ولد ديفيد زالاي في مونتريال عام 1974 لأم كندية وأب مجري، وبرز كأحد أكثر الكتاب قدرة على تصوير ملامح الحياة الأوروبية المعاصرة. أمضى سنوات طفولته الأولى بين بيروت ولندن، درس في جامعة أكسفورد قبل أن يتفرغ تماما للكتابة، ليستقر لاحقا مع أسرته في العاصمة المجرية بودابست. بدأت مسيرته الأدبية عام 2008 برواية "لندن والجنوب الشرقي" التي فازت بجائزتي "بيتي تراسك" و"جيفري فابر التذكارية". غير أن المتتالية القصصية، "كل ما هو إنسان"، كانت سبب شهرته، إذ وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة "بوكر" عام 2016، وفاز بجائزة "غوردون بيرن" عام 2016. وقد أشاد النقاد بعمق النص وبنيته المبتكرة، رغم جدلهم حول تصنيفه كـرواية أم مجموعة قصصية.
غالبا ما تتلاشى الحدود في أعمال زالاي بين الرواية والمجموعة القصصية، كما يتجلى في "الاضطراب" 2018، وهي متتالية قصصية تمتد عبر قارات العالم، أما روايته الأحدث، "الجسد"، فتعود للقائمة القصيرة لجائزة "بوكر" لعام 2025، مؤكدة مكانته كأحد أبرز الأصوات في الأدب المعاصر. هنا حوار معه.
استخدمت في "كل ما هو الإنسان" و"الاضطراب" بناء المتتالية القصصية كنمط سردي بدلا من النص السردي الروائي ذي الفصول. متى تقرر الأسلوب السردي لأعمالك؟
لم يكن هناك لحظة واحدة اتخذت فيها قرارا محددا في هذا الاتجاه. فهناك عوامل ظرفية، "كل ما هو إنسان" بدأت بقصة واحدة، ثم قررت أن أكتب قصصا أخرى بالطول نفسه، بينما كتبت "الاضطراب" في الأصل كمتتالية قصصية. ومع ذلك، وجدت أن لبنية المتتالية القصصية مزايا واضحة: فهي تتيح تركيزا أكبر على ما هو جوهري والأكثر درامية، وفي الوقت نفسه تتيح تغطية نطاق أوسع من التجارب الإنسانية.
كما أود القول إن كلا العملين في الواقع يمتلك قوسا سرديا واحدا متصلا، وهذا مهم خصوصا في "كل ما هو إنسان". في هذا الكتاب تحديدا، هناك إحساس بأن الشخصيات التسع المستقلة هي، بطريقة غامضة، شخصية واحدة، أو على الأقل يثير الكتاب السؤال حول ما تعنيه كلمة “شخصية” أو “فرد” حقا. فهو كتاب يتساءل عن بعض المسلمات الفلسفية لفكرة الفردانية.
أشكال التحول
وصف النقاد "كل ما هو إنسان" بأنها "نقاط على قوس واحد، لا أقواسا قائمة بذاتها". كيف توازن بين دفع السرد إلى الأمام وحجب الخلفيات الكاملة للشخصيات، خصوصا حين يشعر القارئ بغياب التحول الجوهري لدى بعضهم؟ هل الجمود جزء من الفكرة؟
لا أعتقد أن الجمود هو جوهر الفكرة. أظن أن غالبية القصص في "كل ما هو إنسان" تتضمن شكلا من أشكال التحول يمر به البطل. وربما أشير مرة أخرى إلى العمل ككل، إلى الطريقة التي يمتلك بها نوعا من الخط السردي، إحساسا بالتطور والتغير.




