العالم العربي في 2024... فرص يجب أن لا تضيع

ليست المشكلة الفلسطينية الوحيدة الجديرة بالاهتمام

Eduardo Ramon
Eduardo Ramon

العالم العربي في 2024... فرص يجب أن لا تضيع

التنبؤ بالمستقبل ليس بالمهمة السهلة، بل هو أمر محفوف بالمخاطر، خاصة في سياق الاضطرابات العالمية. إننا نجد أنفسنا في عالم يمر بمرحلة انتقالية، حيث نبتعد عن النظام الثنائي القطبية نحو ما يبدو أنه واقع متعدد الأقطاب لم يتم تحديده بعد.

ويمثل العالم العربي جزءا من هذا الوضع الجديد؛ ففي عام 2023، كانت الدول العربية تتعامل مع المرحلة الانتقالية بطرق مختلفة. ومن الواضح أن بعض تلك الطرق أكثر نجاحا من بعضها الآخر.

وفي عام 2024، قد نقف عند منعطف حرج، مع إمكانية تشكيل مستقبل العالم بشكل كبير. ومن الممكن أن يكون لتطور الأزمات في الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل، وفي أوكرانيا، إلى جانب نتائج الانتخابات الأميركية، والانتخابات المرتقبة في إسرائيل، ثقل كبير في تحديد هذا المسار. ومن الضروري أن يعترف العالم العربي بهذا الواقع وأن يتصرف وفقا له.

تحديات وأزمات... ورهانات

يتناول هذا المقال موقف العالم العربي على الساحة الدولية مع حلول عام 2024. ولا يتعلق الأمر بالتحديات الداخلية الكثيرة التي ما زالت البلدان العربية تواجهها. لكنني أقر بيسر أن القيود الداخلية التي تواجهها الدول العربية تؤثر في علاقاتها، ليس مع الدول غير العربية في المنطقة وحسب، مثل إيران وإسرائيل وتركيا، بل إنها تؤثر أيضا في العالم الخارجي. ولكنني سأترك شرح التحديات الداخلية لعلماء السياسة الذين هم أفضل تأهيلا مني.

العقد الاجتماعي السائد بين الشعوب والحكومات في جميع دول العالم العربي، باستثناء دول الخليج، يرزح تحت ضغط شديد

قبل حلول لحظة وقوع حوادث 7 أكتوبر/تشرين الأول في غزة وتفجر رد الفعل الإسرائيلي المروع وغير المبرر، رأى كثير من الناس تطورات إيجابية تحدث في منطقة الشرق الأوسط، فيما كان آخرون يحذرون من أن تلك التطورات تغطي على التذمر الكامن تحت السطح، وخصوصا فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفضلا عن ذلك، استمرت الشكاوى الداخلية في معظم البلدان العربية. وبقي العقد الاجتماعي السائد بين الشعوب والحكومات في جميع دول العالم العربي، باستثناء دول الخليج، يرزح تحت ضغط شديد. ولم تعدْ إسرائيل وحدها هي التي تحتل الأراضي العربية، بل باتت تركيا أيضا تحتل حاليا أراضي سورية على نحو غير مباشر، وتُبقي على وجود عسكري في العراق خلافا لإرادة الحكومة. وتواصل إيران التدخل على نحو غير مباشر في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية.
وفي الجانب الإيجابي تحسنت بشكل عام العلاقات بين الدول العربية تحسنا عاما، وقد أفسح الخلاف القائم بين قطر وعدد من الدول العربية المجال لزيادة التعاون بين الدول المتناحرة. وعادت سوريا إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية.

