تنصرف الفنانة التشكيلية اللبنانية غادة الزغبي في معرضها الجديد الذي تحتضنه "صالة جانين ربيز" في العاصمة بيروت، بعنوان "بين الغبار والفجر" إلى الإصغاء الى أحوال توسع الصخور وتسطح الحجارة في عملية سردية بصرية يضيع فيها الخط الفاصل بين الخاص والعام، بين الجامد والمتحرك، وبين المفاجئ والممنهج.
منذ معرضها السابق المعنون بـ"مناظر طبيعية برية"، التفتت الفنانة إلى صيغة تشكيلية مستحدثة أرادت بها أن تكون توصيفا لما صادفته في بيئتها، في البقاع اللبناني، من صخور وحجارة وأتربة مائلة إلى اللون الكستنائي وإلى اللون الأصفر الذي يذكر بالصحراء. رافق هذا التلوين الترابي الاصرار على جعل اللون الأزرق الرصاصي مزاجا عاما "يقلق" جو اللوحات بشكل عام. في معرضها الجديد انتقلت الزغبي إلى الإيغال في متاهة المنظومة الديناميكية والمتشنجة القائمة ما بين الحجر والبشر فتقشفت الألوان وحضر الرسم بالفحم.
جيولوجيا الذاكرة
الأعمال الفنية الجديدة ليست قائمة بذاتها بقدر ما هي استكمال لمعارضها السابقة، كما أشارت لنا الفنانة. فهي لا تشكل خروجا عن المنطق الملازم لسيرتها الفنية، بداية من أول معرض لها سنة 2016 بعنوان "أنظمة الشخصي" الذي انطلقت فيه "من أعماق الشخصي والحميم نحو العام والمشترك في محاولة لفهم العلاقة بينهما". وها هي اليوم تضع من جديد ما تراه من حولها تحت مجهر الذات في اتصاله مع الخارج حتى نكاد نقول إن هذه المشاهد التي رسمتها حتى الآن خرجت من تلك الخزانة الأولى.