كشفت القمة الصينية-الأوروبية الأخيرة (بمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي) عن الفجوة الاستراتيجية التي تفصل بين بكين وبروكسل. ويتبين أن الصين لم تعد تعتبر الاتحاد الأوروبي محاورا استراتيجيا. ويقتضي ذلك استخلاص أوروبا لدروس من إخفاقاتها وأسباب طغيان حوار الطرشان على الحوار الصيني-الأوروبي في هذه اللحظة من الاضطراب الاستراتيجي عالميا.
ومما لا شك فيه أن الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية ستحدد مستقبل العلاقات الحيوية والمعقدة بين الجانبين في آن معا. ولذلك تعتبر التنافسية المحتدمة في أفريقيا، والموقف الأوروبي من مسألة تايوان، عناصر معيقة لتطور العلاقات الثنائية بالرغم من إمكانيات التقاطع الاقتصادي وتبادل المصالح.
المقاربة الأوروبية وأثر حرب أوكرانيا
تنبه البعض في أوروبا مبكرا إلى أهمية الصلات مع الصين وكان الجنرال شارل ديغول رئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق أول من سارع للاعتراف بالصين الشعبية أوائل 1964 وذلك في أوج الحرب الباردة وإبان احتدام الخلاف الأيديولوجي-السياسي بين موسكو وبكين. ولم تلحق الولايات المتحدة بفرنسا إلا بعد عقد من الزمن في حقبة الثنائي نيكسون-كيسنجر.
وهذا التموضع الجيوسياسي للأقطاب الدولية نلمحه حاليا ويدور حول المسألة الأوكرانية وأثرها في صلات المثلت الأميركي-الأوروبي-الصيني.