لم يكن الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول المنقضي عاديا لعشاق ألعاب الفيديو. فقد شهد النسخة الجديدة من لعبتهم المفضلة التي يصدر منها جزء جديد مع بداية كل موسم كروي، وما يسبقه من تسريبات حول المزايا الجديدة وتطور أسلوب اللعب، والجدل حول التقييمات التي يحصل عليها كل لاعب بناء على ما يقدمه في الواقع على ملاعب كرة القدم، قبل أن تزدحم خوادمها بملايين المستخدمين حول العالم، المتعطشين لتكوين فرقهم في النسخة الجديدة من لعبتهم الأثيرة.
شيء واحد يبقى ثابتا في كل نسخة مهما تغير المحتوى، إنها تلك المقدمة الصوتية التي تعلن بداية اللعبة، افتتاحا بذكر اسم الشركة المنتجة، تلك النبرة المميزة التي توقظ الطفل داخل نفوس الكبار، وتعود بشريط الذكريات لدى البعض إلى نسخ قديمة لا يمكن الجيل الجديد أن يتخيل حجم المتعة التي قدمتها لأطفال الأمس مهما كانت بساطة تقنياتها البصرية في ذلك الوقت. الاسم الذي يفتتح كل نسخة ويقع كالموسيقى على آذان محبيها، هو "إي إيه سبورتس" المنتجة لأشهر ألعاب كرة القدم الإلكترونية على الإطلاق، "إف سي" حاليا و"فيفا" سابقا، وهي الذراع الرياضية لمجموعة "إلكترونيك أرتس" التي كانت على موعد الأسبوع الماضي مع إعلان تاريخي غطى على الضجة التي صاحبت إطلاق نسخة "إف سي 26" في الأسبوع نفسه.
الشركة وافقت على صفقة استحواذ تحولها إلى شركة خاصة في واحدة من أعلى الصفقات على الإطلاق بقيمة تصل إلى ٥٥ مليار دولار. والطرف المشتري هو تحالف من العيار الثقيل يضم ثلاث جهات، ويتصدره صندوق الاستثمارات العامة السعودي، والى جواره كل من شركة "سيلفر ليك" الاستثمارية الأميركية، وصندوق "أفينيتي بارتنرز" الأميركي الذي يرأسه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب. الصفقة التي خطفت الأنظار في أروقة "وول ستريت" وأسالت الكثير من الحبر على أوراق صحف المال والأعمال، كانت حلما مؤجلا للرئيس التنفيذي لـ"سيلفر ليك" إيغون دوربان الذي فكر في شراء الشركة قبل عشر سنوات، بينما تحدث كوشنر عن شغفه بمنتجات الشركة التي كان من مستخدمي ألعابها، تماما كالكثير من أبناء جيله. أما بالنسبة للصندوق السعودي الذي كان بالفعل يمتلك نحو ٩٪ من أسهم الشركة قبل الصفقة، فكان القاطرة التي وصلت بالصفقة إلى بر الأمان، ويبدو الاستحواذ على "إلكترونيك أرتس" كأنه لحظة تتجمع عندها العديد من القطع التي تشكل في اكتمالها رؤية المملكة لهذه الصناعة كمجال تراهن عليه ليكون من أعمدة مستقبلها.