الكويت بعد الغزو... بين الفرص الضائعة وآفاق العبور نحو كويت جديدة

بقدر ما خلفه من آثار تدميرية، بدا إرث احتلال الكويت غنيا بالدروس ومتنوعا بالتحولات في المنطقة

Mona Eing and Michael Meissner
Mona Eing and Michael Meissner

الكويت بعد الغزو... بين الفرص الضائعة وآفاق العبور نحو كويت جديدة

ثلاثة وثلاثون عاما مرت على غزو الكويت، ومع ذلك، فإن آثاره لا تزال ملموسة حتى يومنا هذا. وعلى عكس جيرانها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، شهدت الكويت ركودا في الوقت الذي حققت فيه دول الخليج العربي الأخرى نموا ملحوظا.

إن توصيف أي من دول الخليج بالجمود يعد استسهالا في التشخيص؛ إذ تمتعت الكويت بفترات ازدهار ومزايا نسبية تماما كدول الخليج العربي الأخرى التي واجهت تحديات هائلة. ولكن، على مدى العقود الثلاثة الماضية، كان هناك تباين واضح في المسار العام الكويتي مقارنة بدول الخليج الأخرى. وأدى ذلك إلى مزيد من المفاضلات التي انعكست في خيارات الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتشكل داخل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

لا ينبغي الاستهانة بتأثير احتلال الكويت وعواقبه على الكويت وبقية دول الخليج. مع عدم التقليل من أهمية العوامل الأخرى، إلا أن الغزو لعب دورا حاسما كمحفز لكثير من التغييرات الإيجابية والسلبية التي ظهرت في المنطقة.

الكويت والغزو: معضلة البقاء والانكار

كان الاجتياح العسكري المفاجئ لدولة ما، في غضون ساعات قليلة، خاصة في نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي يصون سيادة الدولة القومية ويدعم النظام الدولي، صادما للكثيرين.

كان الاجتياح العسكري المفاجئ لدولة ما، في غضون ساعات قليلة، خاصة في نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي يصون سيادة الدولة القومية ويدعم النظام الدولي، صادما للكثيرين

بطبيعة الحال، كانت كارثة الغزو أكثر وقعا على الكويت من تأثيراتها على الدول الأخرى. وأدت صدمة الاحتلال إلى سمتين بارزتين، ولكن متناقضتين في كويت ما بعد التحرير. إذ أدخلت الكويت في حالة مزمنة من هواجس البقاء،  وهو ما انعكس على إعطاء أمنها أولوية بعد الاحتلال الذي دام سبعة أشهر، خصوصا مع استمرار نظام صدام في السلطة.

ومع ذلك، تصاعدت المشاعر الوطنية مع بروز نزعة الانكفاء الداخلي خلال فترة التسعينات، إلى جانب الحساسية المفرطة ضد كل ما يمس الكويت، في أكثر الأوقات حاجة إلى السياسة الواقعية والتنمية والتكامل الإقليمي. ونتيجة لذلك، تفوقت الاعتبارات الوجودية على التركيز المطلوب على التنمية المستدامة، والذي كان من شأنه أن يعزز أمن الكويت.

أما الدافع الثاني فهو الإنكار؛ إذ دفعت فداحة الاحتلال صانعي السياسات إلى تجنبه– ربما بغير وعي– كوسيلة للتغلب على هذه التجربة المؤلمة، على الرغم من أن مواجهة الآثار كانت (ولا تزال) أضمن طريقة للتعافي.

وتجلى هذا الموقف بشكل خاص في المجالات السياسية والنفسية الاجتماعية. وكما كان متوقعا في دولة متعافية، انتُخبت لجنة تقصي حقائق برلمانية في عام 1992 للتحقيق في موضوع الغزو العراقي. لم يكن الغرض من هذا الإجراء درء التهديدات المستقبلية فحسب، بل محاسبة المسؤولين أينما كان ذلك مناسبا.

