محافظ حلب لـ"المجلة": علاقة جيدة مع المكون الكردي... والأشرفية والشيخ مقصود سيعودان لسيادة الدولة

عزام الغريب قال ان تركيا تقوم بـ "دور محوري" ولا أطماع لها في الأراضي السورية

المجلة
المجلة
محافظ حلب عزام الغريب

محافظ حلب لـ"المجلة": علاقة جيدة مع المكون الكردي... والأشرفية والشيخ مقصود سيعودان لسيادة الدولة

قال محافظ حلب عزام الغريب، في حديث إلى "المجلة"، إن العلاقة مع "المكون الكردي إيجابية ومبنية على التعايش التاريخي"، لافتا الى ان الاتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في 10 مارس/آذار يشمل حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب و "مصيرهما العودة الكاملة إلى سيادة الدولة، وعودة الخدمات إليهما تحت إدارة مجلس مدينة حلب".

وأوضح الغريب ان المدينة تواجه "تحديات أمنية معقدة" بينها خلايا "داعش"، لافتا إلى أن قوات الأمن "نفذت عمليات نوعية في أحياء الحيدرية والهلك ومدينة السفيرة، أسفرت عن ضبط عناصر متورطين في نشاطات إرهابية". وأضاف أن "السلاح المنفلت" تحد كبير في حلب، ثاني اكبر مدينة سورية، و"نعمل على جمع الأسلحة غير القانونية عبر برامج تسليم طوعي"، لافتا إلى أن السلطات بدأت عملية تركيب 2000 كاميرا لتعزيز الأمن. وقال الغريب إنه "مع الاستقرار وإعادة الإعمار، وأن حلب كعاصمة اقتصادية مرشحة لاستعادة مكانتها خلال 5-10 سنوات".

وأكد أن دور تركيا في استقرار حلب "محوري" وهناك "شراكة استراتيجية"، مستطردا: "لا أعتقد أن لدى تركيا أية أطماع في الأراضي السورية".

وهنا نص الحديث الذي جرى قبل زيارة قائد "قسد" مظلوم عبدي الى دمشق في 10 يوليو/تموز وعدم حصول اختراق في المفاوضات مع الحكومة السورية:

* ما التحديات التي تواجهكم في هذه المرحلة الانتقالية، خصوصا أن حلب عانت كثيرا من الحرب والدمار على يد جيش النظام؟ وماذا تعني مبادرة "لعيونك يا حلب" التي أطلقت قبل عدة أيام؟

- في ظل التحديات التي تمر بها سوريا، تواصل حلب جهودها لتعزيز الاستقرار الأمني، وتحسين الأداء الإداري، ومعالجة أزمات الطاقة، وتنفيذ الاتفاقات الوطنية لاستعادة مؤسسات الدولة وانتظام الحياة العامة.

وقبل أيام أطلقنا مبادرة "لعيونك يا حلب"، وهي مبادرة أهلية بدعم المحافظة تهدف إلى تحسين البنية التحتية، والواقع الأمني، وتجميل الحدائق والشوارع، والصحة، والتعليم، وتسريع عودة النازحين.

مع الاستقرار وإعادة الإعمار، ستكون حلب مرشحة لاستعادة مكانتها خلال 5-10 سنوات، بشرط الدعم الدولي والمحلي

* وما أبرز التحديات الأمنية التي تواجه محافظة حلب؟ وكيف تعملون على تحقيق الاستقرار الأمني خصوصا أن الأمن كما تعلمون هو العامل الأول في تحسين الواقع التنموي وجذب المستثمرين؟ 

- تواجه حلب تحديات أمنية معقدة بعد سقوط الأسد البائد. لكن المحافظة شهدت انخفاضا ملحوظا في التهديدات الأمنية، خاصة بعد الاتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والذي يشمل حيي الشيخ مقصود والأشرفية. ومع ذلك، هناك الكثير من التحديات، أبرزها:  

خلايا "داعش"، إذ نفذت قوات الأمن عمليات نوعية في أحياء الحيدرية والهلك ومدينة السفيرة، أسفرت عن ضبط عناصر تورطوا في نشاطات إرهابية.  

فلول النظام البائد، حيث يتم التعامل بحزم مع أفراد متوارين متورطين في انتهاكات ضمن عمليات أمنية دقيقة، مع تفعيل لجان عدالة انتقالية.  

