ماذا يعني توقيف مروان المبروك لاقتصاد تونس؟

مفاجأة اعتقال الامبراطور المالي للبلاد سلطت الأضواء على مصير مناخ الأعمال للشركات

ماذا يعني توقيف مروان المبروك لاقتصاد تونس؟

تُشبَّه قضية رجل الاعمال التونسي مروان المبروك، أغنى اغنياء تونس بالقضية الشهيرة للكوري الجنوبي لي جاي يونغ وارث مجموعة التكنولوجيا العملاقة "سامسونغ" الذي سلطت قضيته الضوء على العلاقات المشبوهة بين أصحاب الشركات الكبرى والسلطات السياسية والامتيازات والحظوة التي كان أصحاب هذه الشركات يلقونها. قصة لي يونغ معروفة وهذه قصة مروان المبروك.

يقبع محمد مروان المبروك في السجن بتهم قضايا فساد مالي وغسل اموال. المبروك الذي يتربع على امبراطورية مالية واقتصادية تعتبر الأهم في النسيج الاقتصادي التونسي، كان يتفاوض قبل سجنه على "صفقة تسوية" هي الأضخم، قيمة مبلغ التسوية ألمح اليها رئيس الجمهورية قيس سعيد وتُقدَّر بـمليار دولار (ثلاثة مليارات دينار تونسي).

شكل توقيف المبروك (51 عاما) في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مفاجأة كبرى لسببين: الأول يعود الى الثقل المالي والسياسي التاريخي لعائلة المبروك، وشبكات علاقاتها النافذة، والثاني لكونه أول من تقدم بطلب تسوية في إطار مرسوم "الصلح الجزائي" المعروف بقانون المصالحة مع رجال الاعمال الفاسدين.

قبل التوقيف بشهر ونصف الشهر مُنع المبروك وافراد من عائلته من السفر الى الخارج، وهو اجراء اعتُبر رسالة سياسية واضحة تزامنت مع تعثر التوصل الى إبرام اتفاق صلح او "صفقة التسوية". وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أكد المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في تونس استصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق المبروك وفتح تحقيق في شأنه من أجل "جرائم تكوين وفاق قصد الاعتداء على الاملاك وغسل الاموال ومشاركة موظف عمومي قصد استخلاص فائدة خاصة لنفسه والاضرار بالإدارة".

تتعلق القضايا بالتصرف من دون وجه حق في شركات (أبرزها شركة "اورانج" للاتصالات) كانت قد صادرتها الدولة بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، فيما تفتح شبهة غسل الاموال الباب أمام اقرار اجراء تجميد الحسابات المصرفية والاملاك والاصول.

لا حاجة لتونس للاستدانة، بل استعادة أموالها المنهوبة في الخارج والداخل، و460 عدد رجال الاعمال المطالبين بإعادة الاموال المنهوبة، حسب الرئيس التونسي، وكان قد دعاهم الى إبرام صلح مع الدولة

الى ذلك تتجه الجهات القضائية نحو تعيين "مؤتمن عدلي" لإدارة شركات مروان المبروك، في اجراء يسمح بـ"الحفاظ على الشركة وتسييرها وضبطها وحسن ادارتها". واكدت وسائل إعلام محلية ان أولى الشركات التي شملها قرار تعيين مؤتمن عدلي هي الشركة المتوسطية للتوزيع "ميديس" صاحبة الفضاء التجاري "جيان" الواقع في ضواحي العاصمة تونس.

هزة في مناخ الاعمال التونسي

يُطرح مرسوم "الصلح مع رجال الاعمال الفاسدين" كأحد بدائل السلطة من الاستدانة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي (لقرض بـ1.9 مليار دولار). وتُعَدّ موازنة تونس لعام 2024، اول موازنة تُبنى من دون فرضية الحصول على قرض من هذه المؤسسة الدولية المالية منذ عام 2013.

يقول رئيس الجمهورية قيس سعيد انه لا حاجة لتونس للاستدانة، بل استعادة أموالها المنهوبة في الخارج والداخل. ويبلغ عدد رجال الاعمال المطالبين بإعادة الاموال المنهوبة، حسب الرئيس التونسي، 460 رجل أعمال كان قد دعاهم الى إبرام صلح مع الدولة.