ومع ذلك، لم يجر الكشف عن نتائج عمل اللجنة أو مناقشتها علنيا، وظهرت فقط بعض التسريبات الجزئية. أدى عدم الوصول إلى التقرير الكامل وعدم إحداث تغييرات جوهرية على الصعيد السياسي مع إعادة العمل بدستور عام 1962 والنظام المصاحب له إلى تغذية هذه النزعات الإنكارية.

أما الفرصة الضائعة الأخرى فكانت في اعتماد خطة وطنية شاملة للتعافي. إذ تعرض كثير من سكان الكويت أثناء الاحتلال إلى كثير من الصدمات ونوبات القلق وغيرها من الاضطرابات النفسية والاجتماعية، سواء كانوا يعيشون داخل البلاد أو خارجها. ولم يكن هناك كثير من المبادرات لمعالجة هذه الاضطرابات.

تعرض كثير من سكان الكويت أثناء الاحتلال إلى كثير من الصدمات ونوبات القلق وغيرها من الاضطرابات النفسية والاجتماعية، سواء كانوا يعيشون داخل البلاد أو خارجها. ولم يكن هناك كثير من المبادرات لمعالجة هذه الاضطرابات

وولّد ذلك مشاكل اجتماعية كبيرة وخلف عواقب جمة مثل ازدياد الفساد وجرائم القتل وتعاطي المخدرات والعنف القائم على النوع الاجتماعي وحالات الانتحار في العقود الثلاثة الماضية. تفاقمت هذه القضايا بشكل أكبر مع حالة التدهور السياسي والاقتصادي المصحوب بخيبة الأمل في التعليم والصحة والخدمات الأساسية.

وفي حين أن الوضع العام يبدو معقدا، إلا أن هناك بصيصا من الأمل المتفاوت، ويبدو ذلك من خلال الشباب الكويتي الواعد، والإبداع الريادي في قطاع الأعمال، وبعض النجاحات التي تحققت في القطاع العام، إلى جانب إيمان القيادة بالمشاركة الشعبية في الحكم والذي عبّر عنه صاحب السمو أمير البلاد مؤخرا ببلاغة شديدة. يعد التمسك بنظرة متوازنة أمرا بالغ الأهمية للارتقاء بالكويت، كما يعزز نقاط القوة في البلاد ويعمل على مواجهة تحدياتها.

أدى التعايش بين اتجاهي البقاء والإنكار إلى حدوث توتر جديد؛ إذ لم يعالج إرث الاحتلال بالمستوى الأمثل، بل أصبح واقع الحال من خلال استمرار عقلية هاجس البقاء التي عززت من دون قصد مشاكل البلاد. وبدلا من المعالجة العميقة لأسباب الاحتلال ومظاهره وآثاره لخلق كويت جديدة، احتلت السردية والسياسات الأمنية مركز الصدارة. وأدى ذلك إلى حالة من الجمود في البلاد، حتى بعد فترة من نهاية نظام صدام حسين في عام 2003.

مرت ثلاثة عقود على احتلال الكويت، ومع ذلك لا يزال كثير من الكويتيين يبحثون عن آلية لتجاوز آثاره. الأسباب كثيرة ولها ما يبررها في بعض الأحيان؛ فعلى سبيل المثال، تواصل الكويت استقبال رفات شهداء الغزو. كما اختتمت لجنة الأمم المتحدة للتعويضات المكلفة بمنح التعويضات للكويت وسكانها عن الأضرار الناجمة عن الغزو مهمتها العام الماضي فقط. وفي عام 1993، انتهى ترسيم جزء كبير من الحدود مع العراق من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833، لكن جزءا من الحدود البحرية لا يزال غير مرسم. وفي حين أن هذه الأمور تتطلب التعاون مع العراق، فإن النقاط الأخرى التي تحتاج إلى معالجة تقع على عاتق صناع القرار الكويتيين، بما في ذلك تعقيدات ذهنيتي البقاء والإنكار.

