النازحون السوريون الجدد في لبنان... من وطن مكسور إلى ملجأ مرهقhttps://www.majalla.com/node/326652/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%AD%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%B7%D9%86-%D9%85%D9%83%D8%B3%D9%88%D8%B1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%84%D8%AC%D8%A3-%D9%85%D8%B1%D9%87%D9%82
في صباح الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، كان غانم الشمالي مع عائلته في منزلهم ببلدة زيتا السورية، يشاهدون سيلًا من السيارات المليئة بالنازحين تمرّ من أمام منزلهم الذي يقع على الطريق العام. ورغم ذلك لم يتخذوا قرار الرحيل بل قرروا البقاء. ولكن الساعات القادمة ستغيّر مصيرهم. دخل مسلحون البلدة، واقتربوا من منزله، ثم وجّهوا له تهديدًا مباشرًا: "دمك مباح لأنك شيعي".
ما عاشته عائلة الشمالي تكرر في مناطق وقرى عدّة ذات غالبية شيعية في ريف حمص ودمشق والساحل، وفتحت الباب أمام موجة نزوح جديدة شملت لبنانيين مقيمين في سوريا وسوريين شيعة وعلويين على حد سواء، تركوا منازلهم تحت تهديد مباشر، وعبروا إلى لبنان بحثًا عن الأمان، ليتمركزوا في بلدات ومناطق ذات غالبية شيعية وعلوية.
ساعات النزوح الأولى في البلدات الحدودية اللبنانية كانت أشبه بفوضى موجعة، آلاف من العائلات السورية واللبنانية وصلوا إلى لبنان، معظمهم من النساء والأطفال، وكبار السن، بعضهم أسعفه الحظ، ووجد مكانا في جامع أو حسينية بلدة حدودية، أمّا الغالبية العظمى فقد أمضوا أيامهم الأولى في الطرقات. لاحقا بدأت الاستجابة الإنسانية من قبل السلطات المحلية والأحزاب الفاعلة في هذه القرى، تمّ تأمين مساكن مؤقتة لغالبية النازحين، البعض تمكن من استئجار منزل وآخرون نصبوا الخيام على الطرقات بجوار منازل أقاربهم. أمّا في بلدة الشواغير الحدودية وضعت وحدات سكنية جاهزة في أرض شاسعة، خصّصها "حزب الله" لـ 70 عائلة فقدت أحد أفرادها بالقتال إلى جانبه في سوريا بحسب معلومات "المجلة".
بلدة القصر الحدودية هي إحدى القرى التي تدفق إليها آلاف النازحين بين سوريين ولبنانيين من الطائفة الشيعية تحديدا
وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية حنين السيّد لفتت في حديث لـ"المجلة" أنه بعد سقوط النظام السوري "شهدت الحدود اللبنانية السورية حركة نزوح جديدة باتجاه لبنان، خاصة في مناطق بعلبك الهرمل ثم خلال شهر مارس/آذار دخلت مجموعات جديدة إلى عكار والشمال. لدينا مسوح تُظهر فئات توزّع هؤلاء وقد تشاركناها مع الحكومة، ويتم التنسيق مع البلديات والأجهزة الأمنية والفرق الميدانية لمتابعة أوضاعهم وتأمين احتياجاتهم عبر خطة لبنان الاستجابة".
وأضافت: "ليس هناك من مخيمات رسمية في لبنان وإن كانت فهي غير شرعية وأن الأمر لم يبحث في مجلس الوزراء وعلى السلطات المحلية من محافظ وبلديات اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة مع الإشارة إلى أن 86 في المئة من النازحين السوريين الجدد دخلوا إلى لبنان بطريقة غير شرعية".
مفوضية اللاجئين: أكثر من 100 ألف وافد جديد
من جهتها أكّدت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان ليزا أبو خليل لـ"المجلة"، أنه "منذ سقوط النظام السوري السابق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتصاعد أعمال العنف في المناطق الساحلية السورية في مارس 2025، دخل إلى لبنان حوالي 108.754 وافدًا سوريًا جديدًا، وتحديدًا إلى مناطق البقاع وبعلبك-الهرمل، بالإضافة إلى الشمال وعكار".
