يعيش الشارع والمشهد الحزبي والسياسي الجزائري على وقع سجال حاد منذ صدور المرسوم المتضمن رفع التحفظ حول المادة 15.4 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979 (سيداو)، والذي اعتبره شق من الأحزاب لا سيما المحسوبة على التيار الإسلامي والمحافظ "من أخطر الاتفاقيات الهادفة إلى تفكيك الأسرة وبناء مجتمعات تتبع مرجعية واحدة هي المرجعية العلمانية الرأسمالية الاستعمارية" فيما هون شق آخر من هذه المخاوف ووصفها بـ"غير المبررة لأن الأسرة الجزائرية قائمة على قانون الأسرة والعادات والتقاليد الراسخة"، وتأرجح آخرون بينهما مؤكدين أن ثمة خلفية واحدة أوجبت القرار وهي: تقريب المنظومة القانونية الجزائرية من المعايير الدولية لحقوق المرأة.
وجاء رفع التحفظ في شكل مرسوم رئاسي وقعه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 4 أغسطس/آب الجاري، وينص البند 4 من المادة 15 على أن: "تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم".
التباين الأيديولوجي
ومنذ الساعات الأولى من إصدار العدد (55) للجريدة الرسمية للدولة الجزائرية تسارعت وتيرة البيانات الصادرة عن الأحزاب السياسية في ديناميكية لافتة، فسارعت حركة مجتمع السلم الجزائرية (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد) إلى مناهضة القرار وقدمت "اعتراضات قانونية وموضوعية"، فمن الناحية القانونية: قالت إن "رفع التحفظ يجب أن يحظى بموافقة البرلمان على الأمر الرئاسي"، ومن الناحية الموضوعية، أشارت الحركة المعروفة اختصارا بـ"حمس" إلى أن "الجزائر تحفظت على بعض مواد الاتفاقية عام 1996 ومارست السيادة الكاملة في مواجهة عولمة القوانين الغربية".