مسلسلات عربية أثارت جدلا واسعا على شبكات التواصل

عالجت قضايا اجتماعية وسياسية ودينية

مسلسلات عربية أثارت جدلا واسعا على شبكات التواصل

بات شهر رمضان الكريم في العقدين الأخيرين بمثابة منصة لإطلاق أحدث وأضخم الإنتاجات التلفزيونية. وقد أسهم التطور التكنولوجي في منح الأعمال التلفزيونية قدرة أكبر على الوصول، وجذب أكبر شريحة ممكنة من المشاهدين من مختلف الأعمار، وذلك على حساب الأعمال السينمائية. وهذا ما دفع بالمنتجين والممثلين الى تفضيل الأعمال الدرامية، ولا سيما مع دخول منصات البث الرقمي حلبة المنافسة بقوة في السنوات الأخيرة.

ازدحام

هذا الازدحام الكبير في الأعمال التلفزيونية في الموسم الرمضاني يسبب حيرة لدى المشاهدين في انتقاء المسلسلات التي سيتابعونها. وإذا كانت حملات التسويق وآراء النقاد تلعبان دورا بارزا في حسم خيارات الجمهور فيما مضى، فإن وسائل التواصل الاجتماعي صارت في السنوات الأخيرة المعيار الأقوى والأبرز، وباتت آراء المغردين والناشطين ومنشوراتهم تقوم مقام دليل الأعمال التلفزيونية، وتلعب دورا كبيرا في ترجيح كفة أعمال درامية على حساب أخرى. حتى إن كثرا باتوا يطلقون على شبكات التواصل الاجتماعي مصطلح السلطة الناعمة، نظرا لتأثيرها الكبير في حياة الناس.

ومثل كل عام، أثارت بعض الأعمال الكثير من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي. وأبرزها ست مسلسلات، أربع منها تتناول ظواهر اجتماعية، لكن الجدل الذي أثير حولها كان ذا طابع سياسي: فلوجة (تونسي)، دفعة لندن (سعودي)، النار بالنار (سوري – لبناني مشترك)، ابتسم أيها الجنرال (سوري). وإثنان تاريخيان، مصريا الهوية والإنتاج: رسالة الإمام، وسره الباتع.

ورغم اختلاف أسباب الجدل حول المسلسلات الاجتماعية إلا أنها تندرج كلها ضمن خانة الإشكالية الكبرى التي تصاحب الأعمال التي تتناول بجرأة بعض الظواهر الاجتماعية ألا وهي الحريات وحدودها. فمع أنها كما كل المسلسلات لم تكن لتبصر النور إلا بعد حصولها على موافقة الجهات الرقابية، إلا أن معيار الحريات نفسه ليس واحدا لدى الجمهور، وبخاصة عند المجتمع المعني مباشرة بموضوع العمل.

بيد أن كثرة الجدل حول عمل ما يدفع بشريحة واسعة من الجمهور تلقائيا الى مشاهدته أو على الأقل الإطلاع على مقتطفات منه، للوقوف على أسباب ما قد كتب عنه وتكوين فكرة عن مضمونه بهدف الإدلاء بآرائهم في الخلاف الناشب حوله. وهذا ما يمنح العمل تأشيرة مرور نحو فئة "الأكثر مشاهدة". وهو ما قد يكون هدفا بحد ذاته لدى صناعه. فمن المعروف أن شبكات التواصل الاجتماعي تتغذى من الأفكار والمواضيع المثيرة للجدل.

فئات تونسية واسعة رأت في "فلوجة" محاولة لإشاعة الفسق والفساد، وحتى تهديد الأمن القومي ورأى البعض أن العمل تقصد إثارة الجدل لغايات تسويقية بحتة، في حين اعتبر البعض الآخر أنه يشكل مرآة عاكسة تنقل واقع المجتمع

فلوجة

عمل درامي تونسي من عشرين حلقة يعرض على قناة "الحوار التونسي"، أثار جدلا واسعا في تونس منذ عرض حلقته الأولى. يتناول العديد من المشاكل المجتمعية ومظاهر الانحراف في المدارس الثانوية: ترويج المخدرات في المؤسسات التربوية، العلاقات العاطفية بين المراهقين، علاقة الطلاب بأولياء أمورهم وكذلك بأفراد الأسرة التعليمية، العنف ودور الشرطة فيما يحصل في محيط المدارس.

