حسن صميلي: آفاق اللغة تتجدّد مع كل ولادة شعرية

في رصيده أربعة دواوين ومجموعة جوائز

صميلي يلقي الشعر

حسن صميلي: آفاق اللغة تتجدّد مع كل ولادة شعرية

أبوظبي: عند إصداره لمجموعته الشعرية الأولى بعنوان "بسملة على كثيب وطن" في العام 2012 قال الشاعر والناقد السعودي الدكتور حسن بن عبده صميلي "سيظل الديوان محاولة جادة لكسر أفق اللغة عبر تقنيات جديدة ذات أبعاد دلالية مختلفة" وبعد مرور أكثر من عشر سنوات يتحدث صميلي عن ذات المعنى الذي تناوله في هذه الجملة القصيرة فيؤكد أن "اللغة هي المعيار الرئيس في هيكل النص الشعري وفي بنية وتناسل دلالاته، وآفاق اللغة ليست مسافة تنتهي، بل خَلْقا يتجدد مع كل ولادة شعرية".

وما بين مجموعته الأولى والوقت الراهن أصبح في رصيده أربع مجموعات شعرية، وهي إضافة إلى ما تقدّم "موت يشتهي الوردة" و"نزهة في عالم الفناء" وهما مجموعتان شعريتان أهلتاه للوصول للقائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد للكتاب، و"يقينا يرشح الرمل"، كما أهلته العديد من القصائد للحصول على جوائز متنوعة في العديد من المسابقات، وما بين حدث وآخر في تجربته يستمر حسن صميلي في كتابة الشعر فهو اللغة التي تسكنه قبل أن يعبّر عنها في قصائده بطرق مختلفة ليجسّد من خلالها حالات إنسانية ووطنية عميقة.

الطبيعة محور تعبيري هام ومؤثر في تشكيل النص الشعري وفي تطور مراحله، وكل نقطة تبدأ عبورها من فكرة الطبيعة تحفظ جوهرها الإنساني، ومن ثَمَّ فإن دواويني الأربعة تنحو منحى تلوينيا في استثمار جسد الطبيعة وما يتناسل منها


جسد الطبيعة

حسن صميلي الذي يشغل منصب أستاذ الأدب والنقد المساعد بجامعة جازان، يتنقل في كتابة القصيدة ما بين التفعيلة والعمودي، وهو ما تفرضه الحالة التي يعيشها والتي تشده لاتجاه ما دون آخر. عن هذا يقول: "أكتب شعر التفعيلة وأكتب النص العمودي على حدٍّ سواء، وتجليات القصيدة لدي تخضع لمعمار دلالي ومضموني بعيدا عن الاكتفاء بمعمار الشكل والهيكل".

والإبداع على اختلافه لم يقتصر على القصائد بل يراه القارئ منذ أن يقع نظره على أحد عناوين مجموعات صميلي الشعرية، فهو يختار عناوينه بدقة واحترافية كونها النوافذ التي تقود إلى مشهده الشعري. يوضح: "عناوين مجموعاتي الشعرية تقتنص في تجلياتها ثنائيات الذات والآخر، وهي تنزع إلى الانزياح البنيوي والدلالي في معمارها، فلم يعد العنوان في النص الشعري المتجاوز عتبة نصيَّة هامشية، بل إنها متن آخر يضيف للمتن الشعري الرئيس، ووفقا لكل ذلك أسعى جادا لاصطياد عناوين ذات رؤى وتشكيلات مكثفة".

الشاعر السعودي حسن صميلي (يسار) في إحدى الأمسيات

ورغم اختلاف مواضيع قصائد صميلي، إلا أنه عندما أصدر مجموعته الشعرية "يقينا يرشح الرمل" لفت الانتباه إلى علاقته مع الطبيعة التي استوحى منها العديد من الصور الشعرية. يقول: "الطبيعة محور تعبيري هام ومؤثر في تشكيل النص الشعري وفي تطور مراحله، وكل نقطة تبدأ عبورها من فكرة الطبيعة تحفظ جوهرها الإنساني، ومن ثَمَّ فإن دواويني الأربعة تنحو منحى تلوينيا في استثمار جسد الطبيعة وما يتناسل منها".

