من جزيرة صغيرة في المحيط الهادئ، أتى المخرج المسرحي ومدرب ومصمم الرقص، ليمي بونيفاسيو، حاملا اسم بلاده ساموا التي تسكنها مجتمعات الماوري المرتبطة ارتباطا وثيقا بالطبيعة والتواصل مع الأسلاف، ليستكشف على مدى ما يقارب عقدين من الزمن، في عروضه الأدائية الضخمة، أشكالا معقدة من المعرفة، مثل الخطابة والملاحة والعمارة والرقص والأداء والموسيقى والاحتفالات والفلسفات والأنساب، كقوة دافعة في ترسيخ الفنون المحلية، والتعافي الثقافي، واللغة والمعرفة، والفكر والروايات التي أسكتت أو أقصيت.
يعتقد بونيفاسيو أن أعماله تملي على النظرية المركزية الغربية في التفكير الفني والإبداعي شروطا غير معتادة للتأمل. عرضت إنتاجاته الرئيسة في المصانع والقرى النائية ودور الأوبرا والمدارس والقلاع والمعارض والملاعب في أكثر من 60 دولة.
ينفتح على التجريب في طرح قضايا شعوب عدة بعيدة من مسقط رأسه، تبدأ من تشيلي ولا تنتهي عند اللجوء السوري في ألمانيا. جالت عروضه في نيوزيلندا ودول عدة في أوروبا، كما وصلت العام المنصرم الى تونس، في "أيام قرطاج المسرحية"، حيث جرى هذا اللقاء.
تحمل أعمالك رسائل بيئية واضحة وتحرض على عدم إهمال معارف الثقافات القديمة بوصفها خزان حلول لمعضلات نعاني منها اليوم. ما الذي كسبته شعوب ساموا في رأيك من تلك العزلة النسبية التي عاشت فيها لقرون؟
أنا شديد الارتباط بالنظام البيئي. أفكر دوما بأنني جزء من الأرض، أقف وأمشي عليها، وسأعود لأستلقي في داخلها. ستمتصني الأرض من جديد، وسأكون ممتنا لكوني جزءا من هذه المعجزة التي تسمى الحياة. وجهة نظري تنبع من منظور كوني محدد، وتقليد روحي محدد، وموقف بيئي محدد. تكونت آرائي، وطريقة عيشي، وتفاعلي مع العالم، من جزر ساموا، ومن المحيط حولها، الذي نسميه موانا، الذي يلون حياتنا. مكنت هذه الرؤية الكونية والحكمة السامويين من العيش ضمن قواعد واضحة وإيقاع مؤثر.
جروح الحياة
هل ترى أن الفن قادر على ترويج ايقاع أكثر حكمة لمقاربة الحياة؟
مهمتنا كفنانين وقادة رأي، هي إيجاد طريقة لتحسين شعور الناس وذائقتهم ونظرتهم الى العالم. كيف نلمس العالم؟ ما دورنا على الأرض؟ فنحن لسنا سادة الأرض، ولا يفترض أن نخربها ولا أن نديرها. نحن جزء من عملياتها الموجودة قبلنا بكثير، وستبقى بعد رحيلنا. معاملتنا المدمرة للبيئة تعكس تعامل بعضنا مع بعض.





