يشهد العالم سباقا محموما نحو الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتنافس الدول الكبرى على تحقيق الريادة في هذا المجال الذي يُتوقع أن يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والعسكري العالمي. ترى بعض القوى، مثل الولايات المتحدة، أن امتلاك أكبر نظام بيئي للذكاء الاصطناعي سيمكنها من وضع المعايير العالمية وجني فوائد اقتصادية وعسكرية واسعة النطاق، معتبرة هذا السباق لا يقل أهمية عن "سباق الفضاء" الذي شهدته البشرية سابقا.
ففي تحول لافت يعكس ملامح المرحلة المقبلة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة وطنية شاملة للذكاء الاصطناعي، تعامل هذه التكنولوجيا الناشئة ليس كمجرد أداة تطويرية، بل كسلاح استراتيجي في سباق تسلح عالمي.
لا تندرج هذه الخطة ضمن السياسات التقنية التقليدية، بل تحمل طابعا تعبويا واضحا، يضع الذكاء الاصطناعي في صميم معادلة الأمن القومي والهيمنة الجيوسياسية. إذ تُظهر وجهات النظر الأميركية الأخيرة تركيزا كبيرا على الحفاظ على التفوق في الذكاء الاصطناعي، كما جاء في خطة عمل نشرها البيت الأبيض في يونيو/حزيران الماضي أكدت ضرورة "إزالة الحواجز أمام القيادة الأميركية في الذكاء الاصطناعي"، بهدف تعزيز الهيمنة الأميركية في هذا المجال.
ويُعتقد أن الفوز في هذا السباق سيبشر بـ"عصر ذهبي جديد" يجمع بين الازدهار البشري، والقدرة التنافسية الاقتصادية، والأمن القومي.
يطرح تصور أن الذكاء الاصطناعي سيقود إلى ثورة صناعية عبر اكتشاف مواد جديدة، وتصنيع مواد كيميائية، وإنتاج أدوية، وتطوير مصادر طاقة جديدة. كما يتوقع أن يحدث ثورة معلوماتية من خلال أشكال مبتكرة للتعليم والإعلام والاتصال. علاوة على ذلك، يُنظر إليه على أنه سيشعل "نهضة" فكرية تمكن من فك رموز المخطوطات القديمة، وتحقيق اختراقات علمية ورياضية، وإنشاء أشكال فنية جديدة.
ويرى المسؤولون الأميركيون وفي مقدمهم مايكل كراتسيوس، مساعد الرئيس للعلوم والتكنولوجيا، وديفيد ساكس، المستشار الخاص للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وماركو روبيو مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي، أن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي سيبشر بعصر ذهبي جديد من الازدهار البشري، والقدرة التنافسية الاقتصادية، والأمن القومي للشعب الأميركي. سيمكن الذكاء الاصطناعي الأميركيين من اكتشاف مواد جديدة، وتصنيع مواد كيميائية جديدة، وإنتاج أدوية جديدة، وتطوير طرق جديدة لتسخير الطاقة - ثورة صناعية كما سيمكن أشكالا جديدة تماما من التعليم، والإعلام، والاتصال بالإضافة إلى إنجازات فكرية جديدة تماما، من ضمنها فك رموز المخطوطات القديمة التي كان يُعتقد أنها غير قابلة للقراءة، وتحقيق اختراقات في النظرية العلمية والرياضية، وإنشاء أنواع جديدة من الفن الرقمي والمادي - نهضة.
وقال ترمب إن خطته الجديدة تفتح آفاقا جديدة من الاكتشاف العلمي التي تحددها تقنيات تحويلية كالذكاء الاصطناعي... وللاختراقات في هذه المجالات القدرة على إعادة تشكيل توازن القوى العالمي، وتحفيز صناعات جديدة كليا، وإحداث ثورة في أسلوب حياتنا وعملنا، "وبينما يتسابق منافسونا العالميون لاستغلال هذه التقنيات، فإن تحقيق هيمنة تكنولوجية عالمية لا جدال فيها والحفاظ عليها يعد ضرورة أمنية وطنية للولايات المتحدة. ولتأمين مستقبلنا، يجب علينا تسخير كامل قوة الابتكار الأميركي".