الطبيعة محور تعبيري هام ومؤثر في تشكيل النص الشعري وفي تطور مراحله، وكل نقطة تبدأ عبورها من فكرة الطبيعة تحفظ جوهرها الإنساني، ومن ثَمَّ فإن دواويني الأربعة تنحو منحى تلوينيا في استثمار جسد الطبيعة وما يتناسل منها

جوهر التجربة

ارتبطت المجموعة الشعرية "موت يشتهي الورد" ومن ثم مجموعة "نزهة في فناء الشك" بجائزة الشيخ زايد للكتاب عامي 2018 و2019 حيث نافست المجموعتان في القائمة الطويلة في فرع المؤلف الشاب. يذكر صميلي: "إنها حالة مثرية لقصيدتي، إذ إنَّ وصول الديوانين للقائمة الطويلة كان منصفا للغة التي أنهجها في قصيدتي، وتجربتي الشعرية بفعل هذا الترشيح وقفت أمام فعل نقدي جادّ، كما ساهم الترشيح في منح تجربتي شكلا من أشكال الحضور في الفكر النقدي المحلي والعربي".

وفي دروب أخرى من تجربة صميلي، استطاع عبر قصائده الحصول على جوائز متعددة، واحتل مراكز متقدمة في عدة مسابقات مثل مسابقة "دار الصباح للنشر والتوزيع" عن مجموعته "موت يشتهي الورد" وحصل على المركز الثاني في مسابقة طرحتها وزارة الثقافة والإعلام السعودية، وفاز بالدورة الـ 33 لجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم في مجال الشعر الفصيح، كما حصل على جوائز أخرى في مسابقات أقيمت في السعودية والعالم العربي. حول هذا الاستحقاق يقول: "أسعى في المسابقات إلى الحضور المستدام والمؤثر، وأرتبط بالمسابقات ارتباطا جماليا وشعريا بالدرجة الأولى، بعيدا عن الألقاب والجوائز، والمسابقات في فكرتها البعيدة هي اعتراف ضمني بجوهر التجربة، فكل مسابقة تقدم للشاعر رؤية جديدة وشاملة عن طقوس الكتابة وأبعادها".

ورغم تعدد الجوائز إلا أن فخره وسعادته كان خاصا عند الفوز بالمركز الثاني في مسابقة وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية التي حملت عنوان "مواهب في حب الوطن" والتي نُظمت بمناسبة اليوم الوطني الـ 87 للمملكة. يؤكد أن الفوز بجائزة وزارة الثقافة بمناسبة اليوم الوطني يعني له الكثير، فاليوم الوطني "خالد في ذاكرة الثقافة".   

وربما قاد ارتباط حسن صميلي بالمسابقات إلى المنافسة في برنامج "أمير الشعراء" في أبوظبي في العام 2015 يستحضر ذكرياته عن المسابقة ويوضح: "أمير الشعراء فرصة مهمة للوصول للآخر البعيد، وفرصة مثلى لمعرفة السلوك الشعري الخاص، وكيف وصلت التجربة الذاتية لدى المتلقي، ورغم كل ما يقال مدحا ونقدا عن أمير الشعراء إلا أنه حالة عربية فريدة في وصولها للمتلقي العربي والتأثير في فعله القرائي". كما يشير صميلي إلى أهمية العديد من المسابقات والأمسيات الشعرية في العالم العربي. ويقول: "لا أمانع كثرة المسابقات، فالشعراء لهم حق أصيل في الوصول والتعبير كيف شاؤوا ومتى شاؤوا، ووصاية الآخر على حرية الشاعر في اختياره ووصوله لا طائل ولا جدوى منها".

وأخيرا يكشف الشاعر السعودي عن جديده: "أشتغل حاليا على إنجاز مجموعتي الشعرية الخامسة، وعلى كتاب نقدي عن شعر منطقة جازان التي أنتمي إليها، كما أشتغل دائما على تطوير ذاتي شعريا وإنسانيا.

         

font change

مقالات ذات صلة