العنوان في حد ذاته مثير للجدل، فلماذا اختيار اسم الفلوجة، وهي مدينة عراقية ذاع صيتها عربيا وعالميا بين 2005 – 2007 في مقاومة الاحتلال الأميركي؟ فلوجة هو مصطلح يطلقه التوانسة على الفوضى، ويستخدمونه حتى في وصف "عركة عادية" حسب التعبير المحلي، أو لوصف حياة أحدهم عندما يكون فوضويا وغير مستقر فيقال "فلان حياتو فلوجة، لازمو يركز وينظم روحو". ومن هذا التعريف اشتق صناع العمل اسم المسلسل للدلالة على حالة الفوضى والخراب في الوسط المدرسي. بيد أن ذلك تسبب في استياء واسع ليس في تونس فحسب، بل أيضا في مدينة الفلوجة العراقية نفسها، حيث أصدر "مجلس وجهاء وأعيان الفلوجة" بيانا يدين فيه "زج اسم مدينتهم في الظواهر المرضية لبعض فئات المجتمع التونسي، ويدعو مجلس النواب والحكومة العراقية الى تقديم احتجاج رسمي للسلطات التونسية، وإيقاف عرض المسلسل". كذلك اعترض عدد من الناشطين والمغردين العراقيين واعتبروا المسلسل إساءة لمدينة الفلوجة ورمزيتها المقاومة.

أما داخل تونس فقد لقي المسلسل اعتراضا كبيرا، حيث رأت فيه فئات واسعة من الشارع التونسي محاولة لإشاعة الفسق والفساد، وحتى تهديد الأمن القومي. ورأى البعض أن العمل تقصد إثارة الجدل لغايات تسويقية بحتة، في حين اعتبر البعض الآخر أنه يشكل مرآة عاكسة تنقل واقع المجتمع والمؤسسات التعليمية. كما أن شريحة واسعة من المثقفين التونسيين دعمت العمل لكونه يشكل صدمة إيجابية قد تسهم في إنقاذ أجيال من الأطفال، وإصلاح المنظومة التربوية. وقد أعاد أحد الإعلاميين التونسيين التذكير بأن المعاهد أصبحت سوقا لترويج المخدرات بشهادة الجمعيات والمنظمات الدولية، وبأرقام وإحصاءات المؤسسات الاجتماعية.  

اللافت أن أطرافا داخل الحكومة التونسية واتحاد العمال انتقدت مضمون العمل في توافق نادر الحصول بينهما. منهم وزير التربية محمد علي البوغديري الذي وصف المسلسل ب"المهزلة" واعتبره "عملا سيئا لأبعد الحدود ضرب الأسرة التربوية في العمق". ووصل الأمر الى أعتاب القضاء، حيث قام محاميان برفع دعوى أمام قضاء العجلة التونسي لإيقاف عرض المسلسل لأنه "يتعمد ضرب الأخلاق والتربية من خلال نشر البذاءة لإفساد عقلية جيل الغد". وهو ما اعتبره المدافعون عن الحريات في تونس محاولة لفرض رقابة أخلاقية على الأعمال الفنية، وشرعنة التضييق على الحريات، مقابل آراء أخرى رفضت أن تكون حرية الإبداع على حساب القيم المتعارف عليها في المجتمع. وقضية الحريات في تونس هي موضع جدل كبير في الأشهر الأخيرة.

