في روايته الأولى "هذه ليست رصاصة"، يسرد لنا الكاتب السعودي عبدالله ناصر قصة طفل علقت بذاكرته طلقة رصاص اخترقت جدار منزلهم، أثناء تنظيف والده للمسدس، فكبرت ذكراها معه حتى اكتشف، من خلال البحث، رصاصات أخرى أطلقها أبوه، محاولا فيها أن يكتم فضيحة كادت أن تمس سمعة العائلة.
تبدأ الرواية، الصادرة أخيرا عن "دار الكرمة" في القاهرة، مع استذكار رشيد لحظة رؤيته، حين كان طفلا، أباه وهو ينظف مسدساته الثلاثة، في مطلع السنة الهجرية 1407 (حوالى منتصف ثمانينات القرن الماضي)، التي يضعها في الرف العلوي للخزانة، وهي أسلحته المخبأة إلى جانب بندقية صيد تلقاها هدية من صديق له. كان رشيد معجبا بالطريقة التي يقدم بها صديق والده نفسه، ومن ذلك أنه راح يتأكد من موت غزال اصطاده، فوثب الغزال وثبته الأخيرة وانتزع إحدى عينيه.
يدرك الأب، حسب الراوي، أن "السلاح لا يخلو بيد إلا وتنجذب السبابة من تلقاء نفسها إلى الزناد"، وهو تشخيص سيبدو للقارئ مع تصاعد الحكاية مبررا لأي فعل، وكأن إطلاق الرصاص ليس محكوما بقرار أو بتفكير للعواقب. إنه فعل تلقائي كالغضب المفاجئ أو الرد السريع على شتيمة أو إهانة. فما دمت تملك السلاح فإنه سيؤدي دوره على أي حال.
التلميح والشرح
تُسرد الرواية، بصوت راوٍ عليم ومشارك في الوقت نفسه. فإذا كانت الرصاصات اندلعت في وقت كان الراوي فيه لا يزال في الرابعة من عمره، فإن كل تفاصيل الحدث وما تعلّق به من ردود فعل وانفعالات، يبرّرها الكاتب، عبر صوت الراوي، من خلال بحثه عما جرى، وأسئلته للأشخاص المشاركين في الحدث أو حصوله على وثائق في البيت والمستشفى والسجن. فيسرد الراوي ما وجده بطريقة غير مباشرة، قد لا ينتبه إليها القارئ المتعجل أو الذي يرغب في أجوبة واضحة. إذ ليس هناك قصة واضحة في الرواية. الوضوح الوحيد فيها هو جمالية القص، أو تصوير المشاهد في حركة الشخوص.



