

هل ينجح ترمب في إنهاء حرب غزة؟

استمع إلى المقال دقيقة

بعد الدعم الثابت الذي قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإسرائيل في مواجهتها العسكرية مع إيران، يتوقع الزعيم الأميركي أن يُبدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدرا من الامتنان خلال لقائهما المرتقب في واشنطن.

فقد أدى قرار ترمب بتفويض قصف المنشآت النووية الإيرانية الحيوية إلى قيام الجيش الأميركي بنشر أربع عشرة قنبلة خارقة للتحصينات، استهدفت منشآت نووية إيرانية شديدة التحصين تحت الأرض في منشأتي نطنز وفوردو.

ورغم تنفيذ إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية استهدفت منشآت وشخصيات إيرانية بارزة، فإنها كانت تفتقر إلى القدرات العسكرية اللازمة لضرب المنشآت المحصنة تحت الأرض، وفي مقدمتها مجمّع فوردو الواقع في أعماق سلسلة جبلية.

لذلك، أتاح قرار ترمب باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات التي يبلغ وزن كل منها 13.000 كيلوغرام (30.000 رطل) والقادرة على اختراق 18 مترا (60 قدما) من الخرسانة أو 61 مترا (100 قدم) من التربة قبل الانفجار، لإسرائيل قدرة نارية كانت تفتقر إليها بشدة.

ورغم استمرار الجدل داخل الأوساط الاستخباراتية بشأن مدى فاعلية الضربة الأميركية في تعطيل البرنامج النووي الإيراني، في ظل مؤشرات على أن طهران قد استأنفت بالفعل تخصيب اليورانيوم، فإن طبيعة ترمب تدفعه إلى مطالبة نتنياهو بتقديم شيء ما مقابل دعمه لحرب إسرائيل ضد إيران.

من هذا المنطلق، يُرجَّح أن تتصدر أحدث جهود إدارة ترمب للتوسط في وقف إطلاق نار في غزة جدول أعمال زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن الأسبوع المقبل.

وقد أعلن ترمب بالفعل أن نتنياهو وافق على "الشروط اللازمة" لوقف إطلاق نار يمتد لستين يوما، داعيا قيادة "حماس" إلى أن تحذو حذوه..

وفي منشور على موقع "تروث سوشيال" في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستتعاون "مع جميع الأطراف" لإنهاء الحرب في غزة خلال فترة الهدنة، وحثّ حركة "حماس" على الموافقة على الصفقة. وفي منشور آخر، كتب بوضوح: "أبرموا صفقة في غزة. أعيدوا الرهائن".

مع ذلك، تسود أجواء من القلق داخل البيت الأبيض حيال مدى التزام نتنياهو بتطبيق وقف إطلاق النار، لا سيما وأن المحادثات الرامية إلى إنهاء القتال ترافقت مع تصعيد ملحوظ في الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 56 ألف فلسطيني لقوا حتفهم منذ اندلاع النزاع في غزة، عقب هجمات شنتها "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل، أسفرت عن مقتل 1200 شخص وأسر 250 آخرين.

طبيعة ترمب تدفعه إلى مطالبة نتنياهو بتقديم شيء ما مقابل دعمه لحرب إسرائيل ضد إيران

شهدت الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن التوصل إلى وقف إطلاق نار استمر ثمانية أسابيع، غير أن إسرائيل عاودت العمليات العسكرية في مارس/آذار، في مسعى للضغط على "حماس" للقبول بشروط جديدة تتعلق بالمرحلة التالية. وتمثلت إحدى أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات الأخيرة في مطالبة "حماس" بأن يتضمن الاتفاق التزاما واضحا من جانب إسرائيل بإنهاء الحرب، وهو ما قوبل بالرفض من الطرف الإسرائيلي.
وأكّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن الإدارة على تواصل مستمر مع الحكومة الإسرائيلية، وأوضحت أن ترمب يعتبر إنهاء الحرب في غزة واستعادة الرهائن المتبقين لدى "حماس" أولوية قصوى.
ووفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن الحكومة الإسرائيلية باتت تُبدي مرونة أكبر عند الحديث عن نهاية الحرب مقارنة بمواقفها السابقة.
وقد عزز ذلك قناعة ترمب، بعد نجاحه في احتواء التصعيد بين إيران وإسرائيل، بأنه في موقع ملائم لإنهاء الأعمال العدائية في غزة.
وخلال حديثه للصحافيين، قال ترمب إن نتنياهو "يريد ذلك أيضا"، في إشارة إلى اتفاقية تشمل وقف إطلاق نار، وإطلاق سراح الرهائن، وإنهاء حرب غزة. وأعرب عن اعتقاده بأن التوصل إلى هدنة واتفاق بشأن الرهائن بات قريبا. وترى إدارة ترمب بوضوح أنه، بعد الدعم الكبير الذي قدّمته لإسرائيل خلال صراعها مع إيران، لم يعد هناك ما يبرّر رفضها دعم وقف إطلاق النار في غزة. وأكد ترمب أنه، بعد "النجاح الكبير الذي حققناه مع إيران"، سيناقش ملف غزة مع نتنياهو، مشددا: "نريد استعادة الرهائن".

أعرب ترمب عن استيائه من إسرائيل عقب تقارير أفادت بأنها أطلقت صواريخ على إيران بعد وقت قصير من إعلانه وقف إطلاق النار

وسيجد نتنياهو- الذي لم تكن علاقته مع ترمب دائما خالية من التوترات- نفسه تحت ضغوط شديدة للامتثال لمطالب الزعيم الأميركي، مدركا أن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق قد يثير استياء جديدا في البيت الأبيض.
وكان ترمب قد أعرب بوضوح عن استيائه من تصرفات نتنياهو، منتقدا إياه بسبب خرق وقف إطلاق النار الذي رتّبه البيت الأبيض لإنهاء النزاع مع إيران.
وأعرب ترمب عن استيائه من إسرائيل عقب تقارير أفادت بأنها أطلقت صواريخ على إيران بعد وقت قصير من إعلانه وقف إطلاق النار. كما وُجهت اتهامات لإيران بخرق الاتفاق، وقد نجح غضب ترمب في دفع الطرفين إلى إنهاء الأعمال العدائية.
ويأمل الرئيس الأميركي في تحقيق نتيجة مماثلة بعد لقائه المرتقب مع نتنياهو، إذ يكثف البيت الأبيض الضغط على قطر ومصر، اللتين شاركتا أيضا في محادثات وقف إطلاق النار، لدفع "حماس" إلى الموافقة على الاتفاق.
ولا شك أن أي محاولة من جانب نتنياهو لتأجيل خطط ترمب المتعلقة بوقف إطلاق النار قد تقوّض العلاقة المتينة التي تشكلت بين إسرائيل والولايات المتحدة بفعل تعاونهما الوثيق في استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

font change