SPA
مشهد عام للعاصمة السعودية الرياض

ومع ذلك، ما زال الوضع في ليبيا محفوفا بالمخاطر، وإن يكن قد تم احتواؤه إلى حد بعيد في الوقت الحالي.
وما زال وقف إطلاق النار في اليمن صامدا على مدى يقارب العامين، وتحسنت احتمالات التوصل إلى تسوية في ظل التقارب الحاصل بين الرياض وطهران.
بينما يواصل كل من المغرب والجزائر نزاعهما حول الصحراء الغربية، وما زالت تونس غارقة في بحر من الفوضى السياسية والاقتصادية. بينما تبدو مصر مترددة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لانتشالها من أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ عقود.
وعلى ما يبدو، فإن دول الخليج فقط هي التي تبدو في وضع جيد. وبفضل مواردها المالية الضخمة، ليست هذه الدول قادرة على تلبية تطلعات شعوبها الاقتصادية وحسب، بل إنها قادرة أيضا على تقديم رؤية طموحة للمستقبل كما في المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.

يبلغ تأثير الدول العربية في مؤشرات الأسواق الناشئة حاليا 7 في المئة، مع توقعات بمزيد من النمو إلى 10 في المئة في السنوات المقبلة

تحول جذري 

لقد كان هذا هو الحال حتى اندلاع الأزمة في غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن الممكن أن يكون السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بمثابة حدث محوري (تحويلي) في منطقة الشرق الأوسط. كما يمكن أن يكون له تأثير مباشر في مستقبل العلاقات بين العالم العربي وبقية دول العالم. ولكنه قد يكون أيضا بمنزلة فرصة ضائعة، كما كانت حرب عام 1973. وسوف يعتمد الكثير على طريقة اغتنام الدول العربية للفرصة التي أوجدتها الأزمة في غزة لتعزيز نفوذها ومكانتها على المستوى الدولي. كما يعتمد الكثير على كيفية إدارة تلك الدول للأزمة في غزة والضفة الغربية.
لقد جمعت حرب 1973 العرب معا على نحو غير مسبوق؛ فالمشاكل التي كانت سببا في ابتعاد الدول العربية بعضها عن بعض في خمسينات وستينات القرن العشرين أفسحت المجال أمام العمل الموحد؛ إذ إن الدول العربية كذلك؛ الجمهوريات والملكيات، الموالية للسوفيات والمؤيدة لأميركا، قد أجبرت المجتمع الدولي، أقله في لحظة عابرة من التاريخ، على الاهتمام بواحدة من المظالم العربية الأساسية، ألا وهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في مصر وسوريا وفوق كل اعتبارٍ فلسطين.
ولم تكن البلدان العربية عام 1973 مندمجة في الاقتصاد الدولي إلا على نحو هامشي وحسب، وهذا إذا ما استثنينا بطبيعة الحال كونها مصدرا مهما للطاقة يزود الأسواق العالمية آنذاك. ولم تكن كل من تركيا وإيران تشكل أي تهديد مباشر للمصالح العربية. حينئذ، لم يكن لدى العرب توجه جماعي لتحقيق السلام مع خصمهم الرئيس المتمثل في إسرائيل.
خلال تلك الحقبة، كانت مصر والعراق وسوريا والمملكة العربية السعودية تشكل الركائز الأساسية للعالم العربي، وبالتالي لعبت دورا محوريا في تشكيل السياسة العربية الداخلية والتأثير على علاقات العالم العربي مع العالم الخارجي.

