تعد السمنة أحد أكثر التحديات الصحية العامة تعقيدا وانتشارا على مستوى العالم، حيث تصنفها منظمة الصحة العالمية كمرض مزمن ومتكرر الانتكاس يتطلب رعاية مستمرة طوال حياة الفرد.
فقد شهدت العقود الأخيرة زيادة هائلة في معدلات السمنة، مدفوعة بمجموعة معقدة من العوامل تتراوح بين الجينات والبيولوجيا العصبية وأنماط الأكل الفردية، وصولا إلى البيئات المشجعة للسمنة الناتجة من التحولات في أنماط الغذاء والنشاط البدني، والتوسع الصناعي والغذائي العالمي.
وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من مليار شخص من السمنة حول العالم، مع ارتفاع ملحوظ في جميع البلدان تقريبا. وفي عام 2024، بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالسمنة والأمراض غير السارية الناجمة عنها نحو 3.7 مليون وفاة، وهو ما يمثل نحو 12% من إجمالي الوفيات بسبب الأمراض غير المعدية عالميا، مع توقعات بتكلفة اقتصادية تصل إلى ثلاث تريليونات دولار سنويا في حلول عام 2030. وقد تمثل السمنة في الدول التي تتجاوز نسبة انتشارها 30% ما يصل إلى 18% من الإنفاق الصحي الوطني.
في مواجهة هذا العبء الصحي والاقتصادي الهائل، برزت علاجات الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1 (GLP-1) كحل مبتكر وواعد. وهي بدأت أساسا لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني، نظرا لقدرتها على تحسين إفراز الإنسولين وفقا لمستويات الغلوكوز وتقليل إفراز الغلوكاغون، ثم توسعت تطبيقاتها لتشمل إدارة الوزن نظرا لتأثيراتها على الجهاز العصبي المركزي، حيث تعمل على تنظيم الشهية، وتعزيز الشعور بالشبع، وإبطاء إفراغ المعدة.
وقد أثبتت التجارب السريرية والأبحاث المنهجية أن هذه العلاجات تتيح فقدانا وزنيا ذا معنى سريري وتقدم فوائد أيضية واسعة، تشمل الوقاية من مرض السكري، وتحسين ضغط الدم، وتقليل الكوليسترول الضار، ومعالجة انقطاع النفس أثناء النوم، وحماية القلب والكلى، بالإضافة إلى تأثيراتها المحتملة في الأمراض العصبية التنكسية.



