هذا هو النص المترجم للعربية الذي أطلقه آرثر بلفور: "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا، أنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد".
وفي التحليل لنص وعد آرثر بلفور توجد النقاط الآتية:
1- إن حكومة صاحب الجلالة البريطانية تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية (إصرار من الحكومة البريطانية على فعل ذلك).
2- إن الدين اليهودي ليس قومية، ولا ينتمي إلى قومية واحدة، بل هو دين سماوي تدين به مجموعة من الناس موجودين في الكثير من البلدان في العالم، ولم يكن الدين لأية مجموعة يشكل قومية، فهل الدين المسيحي يشكل قومية للمسيحيين في العالم، وهم بالمليارات من البشر، وكذا الأمر بالنسبة للمسلمين، فهل الدين الإسلامي يشكل قومية، فهم في روسيا (20 مليونا) وفي الهند (150 مليونا) وفي فرنسا نحو (7 ملايين)... إلخ.
3- إن هذا الوعد المسمى "وعد بلفور"، ذكر فلسطين أكثر من مرة ولم يذكر شعب فلسطين، واعتبر سكان فلسطين وكأنهم مقيمون وطارئون، وبالتالي أفهموا العالم أن فلسطين هذه أرض بلا شعب، وأن حقوقهم فقط هي حقوق مدنية، ودينية، ولم يشر إلى شعب فلسطين الذي هو صاحب الأرض والهوية، لا سيما وأن اليهود في فلسطين كانوا لا يشكلون سوى 3 في المئة من تعداد السكان في فلسطين، وهم ليسوا قومية، بل يدينون بالدين اليهودي، كما هو الحال في معظم البلاد العربية، حيث كان اليهود في سوريا، والعراق، ومصر، والمغرب، وليبيا، وغيرها. وهم تاريخيا متعايشون مع هذه البلاد العربية منذ القدم، وكان لهم نواب ووزراء في حكومات هذه البلاد بصفتهم مواطنين فقط.

