أربعة خيارات أميركية لردع "الحوثيين"

إذا اقترن بوساطة سعودية و/أو عمانية مع الحوثيين، فإن مثل هذا النشاط الدبلوماسي الأميركي على جبهة غزة قد يقلل من تواتر وشدة هجمات الحوثيين، وهو ما سيجعل بالتالي مهمة الدفاع في البحر أكثر قابلية للإدارة. في ظل هذه الظروف، ستركز الولايات المتحدة على الردع بالمنع من خلال الترقية التدريجية ليس فقط للدفاعات الأمريكية، بل أيضًا للدفاعات الجماعية في المياه الإقليمية.

إلا أن هذا النهج لا يخلو من المخاطر والافتراضات. فقد ينظر الحوثيون إلى مثل هذه الاستراتيجية الأميركية على أنها علامة ضعف، وربما تثير المزيد من الهجمات بدلا من الحد منها. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد هذه الاستراتيجية على افتراض أن الولايات المتحدة قادرة على تحقيق تقدم دبلوماسي كبير فيما يتعلق بالصراع في غزة، ولكن ذلك قد يكون أمرا صعبا، خاصة بالنظر إلى احتمال عدم تعاون الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

الخيار الثاني: توجيه ضربات ضد أهداف الحوثيين داخل اليمن

هذا هو الخيار الذي استقر عليه الأميركيون والبريطانيون تحديدا، إذ شنت الولايات المتحدة وبريطانيا بالفعل ضربات على أهداف في اليمن. ويشير هذا الخيار إلى مستوى التصميم من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، ويرسل رسالة قوية إلى الحوثيين مفادها أن عدوانهم لن يمر دون عقاب. ومع تحسن المعلومات الاستخبارية عن المنشآت العسكرية الحساسة للحوثيين في اليمن وربما عن قادة الحوثيين، فإن تحالفا تقوده الولايات المتحدة قد يكون قادرا على إلحاق ضرر كبير بفعالية المنظمة وتماسكها.

ولكن، أكثر من أي شيء آخر، سيعطي إشارة إلى إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين، بأن الولايات المتحدة مستعدة لإضعاف حليف طهران الرئيس في اليمن بشدة. وقد يؤدي ذلك إلى قيام إيران بتقليص دعمها العسكري، وسينعكس ذلك بكبح جماح الحوثيين.

ومع ذلك، كما ذكرنا من قبل، من الصعب للغاية هزيمة جهة فاعلة غير حكومية مثل الحوثيين سياسيا أو عسكريا، خاصة إذا كانت تتمتع بدعم شعبي محليا وإقليميا. وأيضا، إذا واصلت واشنطن ولندن توجيه ضربات ضد الحوثيين داخل اليمن، فيمكن لإيران تصعيد دعمها لهم أو مواصلة تنشيط أجزاء أخرى من شبكة وكلائها الإقليمية، سواء كان ذلك في لبنان أو سوريا أو العراق.

 الخيار الثالث: تقديم المساعدة العسكرية للمقاومة المحلية

يعترف هذا النهج بأن الهجمات الجوية أو البحرية وحدها نادرا ما تكون فعالة في هزيمة الخصم من الحركات غير الحكومية بشكل كامل أو إضعافه بشكل كبير. وغالبا ما يكون العنصر الأرضي حاسما لجمع المعلومات الاستخبارية الدقيقة والمشاركة المباشرة. وكانت هذه الاستراتيجية فعالة في إضعاف منظمات مثل "داعش" والقاعدة في شبه الجزيرة العربية بشكل أو بآخر.

ومع ذلك، فإن هذا الخيار يواجه عقبات كبيرة. إن تقديم دعم عسكري كبير ومتسق للقوات اليمنية المحلية التي تعارض الحوثيين سوف يتطلب موافقة وتنسيقا مع الشركاء الإقليميين الآخرين.

فإذا كان الحال كذلك، وكانت فرص الحصول على دعم عسكري من الرياض أو القاهرة أو أبو ظبي قليلا أو معدوما فسيكون على واشنطن التفكير في اتجاه آخر. إن العواصم الثلاث تشترك جميعها في نفس الحسابات بشأن المواجهة مع الحوثيين وقفد قررت – كما هو معلوم – عدم المشاركة في عملية وتحالف "حارس الرخاء" الذي تقوده الولايات المتحدة، ولذلك ستجد واشنطن ولندن نفسيهما مضطرتين إلى نشر قوات العمليات الخاصة الأمريكية لتنسيق المساعدة للمقاومة المحلية. وسيتطلب ذلك جهداً هائلا من التدقيق والتدريب والتنسيق. وسوف يستغرق الأمر أيضا وقتا طويلا، وهو ما لا تملكه القوى الغربية ببساطة نظرا للطبيعة الملحة للتهديد الحوثي.

الخيار الرابع: توجيه ضربات ضد أهداف إيرانية في البحر

إذا كانت إيران هي المورد للأسلحة والاستخبارات والتدريب للحوثيين، فإن ملاحقة مصدر عنف الحوثيين قد تكون الطريقة الأفضل للتعامل مع هذه المشكلة. وهذا لا يعني بالضرورة قصف أهداف في عمق إيران، ولكن لأسباب عملية ورمزية على حد سواء، يمكن أن يشمل ذلك ضرب السفن العسكرية الإيرانية والأصول البحرية المتوقفة في المياه الإقليمية التي تقدم معلومات استخباراتية للحوثيين.

وعلى غرار الخيار الثالث، قد يأتي هذا بنتائج عكسية ويؤدي إلى تصعيد إيراني، لكنه قد ينجح أيضا لأن طهران تعلم جيدا أن الولايات المتحدة هي المهيمنة تقليديا ويمكن أن تغرق البحرية الإيرانية بأكملها إذا اضطرت إلى ذلك. ورغم قدرة إيران العسكرية، فهي تدرك في النهاية حدود الردع ويمكنها التصرف بعقلانية عندما تواجه تهديدا خطيرا يمكن أن يؤثر على قدراتها العسكرية الشاملة وأمن نظامها.

اقرأ أيضا: الحوثيون يعرقلون سلاسل التوريد والتجارة العالمية

جميع هذه الخيارات صعبة، وكل منها محفوف بالشكوك والمتغيرات ومليئة بالمخاطر والمتغيرات التي من المستحيل التنبؤ بها. لكن الخيار الثاني المتمثل في ضرب أهداف الحوثيين داخل اليمن هو الأقل سوءا وربما الأكثر فعالية، وهو الذي انتهجته الولايات المتحدة بالفعل. وإنني لأجد أنه من الصعب للغاية تصديق أن الولايات المتحدة ستسمح لهجمات الحوثيين بتقويض مصلحتها الأساسية والدائمة في المنطقة، والتي تؤثر أيضا على الاقتصاد العالمي، ولذلك فمن غير المنطقي أن تسمح الولايات المتحدة لهجمات الحوثيين بالاستمرار دون رادع.