السلاح المنفلت، إذ إننا نعمل على جمع الأسلحة غير القانونية عبر برامج تسليم طوعي. 

ولتحقيق استقرار أكبر، نركز على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وتدريب قوات محلية موحدة، وتعزيز الثقة عبر حوارات ومبادرات مجتمعية.  

وضمن مبادرة "لعيونك يا حلب"، نطلق مشروع "أماننا مستقبلنا" لزرع كاميرات مراقبة، حيث أنجزنا 80 في المئة من مد الكابلات الضوئية، ونستهدف تركيب 2000 كاميرا في المرحلة الثانية بتكلفة 800 ألف دولار لتعزيز الأمن. 

أ ف ب
الأضرار والدماء في موقع الهجوم الانتحاري في كنيسة مار الياس في منطقة الدويلعة بدمشق، 22 يونيو 2025

* معلوم أن حلب كانت تشكل العاصمة الاقتصادية لسوريا بما تسهم به من نسبة كبيرة في الإنتاج الوطني، كيف تخططون لتحفيز الاقتصاد المحلي وتشجيع الاستثمار؟ هل ستعود حلب عاصمة اقتصادية؟ 

- حلب تمتلك إمكانيات اقتصادية هائلة، لكنها تعاني من إرث النظام السابق، بما في ذلك الترهل المؤسسي، والفساد الإداري، وضعف الكفاءة، إلى جانب نظام ضريبي غير متوازن. خطتنا تشمل:  

أولا، إصلاح النظام الضريبي، وننسق مع الحكومة لإعادة تنظيم الضرائب لتحفيز النمو.  

ثانيا، إحياء القطاعات التقليدية، وإعادة تأهيل مناطق صناعية مثل الشيخ نجار، مع تسهيلات ضريبية ودعم الطاقة. كما أقمنا عدة ورشات من شأنها دعم قطاع السياحة في حلب. 

وهناك مبادرات جارية، ضمن مبادرة "لعيونك يا حلب"، إذ يواصل مشروع "منورة يا حلب" تنوير شوارع حلب الشرقية والغربية، حيث استهدفنا 11 قطاعا بـ3544 وحدة إنارة بتكلفة 2.3 مليون دولار، وقد أنجزنا المرحلة الأولى (932 وحدة إنارة لـ45 كم) بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، مع استكمال المراحل الثانية والثالثة لتشمل ريف حلب، مما يعزز الأنشطة التجارية.  

بالنسبة إلى عودة حلب كعاصمة اقتصادية، فإنه مع الاستقرار وإعادة الإعمار، ستكون حلب مرشحة لاستعادة مكانتها خلال 5-10 سنوات، بشرط الدعم الدولي والمحلي. 

لا أعتقد أن لدى تركيا أية أطماع في الأراضي السورية خصوصا أنها دعمت دائما وحدة الأراضي السورية ورفضت مشاريع التقسيم

* شكلت القضية الكردية تحديا صعبا ضمن القضية السورية على مستوى سوريا لكن لو سألنا على مستوى حلب. كيف تصفون علاقة المحافظة مع المكون الكردي في الأشرفية والشيخ مقصود؟ 

- العلاقة مع المكون الكردي إيجابية ومبنية على التعايش التاريخي. الاتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية" يشمل حيي الأشرفية والشيخ مقصود، وبالتالي مصيرهما العودة الكاملة إلى سيادة الدولة، وعودة الخدمات إليهما تحت إدارة مجلس مدينة حلب.  

بالنسبة إلى التمثيل المحلي، فإننا نشرك المكون الكردي في المجالس المحلية ومؤسسات الحوكمة، مع ضمان تمثيل عادل. 

أ ف ب
الرئيس السوري أحمد الشرع (يمين) والقائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي يوقعان اتفاقية لدمج "قوات سوريا الديمقراطية" في مؤسسات الدولة، دمشق، 10 مارس 2025

* طوال السنوات السابقة كان لتركيا نفوذ واضح في الشمال السوري قبل التحرير، لكن الآن وبعد التحرير كيف تقيمون دور تركيا في حلب؟ هل هو شراكة استراتيجية أم تعاون ظرفي؟ 

- دور تركيا محوري في استقرار حلب، عبر دعم البنية التحتية والخدمات.  

