بدأت تلك الليلة في جلال آباد كأي ليلة أخرى. غابت الشمس الخافتة خلف جبال هندوكوش المتعرجة، ملقية بظلالها الشبحية على الوديان. عاد المزارعون من حقولهم، وحملت النساء الماء من الجداول، وكان الأطفال يلاحقون بعضهم بعضا على دروب القرى المغبرة، فيما صدى ضحكاتهم يتردد في الهواء البارد. ومع حلول الليل، تلألأت أضواء الفوانيس خلف جدران الطين والقش، وتجمعت العائلات لتناول وجبات بسيطة، وأرخى الصمت سدوله على الريف.
ولكن تحت الأرض، ثمة شيء غامض يتحرك.
ففي الساعة 12:47 صباحا، اهتزت الأرض بعنف وزمجر هدير مدوٍّ كما لو أن الأرض نفسها كانت تتصدع، مطلقة صوتا وصفه الناجون لاحقا كأنه "صوت غضب الله". وفي غضون ثوان معدودة انهارت الجدران الهشة أصلا. تهدمت قرى مبنية من الطين والقش بأكملها، حتى قبل أن يفتح سكانها أعينهم. والأمهات اللاتي كن يحاولن الوصول إلى أطفالهن دفنوا تحت الطوب والآباء الذين كانوا يهرعون نحو الأبواب لم يتمكنوا من الخروج.
وبحلول الصباح، تحولت المنطقة بأسرها إلى أنقاض تطوف في أرجائها الفجيعة والحزن. وجاءت الحصيلة الرسمية بعد ساعات: أكثر من 812 قتيلا و2600 جريح. عائلات بأكملها اندثرت ولم يعد لها أثر، ومنازل سُوّيت بالأرض، وماشية دُفنت تحت جدران من الحجر والطين. ضرب الزلزال المدمر أرضا بالقرب من وادي مزار في ولاية كونار، يعيش فيها أناس بسطاء من رعاة ومزارعين وصغار التجار، أشخاص نجوا من الحروب والجوع لكنهم وقفوا عاجزين أمام غضب الطبيعة.