اثار خطاب الرئيس مخاوف لدى الفاعلين الاقتصاديين خصوصا ان التقرير (أعدته لجنة تقصّي الحقائق عن الرشوة والفساد) الذي استند اليه الرئيس سعيد لصياغة قانون الصلح الجزائي، يعود الى عام 2011، يضاف الى ذلك أن قيمة الاموال المقدر تجميعها (13.5 مليار دينار) استقى الرئيس المعلومات في شأنها عام 2012 من مصدر وصفه بالرسمي.

AFP

وتبرز مع توالي عمليات توقيف رجال الاعمال وبلوغها مروان المبروك الذي كان يسمى بـ"الاستثناء"، مخاوف من انعكاساتها على مناخ الاعمال الذي شهد هزة كبيرة خلال الشهرين المنصرمين، بعد اتساع دائرة رجال الاعمال الموقوفين، او الذين هم موضع ملاحقة أو شملتهم اجراءات تدقيق ضريبي. ولم يعد خافيا مغادرة عدد من رجال اعمال البلاد منذ فترة خوفا من دخول السجن فيما انطلق اخرون في رحلة البحث عن "جنسية ثانية".

حاول رئيس الجمهورية توجيه خطاب طمأنة بعد ايام من ايقاف المبروك وذك خلال لقاء جمعه يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي برئيس منظمة أرباب العمل سمير ماجول أكد فيه ان "مكافحة الفساد لا تستهدف رجال الأعمال الذين يعملون في احترام كامل للقانون".

الثروات التي تُحسب على الريع ثم تُحسب على أساسها نسب النمو للمغالطة والتضليل ليست ثروة يمكن أن يقوم عليها اقتصاد وطني

الرئيس التونسي قيس سعيد

لكن الرئيس عزّز مخاوف أصحاب المجموعات الاقتصادية الكبرى المؤثرة في القطاع الخاص، بعدما أعلن بوضوح ان تطورات قادمة في الأفق لتفكيك "لوبيات الريع" نحو إرساء "اقتصاد وطني يقوم في المقاوم الاول على التعويل على الذات وعلى خلق ثروة حقيقية يستفيد منها الجميع على قاعدة العدل الاجتماعي. فالثروات التي تُحسب على الريع ثم تُحسب على أساسها نسب النمو للمغالطة والتضليل ليست ثروة يمكن أن يقوم عليها اقتصاد وطني"، والكلام للرئيس.

للمزيد عن الواقع السياسي في تونس اليوم إقرأ مقابلة مع: وزير الخارجية التونسي لـ"المجلة": هذه خطوطنا الحمراء... وأسباب فشل الاسلام السياسي

امبراطورية اقتصادية ومالية

تتربع عائلة المبروك المؤلفة من ثلاثة أشقاء أصغرهم مروان على امبراطورية اقتصادية ومالية متشعبة ومترامية الاستثمارات في قطاعات عدة، وتشغّل أكثر من 25 الف موظف بين مديرين وكوادر وعمال، ويتجاوز رقم معاملات المجموعة مليار يورو سنويا (حسب مجلة "جون أفريك").

تستحوذ العائلة على نحو 40 في المئة من "بنك تونس العربي الدولي" الذي يعد أهم بنك تجاري في البلاد من حيث قيمة الأصول والأموال الخاصة، ورصيد السيولة وحجم الأرباح. وتنشط المجموعة في قطاعي التأمين والسيارات وقطع الغيار والتركيب (للمبروك حصرية بيع سيارات "مرسيديس بنز" و"جيب" و"فيات" و"الفا روميو" و"ميتسوبيتشي") علاوة على انه يوصف بالعملاق محليا واقليميا في قطاع الصناعات الغذائية والاجبان والتوزيع.

كما تنشط شركات المجمع في مجال الاتصالات عبر شركة "اورانج" وفي قطاع الفنادق والسياحة والنقل والطيران (تمتلك مجموعة من اكبر الفنادق التونسية اهمها فندق "فور سيزن")، وهي الى ذلك تحتل المرتبة الاولى من حيث ملكية الفضاءات التجارية الكبرى على غرار "مونوبري" و"جيان" وتضاف اليها شركات مقاولات.