سوريون يعبرون نهر الكبير، الذي يشكل الحدود بين محافظة اللاذقية الغربية السورية وشمال لبنان في منطقة حكر الضهر في 11 مارس
بلدة القصر الحدودية هي إحدى القرى التي تدفق إليها آلاف النازحين بين سوريين ولبنانيين من الطائفة الشيعية تحديدا، "المشهد في طرقاتها صباح الثامن من ديسمبر كان مفجعا" بحسب ما وصف رئيس بلديتها حسين زعيتر لـ"المجلة"، في الساعات الأولى لسقوط النظام وصل إلى البلدة حوالي 3000 عائلة نازحة، لم نستطع تأمين مأوى لهذا العدد الكبير، فاضطرت الكثير من العائلات المكوث في الطرقات لأيام طويلة، الجوامع والمدارس وحسينيات البلدة لم تتسع لكل هؤلاء، خصوصا أنّ النزوح كان مفاجئا، وبأعداد كبيرة، والإمكانيات المادية واللوجستية للبلديات لا يمكن أن تلبي احتياجات هذا الكم من الأشخاص الذين دخلوا في غضون ساعات إلى البلدة".
نازحون جدد: إما الموت وإما الرحيل
رغم مشاهد النزوح التي كانت تمرّ أمام منزله، تمسّك غانم الشمالي بالبقاء. "كنا نأمل أن لا نختبر التهجير مرة أخرى"، يقول لـ"المجلة"، مشيرًا إلى أنه نزح للمرة الأولى عام 2013 من حي الوعر في حمص بعد دخول مسلحين إلى أحيائنا.
ويضيف: "بقيت ليومين في منزلي بعد سقوط النظام، رغم دخول المسلحين بلدتنا واقترابهم من المنازل، وإطلاقهم الرصاص بشكل عشوائي وكثيف، وقتل بعض الشبان، ولكني التزمت منزلي وظننت أنني لن أواجه أي الخطر، كوني لم أنخرط يوما بأي تنظيم مسلح، الكثير من أبناء زيتا خرجوا من البلدة في ليلة 8 ديسمبر نفسها، إلى أن قرر المسلحون دخول منزلي في صباح 10 ديسمبر وقاموا بتهديدنا بشكل مباشر فقط كوننا ننتمي إلى الطائفة الشيعية، فحينها قررنا الرحيل، رغم أنهم لم يطلبوا منا هذا بشكل مباشر لكنهم حللوا دمنا، وانهالوا علينا بالشتائم والتهديدات المباشرة".
في منطقة السيدة زينب بدمشق، استفاق كامل عبد الحي (اسم مستعار) على وقع هجوم مسلح وشعارات طائفية. "قالوا لنا بوضوح: سنذبحكم. لم نكن نحمل سلاحًا، كنا فقط نحاول العيش".
وروى عبد الحي لـ"المجلة"، "كانت الساعة السادسة صباحا في 8 ديسمبر 2024، بدأت عناصر مسلحة بالهجوم على منطقتنا رددوا شعارات طائفية مسيئة ضد الشيعة، سمعنا تهديدات بالذبح، وإطلاق نار عشوائي، تكسير للسيارات واعتداءات على كل من تواجد في الشارع، ومن بينهم ابن شقيقي الذي يبلغ من العمر 24 عاما، تعرض لضرب مبرح فقط لأنه شيعي، بسبب كثافة وجود المسلحين في المنطقة لم نستطع ترك المنزل فورا انتظرنا حتى الخامسة من بعد الظهر، ورغم أنّ ساعات الانتظار كانت صعبة جدا، ولكن ما تعرضنا له في طريق الهروب الذي استغرق 18 ساعة، لم يكن أقل صعوبة. الطريق من دمشق إلى حمص كان مليئا بالحواجز وبجثث القتلى، تعرضنا للسرقة، والإذلال على الطرقات، اتبعت السيارات الهاربة، على أمل أن نصل إلى أي مكان آمن، وصلنا الحدود اللبنانية، ودخلنا لبنان عبر معبر غير شرعي، وهناك بدأنا رحلة جديدة من الصعاب".