وبالنسبة إلى تقييم الدور، هناك شراكة استراتيجية حاليا، لكنها تحمل جوانب ظرفية تتعلق بالتوازنات الإقليمية. وبين أمثلة التعاون، اتفاقية التوأمة مع غازي عنتاب تدعم عودة اللاجئين، ومشاريع تركية في التعليم والصحة. ونحرص على أن يكون التعاون في مصلحة حلب، مع احترام سيادتها وأولوياتها. 

* لا شك أن لتركيا مصالح استراتيجية في حلب والبعض يحاول وصف هذه الأهداف بأنها أطماع في الشمال السوري لكن من وجهة نظركم. ما الأهمية الاستراتيجية لحلب بالنسبة لتركيا؟ 

- لا أعتقد أن لدى تركيا أية أطماع في الأراضي السورية خصوصا أنها دعمت دائما وحدة الأراضي السورية ورفضت مشاريع التقسيم. لكن يمكن القول إن حلب ذات أهمية كبيرة لتركيا لعدة أسباب:  

أولا، الموقع الجغرافي، إذ إن حلب بوابة شمال سوريا، مما يجعلها مركزا للتجارة وداعما للأمن القومي التركي.  

ثانيا، الاستقرار الذي يحد من تدفق اللاجئين ويقلل التهديدات الأمنية (داعش، جماعات مسلحة غير منضبطة).  

ثالثا، المصالح الاقتصادية، حيث إن حلب مركز تجاري تاريخي، وتركيا تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري. وستكون مصالح حلب ضمن هذه العلاقة عبر شراكات متوازنة. 

في التعليم والصحة، نعمل على تأهيل المدارس والمستشفيات ضمن مبادرة "ضع بصمتك" وضمن خططنا لدعم التعليم، وتطوير المستشفيات

* عندما أتيتم إلى المحافظة لا شك أنه كانت لديكم رؤية وخطة عمل، لذلك دعني أسألكم كيف تقرأون موقع حلب ضمن الخريطة السورية في السنوات الخمس المقبلة؟ 

- حلب ستظل مركزا حيويا بفضل موقعها وتاريخها. وكان الرئيس أحمد الشرع، قد أكد خلال زيارته الأخيرة لمدينة حلب أنها ستكون أعظم منارة اقتصادية، حيث صرح من قلب قلعتها بأن حربنا مع الطغاة قد انتهت، وبدأت معركتنا ضد الفقر.  

اقتصاديا، ستستعيد دورها كمركز صناعي وتجاري مع إعادة إعمار المناطق الصناعية وتحسين البنية التحتية. وإداريا، قد تصبح مركزا إداريا أكثر استقلالية في ظل اللامركزية، حسب المسار السياسي. التحديات تشمل الأمن ونقص التمويل، لكن رؤيتنا وأهدافنا هي جعل حلب نموذجا للتعافي السريع. 

الرئاسة السورية
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي وفدا من الطائفة المسيحية في محافظة حلب في 28 مايو

* لا شك أن التحديات التي تواجهكم كبيرة وصعبة لكن أعتقد أن لديكم ترتيب أولويات في المرحلة القادمة فما أولوياتكم العاجلة والإسعافية كمحافظ؟ 

- أولوياتنا تشمل الكثير من النواحي: الأمن، أي جمع السلاح المنفلت، وضبط التجاوزات مع تركيب 2000 كاميرا مراقبة ضمن مبادرة "أماننا مستقبلنا" بتكلفة 800 ألف دولار.  

بالنسبة إلى البنية التحتية، نعمل على إصلاح شبكات الكهرباء والمياه. حيث وقّعت الحكومة عقدا مع شركة قطرية لإنشاء محطات توليد بطاقة 5000 ميغاواط، مما سيرفع التغطية إلى 70-85 في المئة خلال ثلاث سنوات. ومحليا، نفعّل محطة دير حافر، ونصلح الشبكة الداخلية، ونفصل الشبكة الصناعية عن المنزلية، ونكافح سرقة الكابلات.  

وفي التعليم والصحة، نعمل على تأهيل المدارس والمستشفيات ضمن مبادرة "ضع بصمتك" وضمن خططنا لدعم التعليم، التي تشمل ترميم المدارس، وإنشاء مدارس نموذجية، وتطوير المستشفيات بأجهزة متطورة مثل أجهزة المناظير لمشفى الجامعة. وفي الاقتصاد، العمل على تحفيز الاستثمار وتشغيل المصانع، مع إصلاح البيروقراطية. 