يُنظر الى مجموعة "المبروك" كمركز ثقل اقتصادي فرنسي في تونس عبر علامات تجارية لشركات أمّ فرنسية، وايضا بسبب التعويل على كوادر نوعية فرنسية في ادارة بعض شركات المجمع على غرار فريدريك بيكاستينغ المصرفي السابق في البنك الاوروبي للانشاء والتعمير الذي ساهم في قيادة عملية توسيع للمجموعة في مجال الصناعات الغذائية بدول المغرب العربي واساسا في ليبيا والجزائر.

يتقاسم الاشقاء الثلاثة محمد علي واسماعيل ومروان المهام بحسب القطاعات. اسماعيل هو رئيس مجلس ادارة بنك تونس العربي الدولي ويتولى ادارة شركات الصناعات الغذائية الضخمة ويشرف محمد علي على الشركات الناشطة في الفنادق والسياحة والمقاولات، أما مروان فيدير شركات التأمين والتكنولوجيا والاتصالات وبيع السيارات والفضاءات التجارية الكبرى "جيان و"مونوبري" و"ازير سيتي".

ويشكل توقيف مروان ثالث أكبر أزمة تواجهها المجموعة بعد أزمة في عام 2009 واخرى في سنة 2011 التي كانت الأقسى، لكن المجموعة حافظت مع ذلك على صلابتها اذ بقيت شركاتها في مختلف القطاعات تتصدر المراتب الاولى من حيث حجم المعاملات والأرباح.

تهدد الازمة الجديدة استمرارية ملكية "المبروك" للشركات، والعقارات، والأصول والاموال. ثمة فرضيتان مطروحتان: الاولى، حصر الملف في المسار القضائي وانتظار بت القضايا التي تستمر في تونس لسنوات طويلة، وما سينتج من ذلك من انعكاسات على ادارة شركات المجموعة. الثانية، التوصل الى اتفاق تسوية. يصف الخبراء المبالغ التي يتحدث عنها رئيس الجمهورية بأنها فلكية، مقارنةً بحجم الثروات في تونس.

AFP
مروان المبروك وزوجته سيرين، ابنة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، يحضران مؤتمرا صحافيا عام 2010، في مناسبة اطلاق رئيس شركة "فرانس تيليكوم"، خدمات هاتف "أورانج" في تونس.

تحدّث الرئيس بالتلميح عن ملف مروان المبروك الذي كان، بحسب رواية الرئيس سعيد، مستعدا عام 2011 لسداد مليار دولار. ويقول الرئيس انه لا تراجع عن هذا المبلغ وان "المعني بالأمر" مطالب بدفع 10 في المئة عن كل عام منذ 2011 مع احتساب نسبة التضخم. عملية حسابية قام بها القاضي الاداري السابق أحمد صواب بيّنت ان المبلغ المطلوب للصلح يساوي 2.5 مليار دولار (ثمانية مليارات دينار).

اللافت أنه لا يظهر أي من اثرياء تونس ضمن قائمة الـ "2640 مليارديرا" في القارات الخمس بحسب مجلة "فوربس".

 إما الدفع أو السجن

دخل قانون "الصلح مع رجال الاعمال الفاسدين" حيز النفاذ منذ سنة. وأعلن الرئيس سعيد عند اصدار القانون انه سيُمكّن من تحصيل 4.3 مليارات دولار (13.5 مليار دينار). يُمثل هذا المبلغ بحسب الرئيس التونسي، حجم الاموال المنهوبة من "المال العام" جراء الفساد والعقود.

وانشئت لجنة سُميت بـ"لجنة الصلح الجزائي" وتتكون من مسؤولين كبار في الدولة وقضاة، لكنها لم تحقق شيئا مهما مقارنة بسقف توقعات رئيس البلاد، اذ ان قيمة مبالغ الصلح المبرم لم تتجاوز عشرة ملايين دولار (30 مليون دينار) فقط، وفق وليد العرفاوي رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، المحسوب بأنه قريب من اللجنة.

