شيدت كنيسة آيا صوفيا على أعلى تلة في بيزنطة على مضيق البوسفور حيث بنى الإمبراطور الروماني قسطنطين العظيم روما "الجديدة" أي القسطنطينية كعاصمة جديدة لإمبراطوريته. لقد عاشت الكنيسة الإمبراطورية عدة فترات: البيزنطية (537 – 1204)، اللاتينية (1204 – 1261)، البيزنطية (1261 - 1453)، العثمانية (1922 – 1453)، التركية (1923 - وحتى وقتنا الحاضر).
بفضل زيارات الحجاج المسيحيين من أوروبا إلى الأراضي المقدسة ظهرت المذكرات التي وصفت صوفيا القسطنطينية. وكان السلطان العثماني محمد الثاني استولى على القسطنطينية في عام 1453 مما شكل بداية فترة جديدة من الحكم العثماني الذي دام قرونا، والذي حول "الكنيسة العظيمة آيا صوفيا الحكمة الالهية" إلى "جامع آيا صوفيا العظيم"، الذي أصبح المسجد السلطاني الرئيسي للإمبراطورية العثمانية، حيث منع جميع المسيحيين واليهود من دخوله. فصار من غير الممكن لممثلي العالم المسيحي الوصول إلى آيا صوفيا.
سيرة التحولات
كان أول أوروبي يتمكن من الدخول إلى داخل مسجد آيا صوفيا، مقابل رشوة في سنة 1672 هو الفرنسي غيوم غريلو، الذي نشر في 1680 كتابا يحتوي على نقوش وأوصاف للمناظر الخارجية والداخلية لآيا صوفيا، وقد أهدى المؤلف كتابه لملك فرنسا لودفيغ الرابع عشر. وكان الملك السويدي كارل الثاني عشر، هو العاهل الأوروبي الثاني الذي تلقى رسومات من المهندس العسكري كورنيليوس لوس تصور آيا صوفيا وكان ذلك في عام 1711 .
منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، غطيت جميع الفسيفساء، وهكذا اكتسبت آيا صوفيا بالكامل مظهر المسجد الكلاسيكي. وإذا كان المحفل السلطاني (بيت المقصورة) الفاخر أمام المحراب الذي يتباهى في المذبح على شكل علبة شرقية عملاقة ونافذة غرفة صلاة السلطانات المزخرفة الكبيرة المعلقة فوقها في الأروقة، بدت سمات طبيعية تماما للمسجد السلطاني الرئيسي، فإن هذه الأشياء تبدو في أعين المسيحيين وقلوبهم غير لائقة. إنه مكان واحد مقدس للمسلمين والمسيحيين، ولكن كيف يمكن أن تختلف تصورات أحدهما عن الآخر، بينما هم يدينون بالديانتين العالميتين، المسيحية والإسلام؟