علاوة على ذلك، فإن بعض المشاكل كانت موجودة من قبل الغزو واستمر وجودها حتى يومنا هذا. تتعلق هذه المشاكل في جوهرها بالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي العناصر الرئيسة التي تقود البلاد.

Mona Eing and Michael Meissner

قبل غزو العراق للكويت، كان كثير من الكويتيين يعارضون تعليق السلطة لبعض مواد الدستور. كما طال الانهيار سوق المناخ، وهي سوق الكويت غير الرسمية للأوراق المالية، بطريقة غير مسبوقة حتى على المستوى الدولي. إضافة إلى ذلك، تُركت الأسئلة المتعلقة بالهوية خاصة بما يتعلق بموضوع "البدون" (السكان عديمي الجنسية) للتفسيرات المفتوحة ودون أجوبة حاسمة أو سياسات حكومية ثابتة.

وعلى الرغم من إعادة العمل بالدستور، إلا أن انتهاكه ما زال مستمرا من قبل البعض. ولا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، دون بذل جهود حقيقية بما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وتمكين الشباب. وتفاقمت قضية "البدون" مع مرور الوقت، بعد تسوية بعض القضايا الفردية دون التوصل إلى حل شامل لقضيتهم. لذلك، لا يمكن أن يُعزى الركود المستمر في الكويت إلى الاحتلال فقط.

لا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، دون بذل جهود حقيقية بما يتعلق بتنويع مصادر الدخل وتمكين الشباب. وتفاقمت قضية "البدون" مع مرور الوقت، بعد تسوية بعض القضايا الفردية دون التوصل إلى حل شامل لقضيتهم. لذلك، لا يمكن أن يُعزى الركود المستمر في الكويت إلى الاحتلال فقط

تحتاج الكويت بصورة عاجلة إلى خطة جريئة متكاملة تدفع البلاد إلى الأمام. حاولت رؤية 2035 إحداث بعض التغييرات، تمخض عنها بعض النتائج المتواضعة. لا يمكن تحقيق  تغيير جذري من دون معالجة الأسباب الفعلية للتحديات التي تواجهها الكويت. إن الحوار الوطني الشامل والمتعدد المراحل والذي يدخل في صميم القضايا الجوهرية هو السبيل الوحيد لاستيعاب هوية الكويت وقيمها.

وبعد معالجة قضية الهوية، يجب البدء بإصلاح الجوانب الأخرى (السياسية والاقتصادية والاجتماعية). إن تجاهل التحديات التي نشأت في الثمانينات واحتلال 1991-1990 لن يجعلها تنحسر. لن تختفي هذه التحديات إلا بالمواجهة الصادقة وحدها. والكويتيون– حكومة وشعبا– هم الأكثر قدرة على مواجهة هذا التحدي.

دول الخليج والغزو: ثنائية الحزم والتنمية

تلقت دول الخليج غزو الكويت واحتلالها، الذي دام حوالي سبعة أشهر، بصور متفاوتة. لم يكن ذلك مفاجئا. فالضحية المباشرة ستتعامل دائما مع الحدث بشكل مختلف. أظهرت دول الخليج تضامنها الكبير مع الكويت وعملت كخط دعم أساسي لها. كما أنها تعلمت بعض الدروس من الحدث: الدروس التي ساهمت في توسيع آفاقهم ووضعهم المتصاعد الحالي؛ إذ صبغت دول الخليج محركاتها وسياساتها الاستراتيجية بمزيج من الحزم والتنمية، مستعيرة من النموذج الكويتي قبل مرحلة الغزو، مع بعض التعديل.

