تذاكر السفر تحلق ...

لماذا لم تنخفض أسعارها تبعا لانخفاض أسعار وقود الطائرات؟

ناش ويراسيكيرا
ناش ويراسيكيرا

تذاكر السفر تحلق ...

لم يعد الطلب على وقود الطائرات بعد إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19. يستهلك قطاع الطيران ما يقرب من 8 في المئة من المنتجات البترولية المكررة على مستوى العالم، أو ما يوازي ثمانية ملايين برميل يوميا. تتصدر الولايات المتحدة الأميركية استهلاك وقود الطائرات بنحو 1,4 مليون برميل يوميا، تليها الصين التي تستهلك نحو 400 ألف برميل يوميا.

أدت جائحة كوفيد-19 إلى شل حركة الطيران في العالم مما أدى إلى خفض استهلاك الوقود إلى النصف تقريبا. حتى وإن اختلفت وتيرة التعافي في قطاع السفر الجوي الدولي من منطقة إلى أخرى، إلا أن سعة المقاعد الدولية حاليا أقل بنسبة 10 في المئة عن مستويات عام 2019، لذا، فمن غير المتوقع حدوث انتعاش كامل في الطلب على وقود الطائرات إلى المستويات السابقة عند ثمانية ملايين برميل في اليوم حتى عام 2027، خصوصا أن اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) يتوقع أن تساهم الطائرات الجديدة إلى رفع كفاءة استهلاك وقود الطائرات بنحو 2 في المئة سنوياً، بعدما شهدت صناعة الطيران حملة واسعة النطاق لاستبدال الطائرات القديمة.

أسعار وقود الطائرات

انخفضت أسعار وقود الطائرات في الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا إلى قرابة دولارين للغالون بينما كانت عند نحو أربعة دولارات للغالون قبل عام واحد، أي بنسبة هبوط كبيرة تقارب النصف عن العام الماضي، بينما بلغت مستويات قياسية عند نحو خمسة دولارات للغالون في شهر أبريل/نيسان من عام 2022.

يتوقع أن تساهم الطائرات الجديدة إلى رفع كفاءة استهلاك وقود الطائرات بنحو 2 في المئة سنوياً، بعدما شهدت صناعة الطيران حملة واسعة النطاق لاستبدال الطائرات القديمة

يستفاد من وكالة "رويترز" أن متوسط سعر وقود الطائرات عام 2019 كان دولارين للغالون، ما يعني أن شركات الطيران أنفقت 56 مليار دولار على وقود الطائرات عام 2022، ارتفاعاً من 36 مليار دولار في عام 2019. كما تتوقع وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" أن يبقى الطلب العالمي على وقود الطائرات أقل من مستويات عام 2019 في الوقت الراهن بسبب الانتعاش البطيء في الرحلات الطويلة والحد من ارتفاع استهلاك وقود الطائرات خصوصا في آسيا.

Shutterstock

لماذا لم تنخفض الاسعار؟

انخفضت أسعار وقود الطائرات بشكل كبير، خلافا لأسعار تذاكر السفر التي حافظت على ارتفاعها. ما هي الاسباب؟ هناك العديد من العوامل التي تساهم في هذا الوضع: 

أولاً: تمثل تكاليف الوقود جزءا صغيرا نسبياً من نفقات ومصاريف شركات الطيران الإجمالية، وعادة ما تشكل نحو 20 إلى 25 في المئة من التكاليف التشغيلية الإجمالية.  لذلك، قد لا يترجم انخفاض أسعار وقود الطائرات بالضرورة إلى انخفاض نسبي في أسعار التذاكر.

ثانياً: غالباً ما تقوم شركات الطيران بالتحوط المسبق في مشترياتها من الوقود بهدف الحماية من تقلبات الأسعار، مما يعني أنها ربما قد تكون خزنت الوقود بمعدلات أسعار أعلى قبل الانخفاض الحالي. نتيجة لذلك، فإن أي انخفاض في أسعار الوقود قد لا يؤثر بشكل مباشر على تعديل أرباح شركات الطيران.

ثالثا: تسببت جائحة كوفيد-19 في حدوث اضطراب كبير في صناعة الطيران، أدى إلى انخفاض الطلب على السفر الجوي خلال عامي 2020 و2021، وكبد شركات الطيران خسائر فادحة، في وقت كانت غالبية شركات الطيران العالمية قد اشترت طائرات جديدة أو في انتظار تسليم طلبيات قد تم تمويلها بالفعل.

للتعويض عن تلك الخسارة، كان على شركات الطيران اتخاذ تدابير لخفض التكاليف، مثل تقليل السعة وإلغاء بعض الرحلات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار التذاكر تبعا لحركة العرض والطلب.

ويبقى العامل الأكثر أهمية الذي يساهم في ارتفاع أسعار تذاكر الطيران هو حاجة شركات الطيران إلى تحقيق الإيرادات والتعافي من الخسائر المالية التي تكبدتها أثناء الجائحة.

هل ينتعش قطاع الطيران هذا الصيف؟

لا يزال ارتفاع الطلب العالمي على السفر الجوي بعد الجائحة هامشيا، كما أن فرصة الانتعاش الكبير في الحركة الجوية الدولية هذا الصيف تتضاءل يوما بعد يوم، حيث لا يزال السفر الجوي في الولايات المتحدة أقل بنسبة 22 في المئة عن مستويات ما قبل الجائحة في شهر يونيو/حزيران، مع تحسن طفيف في شهر مايو/أيار المنصرم، بحسب بيانات "أياتا" (IATA)، فيما فاق الطلب في سوق الشحن الجوي العالمي مستويات ما قبل الجائحة بشكل كبير.

يعدّ السفر والنقل جزءا من التعافي الاقتصادي. مع ذلك، لا يوجد حاليا توازن بين الطلب على وقود الطائرات والعرض الفعلي، وتاليا، تبقى أسعار التذاكر مرتفعة كون شركات الطيران لم تعد استخدام كل طائراتها بعد وهي لا تعمل بكامل طاقتها. كما أنها لن تلتزم استخدام جميع طائراتها في المدى المنظور لأن الطلب الإجمالي على السفر الجوي لا يتطلب ذلك بعد. 

سيبقى الطلب العالمي على وقود الطائرات أقل من مستويات عام 2019 في الوقت الراهن بسبب الانتعاش البطيء في الرحلات الطويلة والحد من ارتفاع استهلاك وقود الطائرات خصوصا في آسيا

"وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال

قد يهدد ذلك إمداد وقود الطائرات ليكون ضحية للضغوط الاقتصادية والتضخم، وغالبا ما يعتبر نتاج مصافي تكرير وقود الطائرات عالي القيمة نسبيا، لكنه خاضع لحجم الطلب، بحيث يعاد توجيه التكرير إلى بنزين أو ديزل وفقا لهوامش ربح مصافي التكرير. كما أن الارتفاع التدريجي في الطلب على البنزين والديزل بعد الجائحة، أدى إلى زيادة حوافز تشغيل مصافي التكرير، مما ساهم في زيادة إنتاج وقود الطائرات، وبالتالي ارتفاع مستويات المخزونات.

font change

مقالات ذات صلة