* لا شك أن الأعباء كبيرة ولا يمكن للدولة والمحافظة وحدها القيام بحمل كل هذه الأعباء فهل تتطلعون لفسح المجال أمام المجتمع المحلي وما دور المجتمع المحلي والمجالس المحلية في استقرار حلب؟ 

- المجتمع المحلي والمجالس المحلية ركيزة أساسية، إذ إنه بالنسبة إلى دور المجتمع نشجع المبادرات الأهلية ونرحب بها وندعمها وشهدت حلب في الشهور الماضية الكثير من هذه المبادرات التي لمسنا أثرها بشكل مباشر على واقع المدينة.  

كما أننا ندعم اللامركزية الإدارية، حيث نعمل على تمكين المجالس المحلية باتخاذ قرارات الخدمات والتنمية، مع ضمان تمثيل كافة المكونات. 

حاليا يواجهنا التحدي الأكبر وهو المركزية الحالية بسبب الوضع الانتقالي والمرحلة الانتقالية، لكننا نعمل على إطار قانوني لدعم التمثيل المحلي. 

نؤكد التزامنا بإعادة بناء حلب كمركز اقتصادي واجتماعي، مع الحفاظ على تنوعها وتاريخها كما نطمح لمستقبل يعيد للمحافظة بريقها، بدعم أهلها وشركائها

* لا شك- كما تعلمون- أن حلب الشرقية تعرضت لدمار هائل على يد جيش النظام مما تسبب في موجة من النزوح واللجوء فما خطتكم لإعادة إعمار أحياء حلب الشرقية وتسريع عودة اللاجئين؟ 

- أحياء حلب الشرقية تعرضت لدمار هائل. وحاليا لدينا خطة تشمل إعادة الإعمار واستهداف البنية التحتية (ماء، كهرباء، طرق) والمباني السكنية، مع إزالة الأنقاض وتأهيل المدارس والمستشفيات. ضمن "لعيونك يا حلب"، يدعم مشروع "منورة يا حلب" الأحياء الشرقية بإنارة 45 كم في المرحلة الأولى، و"رح ترجع أحلى" يجمّل الدوارات ومداخل المدينة.  

أما التحديات التي نوجهها فهي نقص التمويل وتعقيدات ملكية العقارات حيث قامت ميليشيات النظام البائد بالاستيلاء بطرق غير شرعية على أملاك كثير من المواطنين، لكننا قمنا بتشكيل "لجنة الغصب البين" والتي من شأنها دراسة ومراجعة ملكية كافة العقارات المسلوبة سابقا. 

رويترز
أشخاص يركبون دراجة نارية أمام مبنى متضرر في حلب، سوريا، 14 مايو

* ماذا تقولون لأبناء حلب في الخارج ولأصحاب رؤوس الأموال من التجار الحلبيين والمستثمرين العرب؟ 

- رسالتي لأهالي حلب في بلاد اللجوء والمخيمات: حلب تنتظركم وهي بحاجة ماسة لكم وتناديكم لمداواة جراحها وإعادة الحياة لها كما كانت فكونوا بارين بها. كما أدعو المستثمرين السوريين والعرب لاغتنام الفرصة للاستثمار في حلب، قلب سوريا النابض وعاصمتها الاقتصادية.  

حاليا هناك فرص كبيرة للاستثمار في الصناعات (النسيج، الغذاء)، والتجارة، والخدمات (السياحة، اللوجستيات)، بتسهيلات ودعم لوجستي. مع تحسين البنية التحتية والأمن.  

ورسالتي للمستثمرين: استثماركم ومساهمتكم في إحياء حلب، ليس فقط ربحا اقتصاديا، بل بناء لمستقبل المدينة وهو موقف أخلاقي ووطني قبل أن يكون سعيا للربح. 

* مستقبل حلب؟ 

- نؤكد التزامنا بإعادة بناء حلب كمركز اقتصادي واجتماعي، مع الحفاظ على تنوعها وتاريخها كما نطمح لمستقبل يعيد للمحافظة بريقها، بدعم أهلها وشركائها. 

font change