القاهرة: ليست بيوت كبار الأدباء والكتاب والمبدعين في مصر مجرد أماكن سكن بها هؤلاء الكتاب، بل هي مراكز إشعاع ثقافي وفكري، ففيها ولدت بعض أعظم الأعمال التي ساهمت في تشكيل الوعي المصري والعربي. بعضها تحول إلى متاحف تخلد ذكراهم، بينما بقي البعض الآخر شاهدا صامتا على عصور ذهبية من الإبداع وحالت الظروف دون تحويلها إلى متاحف أو مراكز لما قدموه من إبداع وثقافة، والحفاظ على تلك البيوت لا يعد حفظا للتراث فحسب، بل هو امتداد طبيعي لمسيرة التنوير التي قادها هؤلاء في زمنهم، والتي تستلهم منها الأجيال روح الإبداع والعطاء.
حراس الذاكرة
في الأزقة الهادئة أو الأحياء الشعبية أو حتى الفيلات الراقية، تقف بيوت بعض من أفضل الأدباء والكتاب في مصر كأنها تحرس ذاكرة البلاد. كانت مصانع للأفكار، وساحات لمعارك الكلمة. وبين جدرانها كتبت روايات خالدة، ودارت نقاشات فلسفية، وبني وعي أجيال كاملة. ورغم إطلاق مبادرات لتكريم رموز الأدب مثل وضع لافتات على مداخل منازلهم "هنا عاش..." أو تحويل بعضها إلى متاحف، فإن هذه الخطوات غالبا ما تأتي متأخرة، وتواجه عقبات بيروقراطية. وكان يصطدم بعضها بعقبات قانونية مثل ملكية العقار أو رفض الورثة أو حتى الحالة الإنشائية للبيت.
وفي زمن تتسابق فيه دول العالم على تخليد رموزها الأدبية بتحويل منازلهم إلى متاحف نابضة بالحياة، تقف مصر رغم عظمة أسمائها الأدبية أمام سؤال: لماذا لا تخلد مصر كتابها بما يليق بهم؟ ولماذا يترك إرثهم للنسيان؟
بين حكايات متاحف قائمة تروي سيرة نجيب محفوظ وطه حسين وأحمد شوقي، وبيوت مغلقة على ذاكرة يوسف إدريس وصلاح عبد الصبور وإحسان عبد القدوس وخيري شلبي وعبد الرحمن الأبنودي، يتكشف مشهد ثقافي مشوب بالأسى والتقصير.
بيت طه حسين
عاش طه حسين (1889- 1973) فى أماكن مختلفة منها حي السكاكيني وحي الزمالك ثم استقر بقية عمره فى "فيلا رامتان"، حيث يعرف بيت عميد الأدب العربي باسم "رامتان"، والكائن حاليا بشارع الحلمية المتفرع من شارع الهرم، والذي كان مقر إقامته لسنوات طويلة، وقامت الدولة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة في إطار سعيها لتكريم رموزها الكبار في مجالات الثقافة والفنون، وإيمانا بقيمة عطائهم الخالد، بشراء منزل عميد الأدب العربي.