الوضع المالي الحالي والقيود في التمويل تعني أن الكثير من الاحتياجات العاجلة لا تزال دون تلبية، مما يشكّل خطرًا كبيرًا
محنة النزوح والتهجير لم يختبرها السوريون الشيعة والعلويون فقط بعد سقوط الأسد، بل طالت مئات العائلات اللبنانية الذين يعيشون منذ أكثر من 100 عام في 6 بلدات تقع في الأراضي السورية المحاذية للبنان، علي بدوي أحد اللبنانيين الشيعة الذي كان يعيش في بلدة زيتا السورية، روى لـ"المجلة" ما تعرضت له هذه البلدات في الساعات الأولى من رحيل نظام الأسد، يقول بدوي "بعد ساعات من سقوط الأسد دخلت العصابات بيوتنا ونحن فيها، تعرضنا للسلب والنهب وإطلاق نار، وحفاظا على الأرواح وتجنبا لسفك الدماء قررنا الرحيل فورا، تركنا كل ما نملك ونزحنا، نحن نعيش في هذا البلدة منذ ما قبل عام 1920، وحتى عام 1970 كان جميع القاطنين في القرى الـست هم لبنانيون يملكون الأراضي ويعملون في الزراعة، ومع مرور السنين باتت بلداتنا مقرا لنازحين سوريين شيعة تهجروا من قرى حمص، والآن أصبحنا جميعنا نازحون في لبنان".
مساعدات شحيحة: وصلنا إلى الإفلاس
رغم تأكيد أبو خليل أنّ الجهات الإنسانية "قد بدأت بالاستجابة لاحتياجات النازحين من خلال تقديم مساعدات عينية طارئة، وذلك وفقًا لمناطق المسؤولية الجغرافية المحددة سلفًا. حيث يصل الكثير من النازحين في ظروف صعبة للغاية، ويعانون من احتياجات إنسانية ملحّة، بعدما اضطروا للفرار تحت الضغط". إلا أن المساعدات العينية ورغم مرور 7 أشهر لا تغطي إلا جزءا من احتياجات النازحين بحسب رئيس بلدية القصر.
"نعيش 17 فردا في غرفتين صغيرتين" يقول عبد الحي، "ورغم صعوبة الوضع، المساعدات التي تصلنا تكاد لا تذكر، ومحاولات الحصول على عمل ليست سهلة أبدا، هي المرة الثانية الذي نختبر فيها مرارة النزوح بعد نزوحنا الأول من حمص عام 2012، والآن عدنا إلى مرحلة الصفر".
نازحون جدد يدخلون شمال لبنان بعد أحداث الساحل السوري الدموية 11 مارس 2025
من جهته يقول الشمالي: "وصلنا إلى بلدة القصر اللبنانية نحن وآلاف السوريين واللبنانيين، الأمور كانت صعبة جدا، لا مأوى ولا إمكانيات لتقديم المساعدات لهذا الكم من النازحين الذين دخلوا في غضون أيام، كنا نملك بعض المقتنيات كالذهب وغيره، قمنا ببيعها واستأجرنا منزلا، ورغم مرور 7 أشهر على وجودنا في لبنان لم نحصل سوى على بعض المساعدات العينية، الآن وصلنا إلى مرحلة الإفلاس، لم نعد نملك المال لندفع إيجار المنزل الشهري، ونعاني في تأمين مصروف المنزل، نحن الآن نواجه مصيرا مجهولا، حيث لا مساعدات ولا عودة".
إذن ما بدا واضحا ورغم مرور 7 أشهر على التدفق المفاجئ لهذا الكم من النازحين الجدد، أن الاستجابة الإنسانية لا تزال غائبة أو بطيئة بأحسن الأحوال، بحسب ما يقول رئيس بلدية القصر فالواقع يؤكّد أن "الاهتمام بالنازحين الجدد ليس بالمستوى الذي شهدناه عام 2011 عندما دخل مئات آلاف النازحين إلى لبنان".
ولكن وزيرة الشؤون الاجتماعية تؤكد أنّ "التعامل مع أي حالة نزوح جديدة يتم ضمن الأطر القانونية اللبنانية، مع مراعاة الأوضاع الإنسانية. بالنسبة للمخاوف، نتفهمها لكن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء، ومع ذلك نعمل من خلال وزارة الشؤون للتعامل إنسانيا وفق اعتبارات الحماية، بالتعاون مع السلطات المحلية".
من جهتها أكّدت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين أنّ "الوضع المالي الحالي والقيود في التمويل تعني أن الكثير من الاحتياجات العاجلة لا تزال دون تلبية، مما يشكّل خطرًا كبيرًا. والوصول إلى الرعاية الصحية، والمأوى، وخدمات المياه والصرف الصحي WASH))، غير كافٍ بشكل خطير، وقد يؤدي إلى مشاكل صحية وبيئية".