وبالمجمل فإن النقاش الأساس هو حول دور الأعمال الفنية، هل هو اجترار الواقع أم محاولة إصلاحه والرقي به؟ عرض الحقائق بعريها، أم تجميلها على طريقة دفن الأوساخ تحت السجادة؟ من دون إغفال تأثر المتلقي بالمحتوى وخاصة صغار السن، واحتمالية نزوع فئة منهم نحو تقليد ما شاهدوه في العمل. وهذا نقاش قديم العهد منذ مسرحية "مدرسة المشاغبين" المصرية الشهيرة وتأثر أجيال بها. لكن القضاء التونسي حسم الجدل وأصدر قرارا في 28 مارس/آذار رفض فيه وقف بث المسلسل، وأكد أنه لا يحمل أي إساءة أو إهانة. وحسب الإحصائيات يحظى "فلوجة" بأعلى نسب المشاهدة في تونس. منها إحصائية صادرة عن مؤسسة "سيغما كونساي" تشير الى أن العمل شاهده حوالي 2.3 مليون تونسي، أي نحو 23.6 % من إجمالي المشاهدين في البلاد، وبفارق كبير يقارب الضعف عن المسلسل الذي احتل المرتبة الثانية والذي حصل على نسبة مشاهدة 11.7 %. وربما لعب الجدل المثار حوله الدور الأكبر في ذلك.

أثار "دفعة لندن" نذر بوادر أزمة دبلوماسية بين العراق والكويت، عقب تحرك هيئة الإعلام والاتصالات العراقية ومطالبتها "بوضع حد للتجاوزات المشينة بحق العراقيين والشخصية العراقية"

دفعة لندن

مسلسل من 10 حلقات يعرض على قناة MBC ومن إنتاجها. ويروي قصة مجموعة من الطلاب العرب الذين يدرسون بإحدى جامعات لندن في ثمانينات القرن الماضي، ويحمل كل منهم أفكارا وقناعات ومبادئ مختلفة عن الآخرين. ويحتك هؤلاء الطلاب بمجموعة مختلفة من الجيران والأصدقاء المنتمين الى جنسيات مختلفة فينفتحون على أفكار جديدة.

وقد أثار هذا المسلسل جدلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج وخاصة في العراق، إذ اعتبر الكثير من العراقيين أنه يتعمد الإساءة اليهم. فهناك مشهدان في حلقاته الأولى كانا السبب الأساس في إثارة غضب عراقي كبير:

الأول: عراقيات يعملن خادمات ويُتهمن بالسرقة، والأسوأ أنهن يعملن في خدمة طالبات كويتيات. الثاني: رجل عراقي يرفض مساعدة الفتيات الكويتيات بعد أن سرقت نقودهن، ويبصق عليهن عوضا عن نجدتهن. وهو ما اعتبره العراقيون تشويها لصورتهم.

وردا على ذلك قام عدد من المغردين العراقيين بتداول صور ومنشورات تعيد التذكير باجتياح الجيش العراقي لأراضي دولة الكويت. كما ذكرت بعض النخب العراقية بالنساء العراقيات اللواتي نجحن بتحصيل شهرة عالمية مثل المهندسة المعمارية العالمية زها حديد.

هذا النقاش أسهم الى حد كبير في إعادة شحن وإذكاء خطاب الكراهية بين الكثير من العراقيين والكويتيين الذين تبادلوا الاتهامات في تشويه صورة الآخر في الأعمال الدرامية. بيد أن بعض المغردين أعاد التذكير بأن كاتبة العمل ممنوعة من العمل في دولة الكويت، وأن الانتقادات يجبب توجيهها الى صناع العمل وليس الى الشعب الكويتي.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل بدأت نذر بوادر أزمة دبلوماسية بين العراق والكويت تتجمع في الأفق، عقب تحرك هيئة الإعلام والاتصالات العراقية ومطالبتها بوضع حد للتجاوزات المشينة بحق العراقيين والشخصية العراقية. ووصلت القضية الى داخل البرلمان العراقي الذي طالب بعض أعضائه باستدعاء السفير الكويتي في بغداد لتقديم اعتراض رسمي على العمل، لكن شيئا من ذلك لم يحصل.

في المقابل، أوضحت صحيفة الرأي الكويتية أن العمل لا يمت للكويت بصلة، ولم يحصل على أي موافقات من الجهات الرسمية، كما أنه لم يعرض على أي منصة كويتية. نتيجة لهذه الأجواء المشحونة، بادرت مؤلفة العمل الكاتبة هبة مشاري حمادة الى الرد عبر حسابها على "إنستغرام" وأكدت أن تاريخ العراق كبير وأنه إرث عربي يتباهى به العرب جميعا.