اندمج الحزم والتنمية واتخذا أشكالا مختلفة. أدى الاحتلال رسميا، إلى حد كبير، إلى بداية حقبة جديدة اتسمت بالاهتمام الأميركي المتزايد في الخليج بشكل عام؛ إذ لطالما تواجد الأميركيون هناك، لكن قوة العلاقات واتساعها لم يسبق لها مثيل منذ 1991-1990. وهذا يعني زيادة وتوسيع القواعد العسكرية، بما في ذلك مقر القيادة المركزية الأميركية في قطر ومقر الأسطول الخامس للولايات المتحدة والقوات البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة في البحرين، بالإضافة إلى إحدى القواعد الأميركية الكبرى في العالم في الكويت. كما تضمن ذلك مبيعات كبيرة للأسلحة، وتدريبات مشتركة وتبادلا للمعلومات؛ كما توسعت الشراكات إلى مجالات أخرى مثل الاقتصاد والثقافة والتعليم. كانت الاعتبارات الأمنية عالية بعد تحرير الكويت، ولكن في ظل غياب تهديد خارجي مباشر، كان التركيز على الاعتبارات الأمنية في الكويت أكثر من الدول الأخرى في المنطقة.

وسعى الكثير من دول الخليج إلى الحصول على أمور أكثر من علاقاتها مع الولايات المتحدة، كتعزيز قدراتها العسكرية والتكنولوجيا الدفاعية المحلية. ولكن الأمر تطلب حدثا رئيسا آخر لإعادة تقييم دور الولايات المتحدة بشكل متبادل وتدريجي نظرا لتصاعد منافسة القوى العظمى والتوازن الخليجي المستمر بهدف خدمة مصالحها والحفاظ على مكانتها في المنطقة، ذلك الحدث كان اندلاع الاحتجاجات العربية عام 2011-2010.

بعد ذلك جاء المكون الاقتصادي. لم تفوت دول الخليج الأقل حظا من الناحية المالية فرصة تحسين صناعة النفط والغاز لديها أو تطوير قطاعات متخصصة، سواء كان ذلك على سبيل المثال المصارف الإسلامية في البحرين أو الخدمات اللوجستية والنقل في عمان.

انطلقت طفرة الغاز في قطر في أواخر التسعينيات وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. أما دولة الإمارات العربية المتحدة فأصبحت رائدة في مجالي تغير المناخ والتنويع الاقتصادي في المنطقة، من بين مؤشرات أخرى. ومع ازدهار السياحة والموانئ وقطاع إعادة التصدير. وانضمت المملكة العربية السعودية أيضا إلى هذا الاتجاه، حيث أعطت الأولوية لتطوير سلسلة إمدادات صناعتها النفطية والانخراط في مجالات جديدة. وبرزت صناعة الطيران كمجال آخر للمنافسة الصحية في الخليج، ولا سيما بين اللاعبين الثلاثة البارزين: المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة. وفي حين أن الكويت لديها نجاحاتها الخاصة التي تميزها، إلا أن إنجازات دول الخليج الأخرى تتجاوزها، وتبني على الدور الرائد السابق للكويت في هذه المجالات قبل احتلالها.

في حين أن الكويت لديها نجاحاتها الخاصة التي تميزها، إلا أن إنجازات دول الخليج الأخرى تتجاوزها، وتبني على الدور الرائد السابق للكويت في هذه المجالات قبل احتلالها

فيما يتعلق بالثقافة والتعليم والرياضة، كثفت دول الخليج جهودها، متجاوزة الكويت في هذه المجالات التي كانت ذات يوم رائدة إقليمية فيها. وحققت دول الخليج الأخرى مراتب أعلى في التعليم، ووسائل الإعلام والمطبوعات الرائدة، والمشاريع الترفيهية النابضة بالحياة، وحجزت مكانة مهمة في المجال الرياضي عالميا، من خلال جذب الأندية واللاعبين الرياضيين الأجانب. نتيجة لذلك، اكتسبت منطقة الخليج بنجاح مكانة مرموقة وتحولت إلى وجهة عالمية.

ولفهم الأمور بشكل أفضل، يمكن القول إن التطور المستمر الذي لوحظ في دول الخليج الأخرى فاق الكويت في مجالات شتى، حيث تتقدم كل دولة بوتيرتها الخاصة وبدرجات متفاوتة من العزيمة. وثمة جملة من العوامل تميز دول الخليج الأخرى، وهي:

 -- وجود قادة شباب يشغلون مناصب سواء في قمة السلطة أو كقادة بارزين في مختلف هياكل الحكم.