DPA
عناصر من "الحشد الشعبي" خلال تشييع إثنين من مقاتليه ببغداد في 4 يناير

ومع ذلك كله، ظلت البلدان الأساسية المتمثلة في مصر والعراق وسوريا عرضة للخطر نتيجة للتحديات المحلية الخطيرة التي كانت تواجهها. ووجدت دول الخليج نفسها تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة للحصول على الدعم السياسي والعسكري. وفي الوقت نفسه، كان لدول منطقة المغرب العربي مشاركة هامشية في قضايا المشرق. ونتيجة لذلك، ظل التأثير الجماعي للدول العربية على الساحة الدولية متواضعا نسبيا.
على أن الوضع في يومنا هذا يختلف جذريا بالنسبة إلى الدول العربية. فقد تراجع الاعتماد على الولايات المتحدة إلى حد كبير، فيما تتطور العلاقات مع الصين بوتيرة متسارعة، وتُبدي روسيا تعاونا كبيرا، ولا سيما في مجالات الطاقة وبيع الأسلحة.
وفوق ذلك، فقد اضطلع العالم العربي بدور حيوي متزايد في الاقتصاد العالمي؛ فهو يحتوي على 46 في المئة من النفط الخام و30 في المئة من صادرات الغاز الطبيعي، وهذه الأرقام في ارتفاع. كما أنه يمثل 30 في المئة من تجارة الحاويات الدولية و16 في المئة من الشحن الجوي. ويتميز بصناديق ثرواته السيادية بأصول هائلة. وتضاعفت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصادات العربية بين عامي 2019 و2022، حيث ارتفعت من 3 في المئة إلى 6 في المئة. ويبلغ تأثير الدول العربية في مؤشرات الأسواق الناشئة حاليا 7 في المئة، مع توقعات بمزيد من النمو إلى 10 في المئة في السنوات المقبلة. ويعود هذا المسار الإيجابي بالكثير إلى أداء دول الخليج.
وكانعكاس لثقلها المتزايد، أصبح عدد من البلدان العربية أعضاء أو في طور العضوية في تجمعات اقتصادية تتمتع بنفوذ كبير في الاقتصاد الدولي. وأبرزها عضوية المملكة العربية السعودية في مجموعة العشرين. كما دُعيت مصر والإمارات وكذلك المملكة العربية السعودية إلى مجموعة البريكس اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2024.

البلدان العربية هي الآن في وضع أكثر ملاءمة ليس لتشكيل مستقبل الشرق الأوسط وحسب، بل أيضا لتقديم مساهمة كبيرة في تشكيل النظام الدولي المتطور

السلام هدف استراتيجي

وعلاوة على ذلك، أصبحت الدول العربية ملتزمة حاليا بإقامة السلام مع إسرائيل باعتباره هدفا استراتيجيا على النحو المنصوص عليه في مبادرة السلام العربية التي أُعلن عنها عام 2002.
ولذلك فإن البلدان العربية هي الآن في وضع أكثر ملاءمة ليس لتشكيل مستقبل الشرق الأوسط وحسب، بل أيضا لتقديم مساهمة كبيرة في تشكيل النظام الدولي المتطور.
ولكن من أجل القيام بذلك، تحتاج الدول العربية إلى صياغة رؤية لسلام شامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط. وهو أمر لا يقتصر على إدارة علاقاتها مع إسرائيل وإيران وتركيا، بل يشتمل أيضا على إدارة علاقاتها مع العالم بأسره، ولا سيما القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا.
ولكن بغرض التأثير على الأنظمة الإقليمية والدولية الناشئة، لا تحتاج البلدان العربية إلى تكثيف أنشطتها في مواجهة التحديات العابرة للحدود الوطنية مثل التحول إلى الطاقة الخضراء، والاستدامة البيئية، والاتصال وحسب، ولكنها تحتاج أيضا إلى التعامل مع المزيد من تلك المشاكل في المنطقة بطريقة فعالة ومستدامة. ويتطلب هذا الأمر الأخير رؤية جماعية لمستقبل الشرق الأوسط. وإلا فإن الدول العربية ستظل متراجعة بسبب الصراعات المحتدمة في المنطقة، ولن تتمكن من تحقيق الخطط الطموحة التي وضعتها لنفسها.
وكنقطة انطلاق، لا بد من بذل جهد حازم لتسوية الصراعات التي ابتُلي بها العالم العربي لفترة طويلة. لقد ساهم يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في تركيز الاهتمام الدولي على ضرورة حل المشكلة الفلسطينية. ولكنها ليست المشكلة الوحيدة الجديرة بالاهتمام؛ فهناك مشاكل في كل من سوريا ولبنان وليبيا والسودان واليمن والصحراء الغربية. ربما لن يُحل أي منها على نحو مكتمل خلال عام 2024، ولكن ينبغي أن يتركز الجهد على وضعها على الطريق نحو الحل، على الأقل من قبل تلك الدول التي تتمتع بتأثير في السلام والاستقرار في المنطقة.