فشل أقر به الرئيس سعيد الذي تحرك على مستويين اثنين في محاولة لإنقاذ المسار؛ الأول عبر تغيير جوهري في استراتيجية العمل بالانتقال من سياسة "الترغيب" الى سياسة "الترهيب"، بحسب قراءات لناشطين مهتمين بملف الصلح الجزائي.

وأكدت تصريحات الرئيس التونسي هذا التوجه الجديد، فقد اتهم خلال زيارة مقر لجنة الصلح الجزائي في شهر سبتمبر/ ايلول المنصرم المعنيين بالصلح بالتخفي وراء الاجراءات، ووضع سعيد من يسميهم بالفاسدين امام خيارين اثنين "إما الدفع أو السجن".

تستحوذ عائلة المبروك على نحو 40 % من "بنك تونس العربي الدولي" أهم بنك تجاري في البلاد من حيث قيمة الأصول والأموال الخاصة والأرباح، وتنشط المجموعة في قطاعي التأمين والسيارات 

أما المستوى الثاني فهو قانوني واجرائي في اتجاه تعديل المرسوم. وتشير المعطيات المتداولة الى امكان الغاء عمل الخبراء الذين يمنحهم المرسوم في صيغته الحالية سلطة تقرير حجم الاموال المطلوب سدادها لإبرام الصلح.

في هذه الاثناء صدرت قرارات توقيف عدة شملت رجال اعمال وازنين، من بينهم رئيس سابق لأحد أهم النوادي الرياضية (النجم الساحلي) وهو أيضا من المستثمرين الكبار في صناعة الادوية، إضافة الى الرئيس والمدير العام لشركات استيراد سيارات "بيجو" و"سيتروان" و"أوبل" الفرنسية، إلا أنه كان لتوقيف المبروك الوقع الأهم، ربما لانه أسدل الستار على أسطورة الرجل النافذ، الذي لا تطاله اليد الطولى للدولة.

من هو "الفتى الذهبي"؟

مروان المبروك الـ"غولدن بوي" او "الفتى الذهبي"، سليل عائلة ثرية تعود أصولها الى الساحل التونسي. مثّل عام 1996 منعرجا بالنسبة للعائلة اذ أصبح صهرا لرئيس الجمهورية انذاك زين العابدين بن علي بعد زواجه من سيرين صغرى بناته الثلاث من زوجته الاولى، ابنة الجنرال الكافي.

وتؤكد عملية جرد بسيطة لثروة العائلة قبل 1996 وبعدها، استفادتها من منظومة حكم بن علي، كمثل حال عائلات أخرى أصبحت تسمى بـ "مجموعة عائلات الريع" بحسب توصيف منظمة "ألارت" (منظمة غير حكومية) المختصة في محاربة الاقتصاد الريعي، وأيضا السفير السابق للاتحاد الاوروبي ياتريس برغاميني الذي قال عام 2019 في تصريحات اثارت جدالا واسعا، ان "لوبي عائلات نافذة يتحكم في مفاصل الاقتصاد التونسي ويمنع المنافسة".

وكان البنك الدولي أشار في تقرير له عام 2014 الى أن عائلة الرئيس بن علي (أصهار وأقارب ومقربين) تستحوذ على نحو ربع حجم أرباح القطاع الخاص عبر شبكة من الشركات تخضع لإدارتها المباشرة، وقدّر البنك عدد الشركات التابعة لعائلة بن علي بـ 220 شركة، وأقر بأن تدخّل الدولة في السياسة الصناعية في عهد بن علي، كان ستارا لإخفاء حالات الريع.

للمزيد عن اقتصاد تونس إقرأ: تونس وصندوق النقد الدولي اتفاق أم طلاق؟

واستفادت عائلة المبروك من نظام بن علي، وكانت ركنا أساسا فيه الى عام 2009، العام الذي عاشت فيه العائلة والمجموعةأولى الصدمات، وهي كانت كما يقول أحد المقربين منها لـ"المجلة" ان مروان دخل في بداية 2009 في مفاوضات مع بن علي حول "اتفاق طلاق" (من زوجته سيرين ابنة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي)، وتحولت المفاوضات الى حرب كادت ان تقضي على المجموعة، خصوصا مع اخضاع شبكة شركاتها الى عمليات تدقيق ضريبي معمقة معروفة بكونها تمثل احد الاسلحة التي يوظفها النظام لتدمير "المغضوب عليهم من رجال الاعمال" أو لفرض دخولهم في شراكات او للاستيلاء على مشاريعهم.

