تخيل أن مشهدا من أفلام الخيال العلمي يتحول إلى حقيقة: آلة فائقة الذكاء تتمرد على صانعها وتدخل معادلة القوة العالمية كلاعب جديد.
هذا هو الخيط الرئيس لورقة AI2027، التي أثارت جدلا واسعا منذ صدورها هذا العام، إذ تحاول أن ترسم خريطة لما قد يواجهه العالم خلال السنوات المقبلة إذا واصل الذكاء الاصطناعي اندفاعه الحالي. لا يكتفي مؤلفوها بالتنبؤ، بل يذهبون أبعد من ذلك، معتبرين أن أثر الذكاء الاصطناعي في العقد المقبل قد يتجاوز أثر الثورة الصناعية نفسها، وأننا أمام طفرة يمكن أن تعيد صوغ العمل والسياسة والاقتصاد على أسس غير مسبوقة.
الورقة ترسم مسارا متدرجا، تبدأ من وكلاء رقميين يؤدون المهام البسيطة، ثم تقفز إلى نماذج أشبه بموظفين مستقلين يضاعفون سرعة البحث والتطوير، وصولا إلى جيل أكثر خطورة يمتلك أدوات للاختراق السيبراني وتصنيع أسلحة بيولوجية.
ومع اتساع القدرات، تتوقع انفجارا اقتصاديا واجتماعيا نتيجة أنظمة قادرة على البرمجة وإزاحة آلاف الوظائف البشرية. الذروة تأتي مع ظهور باحث آلي خارق يتفوق على الإنسان في ابتكار الخوارزميات، لكنه يظهر بوادر مقلقة لعدم التوافق مع قيم البشر وأهدافهم، مما يفتح الباب أمام سؤال وجودي: هل يظل الذكاء الاصطناعي أداة طيعة في يد الإنسان، أم يتحول إلى قوة مستقلة تفرض واقعا جديدا؟
ورغم تماسك السردية وإثارتها عند القراءة، إلا أن خلف هذا البناء الطموح تختبئ ثغرات جوهرية في النماذج المستخدمة وفي منهجية التنبؤ نفسها.
ما هي ورقة AI2027؟
صدرت ورقة AI2027 في 3 أبريل/نيسان 2025 بتوقيع مجموعة من أبرز الأسماء في مجتمع الذكاء الاصطناعي، بينهم دانيال كوكوتاجلو، وسكوت ألكسندر، وتوماس لارسِن، وإيلي ليفلاند، وروميو دين. وقد طرح هؤلاء الباحثون السيناريو باعتباره أفضل محاولة حتى الآن لرسم ملامح العقد المقبل إذا واصل الذكاء الاصطناعي مساره المتسارع. اعتمدت الورقة على خليط من استقراء الاتجاهات التقنية، ومحاكاة "ألعاب الحرب"، وتعليقات خبراء، إلى جانب تجارب عملية داخل شركات كبرى مثل OpenAI، مدعومة بخبرة سابقة في توقع مسارات التطور التكنولوجي.
وتنطلق الورقة من فرضية محورية مفادها أن أثر الذكاء الاصطناعي خلال السنوات العشر المقبلة قد يتجاوز التحولات التي أحدثتها الثورة الصناعية. ووفق هذا التصور يبدأ المشهد في منتصف 2025 مع بروز وكلاء رقميين يعملون كمساعدين شخصيين قادرين على إنجاز مهام بسيطة مثل صوغ بريد إلكتروني أو تنظيم جدول بيانات. لكن سرعان ما تتطور هذه الأنظمة لتغدو بمثابة "موظفين رقميين" مستقلين يسرّعون وتيرة البحث والتطوير بمعدلات غير مسبوقة. وفي 2026 يظهر جيل أكثر تقدما مثل Agent-2، القادر على مضاعفة سرعة الاكتشافات العلمية، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام أخطار كبرى تشمل الهجمات السيبرانية وإمكان تصنيع أسلحة بيولوجية. ومع دخول الصين إلى ساحة المنافسة ومحاولات التجسس وسرقة النماذج، يتحول المشهد تدريجيا إلى ما يشبه سباق تسلح عالمي.
في عام 2027 تبلغ الورقة ذروة توقعاتها مع إعلان Agent-3 ونسخته المخففة Agent-3-mini، حيث تصبح البرمجة عملية آلية بالكامل، وتبدأ انعكاسات اقتصادية واسعة، وهي طفرة في أسواق الأسهم يقابلها اضطراب عميق في سوق العمل.