AFP
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى إسطنبول، في 5 يناير، في مستهل زيارته الرابعة إلى المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023

ولكن من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن الدول العربية لا يمكنها، ولا ينبغي لها، أن تعتمد على أطراف خارجية من أجل حل هذه المشاكل. صحيح أنه لا يمكن حل أي من هذه المشاكل دون التعامل مع القوى الأجنبية. لكن الزمن أثبت أنه من دون أن يأخذ العرب زمام المبادرة، فإن القوى الخارجية ستشعر برضا تام عن إدارة واحتواء هذه الصراعات حتى تنفجر كما حدث في حالة غزة.
ولكن معالجة هذه الصراعات بمفردها لن تحقق السلام والاستقرار الدائمين. ولن يكون هذا ممكنا إلا إذا توبعت بالتزامن مع إنشاء بنية أمنية إقليمية. ومن أجل ذلك، تحتاج الدول العربية إلى صياغة رؤية مشتركة من أجل بنية كهذه. ويجب أن تكون هذه البنية نظاما أمنيا إقليميا شاملا وكاملا، وليس نظاما مصمما كترتيب سياسي عسكري موجه ضد أي طرف إقليمي. ويعني هذا أيضا أنه لن يكون هناك اندماج إسرائيلي في المنطقة دون اتخاذ خطوات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة.

تنبؤ معقد وعوامل ثابتة 
إن التنبؤ بما سيحدث عام 2024 في الشرق الأوسط هو أمر معقد، نظرا للمتغيرات العديدة. إنه من الأفضل لمعالجة هذا المأزق الحديث عن سيناريوهات مستقبلية مختلفة. إنني أستطيع تصور الكثير من تلك السيناريوهات، ولكنني سأقتصر هنا على المتطرف منها في محاولة مني لوضع كل الاحتمالات بين قوسين.
ولكن قبل وضع المتغيرات، من الضروري تحديد العوامل التي من المرجح أن تظل ثابتة عام 2024.
ويمكن تلخيص تلك العوامل على النحو التالي: استمرار تضاؤل نفوذ الولايات المتحدة من الناحية النسبية، ولا سيما في ظل انخفاض هامش القدرة على المناورة الذي يتاح أمام الرئيس الأميركي في عام الانتخابات. وكذلك في ظل تزايد نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي، وليس العسكري. وتراجع نفوذ روسيا بسبب انشغالها بالأزمة في أوكرانيا. واستمرار النفوذ الهامشي للاتحاد الأوروبي. وتحسن العلاقات بين الدول العربية وكل من إيران وتركيا. وتزايد نفوذ دول الخليج، وخصوصا المملكة العربية السعودية. وتوقف عملية تطبيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية. وأخيرا- وبسبب الأزمة في غزة- سيكون هناك اهتمام متزايد من جانب المجتمع الدولي بإيجاد حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أما المتغيرات الأساسية، فيمكن تلخيصها فيما يلي: الطريقة التي ستدير الدول العربية بها الأزمة في غزة بما يعزز نفوذها ومكانتها الدولية؛ ونتيجة الانتخابات الأميركية ونتيجة الانتخابات المتوقعة في إسرائيل.