وأوضحت حمادة أن العمل يتحدث عن أستاذ تاريخ عراقي ائتمن قبل إعدامه صديق عمره على بناته اللاتي يملكن ثروة باذخة ومنزلا في لندن، لكن الصديق ترك البنات على رصيف المطار وهرب بالمال. وأضافت بإن القصة هي إسقاط على سرقة العراق وإرثه الحضاري ومستقبل أبنائه بسبب الحرب والانقلابات والمؤامرات العالمية، مبدية أسفها من التعليقات السطحية.

"النار بالنار" محاكاة دقيقة وواقعية للواقع المعاش يروي قصة شخصيات مأزومة تعبر عن واقع مأزوم عرقيا وطائفيا واجتماعيا ويعرض بجرأة الكثير من قصص ومآسي النازحين السوريين في لبنان

النار بالنار

مسلسل يعرض على منصة "شاهد"، وهو عمل اجتماعي بنكهة سياسية، يتحدث عن حي بيروتي شعبي فقير، ويتناول تأثيرات وتداعيات العنصرية على الأشخاص الذين يعيشون في هذا الحي. والمسلسل محاكاة دقيقة وواقعية للواقع المعاش في لبنان، يروي قصة شخصيات مأزومة تعبر عن واقع مأزوم عرقيا وطائفيا واجتماعيا.

ويعرض بواقعية شديدة وجرأة كبيرة الكثير من قصص ومآسي النازحين السوريين في لبنان، وعلاقتهم بفئات من الشعب اللبناني المشحونة برواسب الحرب الأهلية وهيمنة النظام السوري على لبنان لنحو ثلاثة عقود. وكذلك غياب سلطة الدولة عن الأحياء الشعبية وتركها رهينة حكم البلطجية الذين يفرضون الأتاوات، وهو نمط اجتماعي سائد في لبنان في العاصمة ومدن الأطراف. علاوة على العلاقات غير المشروعة اجتماعيا والاتجار بالبشر وظاهرة التشدد الديني لدى بعض الفئات اللبنانية

المشهد الذي أثار الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي هو حوار مدته أقل من دقيقتين بين مريم من جهة، المدرسة السورية التي هربت من وطن مزقته الحرب ودخلت لبنان بطريقة غير قانونية وبلا أوراق ثبوتية لتجد نفسها عالقة في بيروت فيتوجب عليها مقاومة الواقع فيما يمثل صراع البقاء.

وبين عزيز من جهة أخرى، وهو شاب مسيحي مثقف وموسيقي، لكنه يعيش في كنف حدث تاريخي غير له حياته، والمتمثل بوالده المفقود أثناء الحرب الأهلية، ويرجح أنه اختطف على يد جنود من الجيش السوري أو ميليشيات لبنانية متعاونة معه. وهو ما أثر على سلوكه اليومي ونظرته للآخرين وتحديدا النازحين السوريين الذين يعتبرهم دخلاء على الحي ويقومون بتغييره من الناحية الديموغرافية.

يبدأ الحوار إثر لافتة علقها عزيز كتب فيها "يمنع تجوال السوريين بعد الساعة الثامنة مساء"، وهو فعل حصل مرارا وتكرارا على أرض الواقع. وعندما تسأل مريم عن الشخص الذي علق اللافتة يرد عزيز بخطاب يعود الى لحظة دخول الجيش السوري الى لبنان عام 1976، ويعبر بشكل صريح عن خطاب الكراهية الذي تشتهر به بعض النخب المسيحية اليمينية اللبنانية، ومنها رئيس الجمهورية السابق.

ضمن الحوار يستخدم عزيز مصطلح الشعب "الرتش" وهو تعبير فوقي لبناني استخدم بكثرة لهجاء السوريين وخاصة على مواقع التواصل. فترد مريم بنعته ب"الفينيقي"، وهو مصطلح حاولت النخب المسيحية المؤسسة لدولة لبنان والمهيمنة على قراره استخدامه لاختراع هوية مستقلة عن العرب، فيعيرها عزيز باللغة الفرنسية التي يتشدق بها المثقفون في لبنان، والتي لا يجيدها السواد الأعظم من طبقة العامة السورية. والجدل الذي دار على وسائل التواصل الاجتماعي كان نوعا من الانقسام المطابق للمشهد والحوار الذي تم فيه، حيث أيده أغلب المغردين، بل وأضافوا عليه، كل حسب انتماءه وفكره.

