يحرص دونالد ترمب على تقديم نفسه بوصفه صانع سلام. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وخلال حضوره مراسم توقيع اتفاق سلام بين كمبوديا وتايلاند، تفاخر قائلا: "هذا واحد من ثماني حروب أنهتها إدارتي خلال ثمانية أشهر فقط". واعتبر ذلك إنجازا غير مسبوق، مضيفا: "لا أذكر رئيسا واحدا نجح في إنهاء حرب... إنهم يبدأون الحروب ولا يحلونها". وكما هو معلوم، فإن ترمب يطمح لنيل جائزة نوبل للسلام آجلا أم عاجلا، وتبدو هذه التصريحات جزءا من حملة تهدف إلى تعزيز فرصه في الحصول عليها.
ومع أن ترمب يستحق بعض التقدير لدوره في دفع عدد من القادة نحو إبرام هدن، فإن السؤال يبقى: هل هذا يجعله حقا صانع سلام؟ فبالرغم من تحقيقه بعض النجاحات الحقيقية، فإن معظم النزاعات الثمانية التي يدعي أنه أنهاها لم تحل فعليا. وعند التمحيص، يتضح أن ما تروج له الإدارة إما مبالغ فيه أو سابق لأوانه. فترمب قد يكون نجح في فرض وقف لإطلاق النار، لكنه لم يبذل جهدا يذكر لتحويل تلك الهدن إلى اتفاقات سلام دائمة.
تشمل النزاعات الثمانية التي يدعي ترمب أنه حلها: الصراع بين "حماس" وإسرائيل، حرب الأيام الاثني عشر بين إسرائيل وإيران، النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، الخلاف الحدودي بين تايلاند وكمبوديا، التوترات بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، الاشتباكات الحدودية بين الهند وباكستان، إضافة إلى الخلافات بين صربيا وكوسوفو، ومصر وإثيوبيا.
ومن بين هذه النزاعات، يعد النزاعان الأخيران الأكثر إثارة للشك. ففي يونيو/حزيران، قال ترمب: "كانت صربيا وكوسوفو على وشك الدخول في حرب كبيرة. قلت لهم: إن خضتم الحرب، فلن يكون هناك تجارة مع الولايات المتحدة. فقالوا: ربما لن نخوضها."
لكن لم يكن هناك صراع فعلي قائم، إذ لم تكن الدولتان في حالة حرب، رغم أن صربيا لا تعترف باستقلال كوسوفو. وعندما واجهته "هيئة الإذاعة البريطانية" (BBC) بهذه النقطة، أشار البيت الأبيض إلى جهود ترمب في دفع البلدين نحو تطبيع اقتصادي عام 2020، وهو ما لا يعد دليلا على إنهاء حرب.