رغم أن الانتخابات الأميركية، سيكون لها شأن حاسم في تمهيد الطريق للشرق الأوسط عام 2024، إلا أن السياسات العربية ستحدد في نهاية المطاف مستقبل المنطقة

يقدم السيناريو الأول نظرة متفائلة؛ حيث تتعاون الدول العربية بشكل فعال في إدارة أزمة غزة لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. ويستلزم ذلك الاستفادة من نفوذهم للمضي قدما في إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كخطوة حاسمة نحو السلام الشامل. كما أنها تنطوي على معالجة التحديات الداخلية، وخاصة القضايا الاقتصادية، في مختلف الدول العربية المحورية، وأخذ زمام المبادرة في حل الأزمات في ليبيا وسوريا والسودان واليمن. بالإضافة إلى ذلك، يفترض هذا السيناريو أن إسرائيل تنتخب حكومة معتدلة مهتمة حقا بالتوصل إلى حل وسط من أجل السلام الشامل، وأن الرئيس بايدن يساهم بشكل ملموس في احتمالات التسوية الفلسطينية- الإسرائيلية. وهو ما سيتطلب من الإدارة الأميركية اتخاذ إجراءات غير مسبوقة تجاه إسرائيل لمنع حكومتها الحالية من متابعة أهدافها التوسعية. وفي عام الانتخابات، يكون هذا الأمر مستحيلا في العادة. ولكن مع اتخاذ غالبية الشباب موقفا مؤيدا للفلسطينيين، وهؤلاء لعبوا دورا حاسما في انتخاب الرئيس بايدن، وهم الذين أصبحوا أكثر أهمية راهنا من أجل إعادة انتخابه، ومع بروز حقيقة أن العرب الأميركيين يلعبون دورا حاسما في تحديد مصير التصويت في انتخابات ولاية ميتشيغان التي تعتبر ساحة المعركة، ليس من المستبعد أن تغامر الإدارة الأميركية بالدخول إلى هذه المنطقة المجهولة.

AP
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض في 12 ديسمبر 2023

ويتصف السيناريو الثاني بالتشاؤم. فإذا ما فشلت الدول العربية في اغتنام الفرصة التي خلقتها أزمة غزة، ونتج عن الانتخابات الإسرائيلية المتوقعة حكومة أكثر تطرفا، أو على الأقل حكومة غير قادرة على التوصل إلى حل وسط يؤدي إلى السلام الشامل، وإذا ما كان بايدن الذي يخوض سباقا رئاسيا غير قادر على الهروب من تقلبات الدورة الانتخابية، وبالتالي يكون حينها غير قادر على الوفاء بتصريحاته بشأن ضرورة دفع حل الدولتين لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. في هذه الحالة فإن الشرق الأوسط سيظل في وضع محفوف بالمخاطر، ويتأرجح من أزمة إلى أخرى. وستكون الدول العربية قد أهدرت فرصة أخرى للمساهمة في تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في منطقة الشرق الأوسط. والأمر الأكثر ضررا أن تستمر الصدوع الموجودة في العالم العربي بالاتساع. وحينئذٍ لن تتمكن الدول التي تعاني من صعوبات اقتصادية وسياسية كبيرة، وفي مقدمتها مصر، من الخروج من هذا الوضع. ومن ناحية أخرى، لن تتمكن دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، من عزل نفسها عن الأوضاع المتدهورة في المنطقة، وبالتالي لن تتمكن من تحقيق طموحاتها.
ويندرج بين هذين السيناريوهين المتطرفين الكثير من السيناريوهات المحتملة الأخرى، ولكن المؤسف أن أيا منها لن يحقق السلام الدائم والاستقرار في المنطقة.
وعلى الرغم من أن الانتخابات الأميركية، سيكون لها شأن حاسم في تمهيد الطريق للشرق الأوسط عام 2024، إلا أن المواقف العربية والسياسات التي ستنتهجها ابتداء من الوقت الحالي هي الأمور التي ستحدد في نهاية المطاف مستقبل المنطقة، خاصة لأن الأزمة في غزة تقدم للدول العربية فرصة فريدة للعمل معا من أجل تحقيق مصلحتها المشتركة.

font change

مقالات ذات صلة