 

ابتسم أيها الجنرال

مسلسل سوري  أثار الجدل منذ لحظة بث إعلانه الترويجي. فالعمل يضم كوكبة من الممثلين المعارضين للنظام السوري، ومن كتابة الكاتب السوري سامر رضوان، ويتحدث عن أسرة حاكمة متسلطة، وعن صراعات السلطة والنفوذ والمال التي تدور داخلها ولا سيما بين إثنين من الأخوة بعد أن ورث أحدهما الحكم عن أبيه الديكتاتور.

ومع أن العمل يهدف حسب كاتبه وصناعه الى تعرية بنية الديكتاتوريات دون تسمية ديكتاتورية بعينها، وينطبق على كل السلطات العسكرية التي حكمت البلاد العربية، إلا أن المسلسل يحاكي بإسقاطاته عائلة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وكواليس عملية توريث نجله بشار، والخلافات والصفقات داخل أروقة هذه العائلة والجوقة المحيطة بها، وفضائحهم حتى الجنسية منها. والصراع بين الشقيقين على كرسي الحكم يحاكي الصراع الذي دائما ما تحدثت عنه وسائل الإعلام العربية والدولية بين بشار الأسد وشقيقه ماهر الذي يعتبر أنه الأحق بالرئاسة، لكن رجال الاستخبارات الذين يعتبرون حراس الهيكل وحماة نظام الأسد زكوا بشار عند والده، لذلك فهو يكرههم ويحاول الانتقام منهم.

مكسيم خليل في مسلسل "ابتسم أيها الجنرال"

كل ما في داخل العمل يشي بوضوح أنه يتحدث عن سوريا، وعن عائلة الأسد، بدءا من نوع ولون البدلات العسكرية، مرورا بالصطلحات مثل "بالروح والدم معك"، وهي الجملة التي استخدمها مؤيدو النظام على نظاق واسع إبان انطلاق الاحتجاجات في سوريا في مارس/آذار 2011، وصولا الى الصور سوقت للبطل الرئيسي في العمل وهو الممثل مكسيم خليل، والتي يظهر فيها بوضعيات مشابهة تماما لبشار الأسد.

ويظهر من خلال المنشورات والتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي، أن المسلسل حظي بمتابعة واسعة في الشارع السوري، رغم تحذير العديد من الصفحات والمغردين الموالين للنظام من مشاهدته، ليس لأنه يتناول عائلة الأسد، إنما لما يتضمنه من مشاهد خادشة للحياء في مجتمع محافظ مثل المجتمع السوري، وفق ما سوقت تلك الحسابات.

كما انهالت المئات من التعليقات الساخرة على وزن "أول حلقة في البيت والثانية عند بيت خالتك" المقصود به سجون وأقبية الاستخبارات. في المقابل تعرض العمل لنقد واسع من قبل الجمهور المعارض للنظام السوري، وأيضا من قبل عدد من المثقفين والفنانين السوريين المعارضين. وذلك عائد الى أنهم توقعوا أن يتحدث الكاتب الجريء سامر رضوان عن عائلة الأسد بدون قفازات، صراحة لا مواربة.

ومن المثقفين الذين صبوا جام غضبهم على العمل كان رسام الكاريكاتير السوري الشهير علي فرزات الذي أعرب عبر حسابه على "فيسبوك" عن سخطه من إصرار صناع العمل على أنه من نسج الخيال، وانتقد بشدة الكاتب لأنه سبق له تقديم مسلسلين يعريان النظام، "دقيقة صمت" و "الولادة من الخاصرة"، أبرز فيهما بوضوح علم سوريا وصور بشار الأسد، في حين أنه اليوم يصر على عدم ذكر بشار الأسد بوضوح رغم كل ما جرى في سوريا.

