تشهد الكويت بهدوء تحديثا دقيقا لكن بالغ الأهمية للإدارة العامة، في عملية بدأت تثمر نتائج ملموسة. في حين تتركز أنظار المنطقة في الغالب على برامج ضخمة للتحول الاقتصادي، اختارت الكويت مسارا أكثر تواضعا، يستند إلى إصلاحات موجهة تعيد تشكيل بيئة الأعمال وتضع الأساس لنمو اقتصادي أكثر شمولا.
في منطقة تُعرَّف بمشاريعها العملاقة ورؤاها الاقتصادية التي تقررها أعلى مستويات القيادة، تقدّم الكويت نموذجا مختلفا عبر الدفع بإصلاحات إدارية تقنية الطابع، تعطي الأولوية إلى الوظيفة الإدارية على حساب الشكليات. ويمكن نهجها أن يكون نموذجا عمليا للدول الغنية بالموارد التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها بدءا بقاعدة الهرم وصولا إلى قمته، خصوصا في ظل تصاعد الضغوط المحيطة بالمالية العامة وتغيّر الحقائق الديموغرافية.
مؤشرات إيجابية
في الفصل الأول من عام 2025 وحده، أصدرت وزارة التجارة والصناعة نحو 10 آلاف ترخيص لشركات جديدة، بزيادة سنوية نسبتها 9.4 في المئة. هذه الزيادة ليست مجرد زيادة رقمية؛ بل إشارة إلى أن جهود الكويت لتبسيط تسجيل الشركات وتقليل العراقيل البيروقراطية بدأت تؤتي ثمارها. ذلك أن الأرقام تعكس الزخم، لكن التحول الحقيقي يكمن في الآليات التي تقف خلف الأرقام.