 -- خطط انتقال السلطة الواضحة التي تصون وحدة الأسر الحاكمة.

-- الرؤى الطموحة ذات النظرة العالمية.

 -- تطوير نمط العمل الحكومي؛ والنهج المركزي للحكم.

بينما كانت هناك تحديات بلا شك ولم تكن جميع السياسات والإجراءات مثالية، إلا أن الكويت لا تمتلك كثيرا من العناصر المذكورة.

ومع ذلك، يمكن للكويت أن تفخر بنظامها السياسي المستمر؛ إذ إن أجندة التنمية وتعزيز الاعتماد على الذات في الخليج ليست حصرا على ما هو غير سياسي؛ فبعد تحرير الكويت، اعتمد عدد أكبر من دول الخليج عناصر من النظام السياسي المنفتح للكويت؛ فتبنت المزيد من دول الخليج دساتير جديدة، مثل النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية عام 1992 (تمت مراجعته في عام 2013)، والقانون الأساسي العماني في عام 1996 (مع التعديلات الأخيرة في عام 2021)، ودستور قطر في عام 2004 (تمت الموافقة عليه في استفتاء عام 2003)، وهذا على سبيل المثال.

بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء هيئات تمثيلية، وأعطيت المرأة حق الاقتراع، وجرى تعزيز العمل المدني، ووفرت المنصات غير التقليدية مثل وسائل التواصل الاجتماعي سبلا للمشاركة العامة. حاولت كل دولة تشكيل نظامها السياسي بما يعكس فهمها لتراثها وتاريخها الثقافي.

كيف تستفيد دول الخليج من بعضها البعض؟

بقدر ما خلفه من آثار تدميرية، بدا إرث احتلال الكويت غنيا بالدروس ومتنوعا بالتحولات في المنطقة. لقد أعاد هذا الإرث تشكيل الكويت بطريقة مختلفة مقارنة بجيرانها الخليجيين. بالنظر إلى المستقبل، من المهم بناء أوجه تآزر حول ما خلفه الاحتلال من آثار مشتركة، مع مراعاة تجارب جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست.

إن التنمية والانفتاح أمران متكاملان، لا يستبعد أحدهما الآخر بل يعزز كل منهما الآخر، وعلى الرغم من العقبات المحتملة في أي من المجالين. يمكن للكويت أن تستفيد من تجارب جيرانها، بينما يمكن لدول الخليج الاستفادة من الحوكمة التشاركية الكويتية، واعتماد الجوانب الناجحة فيها مع تجنب المزالق.

بالطبع، ليس من الضروري لدول الخليج المختلفة أن تقلد بعضها البعض، ولا سيما بالنظر إلى تطورها المختلف وعلاقاتها بين الدولة والمجتمع. لكن الدول الست جميعها ستخدم نفسها بشكل أفضل إن هي طورت صيغة تمكن من تطوير مواطَنة مسؤولة– مواطن خليجي له دور في صنع القرار بينما يكرَّس موقعه العالمي ويتم استيعابه بشكل أفضل.

إن أكثر ما تحتاج إليه دول مجلس التعاون هو حوار صريح حول كيفية تقارب أنظمتها بطرق لا تقلل من سيادة كل منها، بل تكرس التكامل الملموس والتعاون السلس. سيكون الازدهار المستدام هو الهدف الذي يأتي من خلال المواطنين الخليجيين، وليس رغما عنهم. ولسوف يحافظ مثل هذا النموذج- عندما يُفهم ويُمارس- على ريادة دول الخليج العربي في الشرق الأوسط ويؤمن لها مكانا مرموقا بين الدول الرائدة في العالم لسنوات مقبلة. 

font change

مقالات ذات صلة