تعرض "ابتسم أيها الجنرال" لنقد واسع من قبل الجمهور المعارض للنظام السوري، وأيضا من قبل عدد من المثقفين والفنانين السوريين وذلك عائد الى أنهم توقعوا أن يتحدث الكاتب سامر رضوان عن عائلة الأسد بدون قفازات


رسالة الإمام

مسلسل درامي تاريخي يعرض على عدة قنوات مصرية، يتناول السنوات الست الأخيرة من حياة الإمام محمد بن إدريس الشافعي، أحد أشهر وأبرز علماء الفقه والتفسير، والتي قضاها في مصر. واجه العمل انتقادات واسعة على شبكات التواصل. وأغلب هذه الانتقادات كانت بسبب ما تضمنه المسلسل من معلومات تاريخية خاطئة عن حياة الإمام الشافعي، وبعضهم وصف الأخطاء بالكارثية.

الأخطاء المنتقدة:

1 - حوار بين الخليفة العباسي المأمون وبين الإمام الشافعي سنة 198 هجرية، يتكلمان فيه عن خلق القرآن.

وقد أوضح المؤرخ والباحث المصري أشرف حسن عبر حسابه على "تويتر" أن المأمون اعتنق القول بـ "خلق القرآن" عام 212 هجرية وبعدها بدأ ما عرف بمحنة أو فتنة خلق القرآن. في حين أن الشافعي توفي في مصر عام 204 هجرية ولم يقابل الخليفة المأمون

2 - اللهجة العامية

اللهجة العامية المستخدمة في بعض حوارات المسلسل في الوقت الذي اشتهر الإمام الشافعي بفصاحة لسانه. وقد بين الكاتب المصري المتخصص في التاريخ محمود سالم الجندي من خلال حسابه عبر "تويتر" وجود مجموعتين من اللغات في مصر ذلك الزمان، العربية الفصحى وخليط من اللغات اللاتينية واليونانية التي استخدمها الأقباط. أما اللهجة العامية فهي لم تبدأ بالظهور إلا بعد فترة طويلة من انتشار الإسلام في مصر من بعد عام 400 هجرية. ويذكر أيضا أن الخليفة المأمون لما جاء مصر أشهر ما روي عنه أنه كان يمشي في الأسواق بصحبة المترجمين، وكان يستقبل الأعيان ومعه اكثر من مترجم.

خالد النبوي من مسلسل "رسالة الإمام"

3 - صلاة الفجر

ضمن أحداث العمل، يصلي الإمام الشافعي صلاة الفجر دون سنة، ويذكر الحديث النبوي "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" قاصدا صلاة الفرض، وهو ما عابه كثير من المغردين والناشطين على صناع العمل، فالحديث الشريف يقصد به سنة الفجر.

4 - الراهب القبطي

مشهد آخر أثار انتقادا واسعا هو عرض الشافعي زوجته حين مرضها على طبيب هو راهب قبطي، وقد ذكر كثير من المغردين أن الشافعي كان مشهورا ببراعته بالطب ونقل عنه قوله "لولا اشتغالي بالفقه لاشتغلت بالطب".  

5 - السرقة الأدبية

يذكر البطل وهو الممثل المصري الشهير خالد النبوي، أبياتا شعرية على أنها للشافعي، لكن الشاعر السوري حذيفة الأعرجي أوضح بأن هذه الأبيات عائدة له وكتبها منذ 10 سنوات، وأنه طالما جرى نسبها للشافعي وهو شرف، لكنه كان دائما ما يوضح أنه هو من كتبها. وهذا خطأ لم يكن يجدر بصناع العمل الوقوع بمثله حسب الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي.

كثرة الانتقادات دفعت صناع العمل الى إيراد ملاحظة قبل الحلقة السادسة مفادها: "رؤية درامية مستوحاة من أحداث تاريخية. تنويه، بعض حكايات وشخصيات العمل من وحي خيال المؤلف للضرورة الدرامية". في المقابل دافع كثر عن العمل، وأبدوا إعجابهم بعودة المسلسلات التاريخية والدينية بعد توقف دام سنوات، ما يعيد الى الأذهان جمال المسلسلات التاريخية وقيمتها الهادفة.