نسبة العائدين إلى سوريا تتراوح بين 30 و40 في المئة، ومن المتوقع أن تصل النسبة في شهر يوليو وأغسطس إلى 60 في المئة
وأضافت: "الاكتظاظ وطبيعة المأوى غير المستقرة تزيد من آثار الصدمة النفسية وتثير مخاوف كبيرة تتعلق بالحماية، لا سيما مع النقص الكبير في الدعم النفسي والاجتماعي، خصوصًا للأطفال. أيضا المجتمعات المضيفة، حيث يُقيم 90 في المئة من الوافدين الجدد في منازل خاصة، بحاجة إلى الدعم وخيارات حلول طويلة الأمد".
وتابعت أبو خليل: "هناك حاجة ماسة إلى بدائل وخيارات إضافية للسكن، فضلًا عن استراتيجية طويلة الأمد- إلا أن جميع هذه الأمور لا تزال غير واضحة بسبب الوضع التمويلي الراهن".
أمّا عن الوضع الحالي فتؤكد أنّ "المفوضية تستجيب بالتنسيق الوثيق مع السلطات اللبنانية والشركاء، لاحتياجات الوافدين الجدد من سوريا. وتقوم بتزويدهم بمواد إغاثة أساسية تشمل الفرشات، والبطانيات، والملابس. كما تقوم المفوضية بأعمال ترميم لأماكن المأوي لضمان حماية العائلات.
وتقوم أيضًا بتنسيق الاستجابة الصحية مع السلطات اللبنانية والشركاء، حيث تُقدَّم الاستشارات الطبية، واللقاحات، والدعم في مجال الصحة النفسية".
إلاّ أن المفوضية تنتظر قرار الحكومة اللبنانية بشأن الوضع القانوني الذي سيتم منحه للوافدين الجدد، وفي هذه الأثناء، وضعت المفوضية، بالتعاون مع شركائها، آليات لتحديد الأفراد الأكثر ضعفًا بين الوافدين الجدد وتقديم الدعم الفردي لهم. بحسب أبو خليل.
سوريون يطوون صفحة النزوح وآخرون بدأوا الرحلة
بعد سنوات طويلة من النزوح والمعاناة، بدأ آلاف النازحين السوريين في لبنان بالعودة تدريجيا إلى بلادهم، حزموا أمتعتهم وخيام اللجوء وقرروا العودة إلى سوريا رغم عدم استقرار الأوضاع الأمنية حتى الآن، أمّا النازحون الجدد، فلا يزال الخوف والقلق وانعدام الأمن يمنعهم من اتخاذ مثل هذا القرار.
لاجئون سوريون يخرجون من مبنى قيد الإنشاء كانوا يستخدمونه مأوى في مدينة صيدا جنوب لبنان، 17 مارس 2020
"أكثر ما نتمناه اليوم هو العودة إلى بيوتنا" يقول الشمالي: "أتمنى أن أنصب خيمة وأعيش فيها، ولكن لا يوجد أمان بحسب الأخبار التي تصلنا من سوريا، في البداية القتل الذي كان يطال أبناء الطائفة الشيعية كان عشوائيا ولكن الآن أصبح منظما وممنهجا من قبل ما يسمى مجهولين، هذا عدا الخطف ومصادرة الأملاك، فإذا كنت شيعيا وتمتلك منزلا في حي سني تتم مصادرته، وكل من حاول العودة عبر التنسيق مع الأمن السوري فقدت أخبارهم، الآن في سوريا لا قانون يحمينا كشيعة، لذلك نعلم أن بقاءنا هنا سيكون طويلا للأسف".
وهذا ما يؤكد عليه عبد الحي أيضا: "الأخبار التي تصلنا من سوريا غير مبشرة، صادروا أملاكنا في حي السيدة زينب والتهديدات للشيعة لا زالت مستمرة، لا نعلم إن كنا سنعود مرة جديدة، وإن كانت ستحصل العودة لن تكون قريبة بالتأكيد هناك مخاوف كبيرة في المقابل لا ضمانات أو قانون يحمينا، تخلينا عن أرزاقنا وأملاكنا مقابل الحفاظ على أرواح الأطفال والنساء، لذلك لن نعود طالما أن قانون الانتقام سائد في سوريا".
ارتفاع ملحوظ في نسبة العائدين إلى سوريا
أما بالنسبة للنازحين السوريين الذي دخلوا لبنان منذ عام 2011 فبحسب الناشط السوري في مجال الإغاثة الإنسانية في منطقة البقاع شرق حسين الحسين، أكّد لـ"المجلة" أن نسبة العائدين إلى سوريا تراوحت حتى الآن بين 30 و40 في المئة، ومن المتوقع أن تصل النسبة في شهر يوليو وأغسطس إلى 60 في المئة، وأضاف: "هناك حركة ملحوظة لعودة النازحين السوريين إلى سوريا منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، خصوصا أنّ التسهيلات التي صدرت مؤخرا عن الدولة اللبنانية والاتفاق بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة، من فتح الحدود اللبنانية وإعفاءات سهلت بشكل كبير عودة النازحين".