تتعدد الروايات عن تفاصيل تلك الفترة، منها لجوء المبروك الى جهات دولية أبرزها فرنسا للتظلم ردا على توجه الرئيس نحو تحويل أكثر من ثلثي الثروة الى ابنته سيرين للموافقة على الطلاق.

ويذكر مصدر من العائلة لـ"المجلة" أن المبروك عاد مجددا كمؤثر في الدوائر الرئاسية قبل أيام من سقوط النظام يوم 14 يناير/ كانون الثاني 2011. هذا ما تؤكده صحيفة "لوموند" الفرنسية التي نشرت وثيقة حصرية من التحقيق مع مدير الحرس الرئاسي في عهد بن علي، الجنرال علي السرياطي، قال فيها ان المبروك كان حلقة الوصل بين الرئيس بن علي والحكومة الفرنسية زمن أحداث الثورة.

سقط نظام بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وبعدها بشهرين، أصدرت أول حكومة انتقالية بعد الثورة، مرسوما صادرت بمقتضاه 550 ملكية عقارية و48 سفينة ويختا وجمدت 367 حسابا مصرفيا، ونحو 400 شركة كانت تتبع كلها لعائلة بن علي ومنها عائلة المبروك، وشملت قائمة المشمولين بقرارات المصادرة 12 شخصا.

يشكل توقيف مروان ثالث أكبر أزمة تواجهها المجموعة بعد أزمة في عام 2009 وأخرى في سنة 2011 التي كانت الأقسى

عشرية ما بعد الثورة

توصف عشرية سنوات ما بعد الثورة بعشرية "زواج المصلحة" بين السياسة والمال. فقد وجد جل رجال الاعمال بمن فيهم المبروك الممرات لتشبيك العلاقات مع صنّاع القرار وحكام تونس الجدد. وكشفت تقارير رسمية عديدة شبهات تواطؤ وتلاعب بالإجراءات في ملف الاملاك المصادرة. تحولت تلك التقارير الى قضايا منشورة، منها تقرير هيئة الرقابة (جهاز تابع للدولة) وتقرير آخر لمحكمة المحاسبات. 

يُتهم المبروك من أحزاب في المعارضة، على غرار التيار الديموقراطي، ببسط نفوذه على أجهزة الدولة عبر تمويل أحزاب ومنظمات ووسائل اعلام. وتتهمه منظمات مثل منظمة "أنا يقظ" (غير حكومية مختصة في مكافحة الفساد) بالتمتع بحصانة سياسية، وبنفوذ في الجهاز القضائي بفضل قربه من احزاب الحكم خاصة "النهضة" و"تحيا تونس".

 وكانت "مجموعة الازمات الدولية" في بلجيكا، قد أكدت أن 300 رجل ظل يتحكمون في أجهزة الدولة في تونس وان "الفاعلين الاقتصاديين" (رجال الاعمال) الذين مولوا الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب أصبحوا "يؤثّرون مباشرة في تعيين الوزراء وكتاب الدولة وكوادر الإدارة".

قد تكون أهم "خدمة" قُدِّمت إلى المبروك، بحسب وزراء سابقين، من مثل وزير أملاك الدولة مبروك كورشيد، هي تمكينه من شراء سهم سُمّي بـ"السهم الملكي" (يمنح صاحبه حق إلغاء تصويت غالبية مالكي الأسهم الأخرى ضمن ظروف محددة ويفترض في حال المصادرة أن تكون ملكيته للدولة)، وهو أمر اعتمده المبروك لاستصدار أحكام قضائية مكّنته من استئناف التصرف في واحدة من أهم شركاته، "انفيستاك"، التي صودرت بعد الثورة. بفضل السهم عاد المبروك الى منصبه كرئيس ومدير عام للشركة ومنع ممثلي الدولة من دخولها مجددا.

font change

مقالات ذات صلة