وعموما فإن كل الروايات والأعمال الدرامية التاريخية تواجه الانتقادات عينها، والتي تدور كلها حول إشكالية أمانة النقل والاقتباس من أمهات الكتب، والسياقات الدرامية والبناء الروائي التي تشكل علامة تمايز بين الكتاب والأدباء. وسبق أن تعرضت الكثير من الروايات لانتقادات مشابهة، الأمر الذي دفع دائما بصناع تلك الأعمال الى التوضيح بأنها ليست توثيقا، إنما رؤية درامية أو رواية أو عمل أدبي.

واجه "رسالة الإمام" انتقادات واسعة على شبكات التواصل، أغلبها بسبب ما تضمنه المسلسل من معلومات تاريخية خاطئة عن حياة الإمام الشافعي، وبعضهم وصف الأخطاء بالكارثية

سره الباتع

مسلسل مقتبس من قصة تحمل الاسم نفسه للأديب المصري الراحل يوسف إدريس، يعرض على عدة قنوات مصرية. ويعد التجربة التلفزيونية الأولى للمخرج المصري الشهير خالد يوسف الذي قام أيضا بالمعالجة الدرامية لعمل إدريس. ويضم مجموعة كبيرة من نجوم الدراما المصرية.

تدور أحداث المسلسل ما بين الماضي والحاضر حول شاب اسمه حامد يبحث عن سر مقام "السلطان حامد"، وهو بطل شعبي ومجاهد وقت الحملة الفرنسية على مصر، سطر بطولات حولته الى أسطورة لها أضرحة ومقامات في الكثير من القرى المصرية، وصارت سيرته ملحمة شفوية تتوارثها الأجيال. والمسلسل تدور أحداثه في حقبتين زمنيتين مختلفتين، إحداهما في العصر الحالي، والأخرى إبان الحملة الفرنسية نهاية القرن الثامن عشر تتناول تأثيرها على المصريين.

وقد تعرض العمل الى انتقادات كثيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما بعد حملة التسويق الهائلة التي سبقته. منها بسبب التركيز على الأضرحة والقبور، والترويج للاعتقاد السائد لدى بعض الفئات الشعبية في كرامات المشايخ وقدرتهم على الاستجابة للدعاء وتلبية المطالب والرغبات. وكذلك الإسقاطات على السلفيين وموقفهم من الأضرحة ومحاولة هدمها عقب ثورة 25 يناير 2011.

وانتقادات أخرى وهي الأوسع بسبب الأخطاء التي وقع فيها معدو المسلسل، ولا سيما الأخطاء التاريخية التي تخل بالتاريخ والبناء الدرامي معا. منها ظهور عربة الكارتة التي تجرها الخيول أو نوعية الملابس المستخدمة في العمل والتي لم تكن مستخدمة في تلك الحقبة الزمنية، وأيضا ظهور سفرة تناول الطعام في الحلقة الثانية وهي عادة حديثة لم يعرفها العالم إلا قبل أكثر من 100 عام، في حين أن المصريين كانوا يتناولون طعامهم على الطبلية الشهيرة.

ويهدف صناع العمل من خلال عملهم إلى إحياء الروح المصرية. يظهر ذلك بداية من خلال عنوان العمل سره باتع وهو تعبر مصري خالص يعني أن الشخص المذكور لديه كرامات، أو موهوب وصاحب قدرات فذة حسب التفسير المعاصر. وكذلك تتر أو أغنية المسلسل التي عزفت على وتر حب الوطن وتاريخ طويل من المقاومة، وهي أغنية من كلمات مصطفى إبراهيم، وغناء المطرب المصري الشهير محمد منير.

وأيضا من خلال سياقات المسلسل التي تركز على الفلاح المصري الذي حمل على روحه على كفه لطرد المستعمر وبناء دولة مصر. وحسب العمل فإن قيادة السلطان حامد للمقاومة ضد المستعمر جعلت منه وليا وصاحب مقام، وهو ما يطرح رؤية مغايرة تجعل من الرمز الديني في حقيقته رمزا وطنيا خاصا محاطا بهالة من القداسة.

font change

مقالات ذات صلة