خطة العودة تشمل السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وخاصة المعروفين لدى المفوضية. أما الفئات الجديدة فقد تتطلب ترتيبات خاصة نظرًا لحساسية أوضاعها الأمنية والاجتماعية
هذه العودة وصفتها وزيرة الشؤون الاجتماعية "بالخطوة الإيجابية على مسار حل هذا الملف. فقد شهدنا خلال الأيام العشرة الماضية تسجيل حوالي 17 ألف شخص عائد، في مؤشر واضح إلى تزايد الأرقام بشكل يومي. كما أن الآلية التنفيذية واضحة، والتسهيلات من الجانب اللبناني قائمة على أكمل وجه، بالتنسيق التام مع منظمات الأمم المتحدة المعنية التي تعمل معنا على تذليل العقبات.
الجهود لا تزال مستمرة لتنفيذ قرار مجلس الوزراء وتحقيق العودة. كذلك لا يمكن إغفال التطورات المهمة التي حصلت- من سقوط النظام إلى رفع العقوبات والانفتاح على سوريا والتي فتحت نافذة دولية وإقليمية جديدة للدفع بهذا الملف نحو الحل المستدام".
وأكّدت السيد أن "هناك دفعات جديدة لقافلات عودة النازحين وقد لاحظنا أن وتيرة التسجيل والرغبة بالعودة زادت، خاصة بعد انتهاء العام الدراسي وبداية الموسم الزراعي في سوريا الذي يفتح فرص عمل فضلا عن فصل الصيف الذي يسجل حركة الانتقال إلى سوريا".
مخيم للنازحين السوريين في بلدة بر الياس، بسهل البقاع اللبناني، 12 مارس 2019
ولكن هل هناك حماس من قبل النازحين للعودة، أم ما زالت هناك مخاوف بسبب الأحداث التي تشهدها سوريا؟ تقول السيد: "بحسب استطلاعات المفوضية، هناك ما يقارب 350 إلى 400 ألف نازح أعربوا عن رغبتهم بالعودة هذا العام. ورغم استمرار وجود شريحة مترددة، فإننا نلاحظ حماسة أكبر بفعل التسهيلات التي قدّمها الأمن العام اللبناني، والحوافز المقدّمة من الأمم المتحدة، إلى جانب تحسّن الخدمات المتاحة داخل سوريا".
مؤكدة أنّ هناك حوافز تُعطى للفرد في لبنان ولعائلته في سوريا. ولهذا، من الضروري تفعيل برامج إعادة إدماج العائدين داخل سوريا لضمان أن تكون العودة مستدامة".
أمّا عن تنسيق ملف النازحين مع الدولة السورية، تؤكد السيد أن "هناك مستويات متعددة من التنسيق. لبنان ينسّق مباشرة مع المفوضية ومع منظمات الأمم المتحدة. وفي نفس الوقت، هناك قنوات رسمية من خلال اللجنة الوزارية والأمن العام الذي ينسق مع الجهات السورية المعنية لتأمين ظروف العودة، لا سيما عبر المعابر الرسمية. الدولة السورية عبرت عن ترحيبها بعودة المواطنين السوريين في أكثر من مناسبة".
وأخيرا هل ستشمل خطة عودة النازحين إلى سوريا النازحين الجدد؟ "من حيث المبدأ، خطة العودة تشمل السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وخاصة المعروفين لدى المفوضية. أما الفئات الجديدة فقد تتطلب ترتيبات خاصة نظرًا لحساسية أوضاعها الأمنية والاجتماعية". تختم السيد في حديثها مع "المجلة".
إذن رغم مرور 7 أشهر على سقوط نظام الأسد لا يزال الشعب السوري بمختلف أطيافه يختبر معاناة النزوح والتهجير، ورغم أن هناك عشرات الآلاف قرروا العودة، فإن هناك عشرات الآلاف في لبنان يواجهون مصير أسلافهم في ذوق مرارة النزوح، فحتى الآن النازحون الجدد بلا مأوى وبلا مساعدات، أما بالنسبة للطبابة والتعليم فهما رفاهية يعلمون أنّهم لن يحصلوا عليها في القريب العاجل!