إعادة تأسيس الردع البحري بحاجة إلى إجراءات جريئة

والبحر الأحمر هو البوابة الجنوبية لقناة السويس. لكن السفن سوف تضطر إلى الامتناع عن استخدام هذا الممر المائي الحيوي في أي من الاتجاهين في حال أغلق الحوثيون البحر الأحمر بهجمات مستمرة. ونظرا لأن سلسلة التوريد العالمية الخاصة بنا لم تتعاف تماما من الضغوط المجمعة لما جرى مؤخرا إلى جانب تأثيرات فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا، فإن هجمات الحوثيين غير الشرعية هذه توفر لما يسمى "محور المقاومة"، بقيادة إيران، نفوذا كبيرا على الاقتصاد العالمي وصرف الانتباه عن الصراع في غزة.

من هم الحوثيون وما علاقتهم الحقيقية بإيران؟

لا يشكل الحوثيون دولة قومية، بل هم جماعة إرهابية أطاحت- بالقوة- بالحكومة اليمنية الشرعية والمعترف بها. وهي مدعومة بالكامل بأسلحة هجومية برية وبحرية متطورة من إيران، ولم يتوان الحوثيون عن استخدام هذه الترسانة من الأسلحة عير سنوات لشن ضربات على أهداف عسكرية ومدنية في المملكة العربية السعودية وفي البحر الأحمر.

فرقة العمل الأميركية الجديدة متعددة الجنسيات: "حارس الازدهار"

ورداً على هذه الهجمات، أطلقت الولايات المتحدة قوة عمل بحرية جديدة متعددة الجنسيات تحت اسم "حارس الازدهار" لمرافقة وحماية السفن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر. وسيتولى قيادة فرقة العمل هذه الأميرال الأميركي الذي يقود التحالف البحري المشترك الدائم من مقر قيادته في العاصمة البحرينية، المنامة.

الدول التي انضمت إلى فرقة "حارس الازدهار"

ووفق تصريحات البنتاغون الأميركي، فإن أكثر من 20 دولة وافقت على المشاركة في عملية "حارس الازدهار" حتى الآن. وإلى جانب الولايات المتحدة، تشمل الدول: المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وأستراليا وإسبانيا. ولسوء الحظ، أعلنت بعض الدول مثل هولندا والنرويج والدنمارك وأستراليا عن خطط لإرسال ضباط فقط وليس السفن، بينما ستشارك دول أخرى مثل سيشيل في تبادل المعلومات فقط. ولكن ما يزيد الأمور تعقيدا أن ما يقرب من نصف الدول الأخرى لا ترغب في الإعلان عن مشاركتها بسبب الحساسيات الوطنية. وأهم من ذلك عدم مشاركة القوى الإقليمية الرئيسة، مثل: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، في القوة حاليا، كما رفضت الصين الانضمام، وهي لا تزال تحمي السفن التي ترفع علمها فقط.

مرافقة مسلحة فعالة واستراتيجية شاملة مطلوبة لمواجهة هجمات الحوثيين

يمثل الحجم الكبير وانتظام الشحن التجاري في البحر الأحمر تحديا كبيرا في توفير المرافقة والحماية لكل سفينة. إن الطول الكبير للبحر الأحمر وقربه من الساحل اليمني الغربي، يجبر السفن التجارية على البقاء ضمن النطاق الخطير لصواريخ الحوثيين وهجمات الطائرات دون طيار لفترات طويلة، وهذا يطيل أمد المرافقة لفريق العمل ويثقل كاهلهم بواجبات كثيرة ويعقد مهمتهم أيضا.

علاوة على ذلك، تواجه فرقة العمل قيودا تشغيلية بناء على سياسات الدول الأعضاء، وتملي هذه القيود على السفن التي يمكنها حمايتها ومدى استجابتها للهجوم. وبالتالي، فنحن أمام سيناريو غير متناسب: مرور عدد هائل من السفن التجارية، وعدد محدود من السفن الحربية المرافقة المتاحة، بالإضافة إلى وجود ترسانة من الأسلحة الفتاكة لدى الحوثيين، ما يعني أنه لا يمكن حماية جميع السفن بشكل كاف، وأن التدفق التجاري الطبيعي معرض للخطر إذا استمرت هذه الهجمات.

استراتيجية الردع الأميركية المثبتة ضد الحوثيين

وقد أظهرت الولايات المتحدة في السابق قدرتها على ردع عدوان الحوثيين في البحر الأحمر. على سبيل المثال، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعد أن هاجم الحوثيون السفينة "يو إس إس ماسون"، ردت السفينة "يو إس إس نيتز" بسرعة بتدمير الكثير من أنظمة الرادار الحوثية المضادة للسفن بصواريخ كروز "توماهوك". وأكد هذا الإجراء الحاسم التزام الولايات المتحدة بحماية سفنها والحفاظ على الأمن في مضيق باب المندب، وشكل رادعا فعالا، ما يشير إلى أن التهديدات المستقبلية للقوات الأميركية ستقابل برد فوري.

الإجراءات الأميركية المقترحة

لتعزيز فعالية "حارس الازدهار" ومعالجة جذور هذه الهجمات، يجب على الولايات المتحدة التركيز على ردع العدوان الحوثي في المستقبل. وهذا ينطوي على:
- إرسال رسالة مباشرة وخاصة لا لبس فيها إلى قيادة الحوثيين، تحذر من أن أي هجمات بالقرب من السفن الأميركية ستؤدي إلى انتقام سريع وهجومي. ويستفيد هذا النهج من قدرات الولايات المتحدة المثبتة في مكافحة الإرهاب في اليمن، كما رأينا في تصرفاتها ضد تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، والردع الفعال الذي لوحظ في عام 2016. وعلى الرغم من التصريحات المتحدية الأخيرة لقادة الحوثيين، فمن المعتقد أنهم سوف يستجيبون لهذا التحذير الواضح.
- الاستمرار في قيادة وتعزيز فرق العمل متعددة الجنسيات مثل عملية "حارس الازدهار"، تحت قيادة الأسطول الأميركي الخامس. ولزيادة فعالية فريق العمل والدعم الدولي، يجب على الولايات المتحدة تسريع الجهود لتشجيع المشاركة من دول الخليج الأخرى.

- ردا على هذه الأعمال العسكرية، ينبغي مطالبة الأمم المتحدة بإدانة هجمات الحوثيين غير المشروعة على السفن التجارية بشكل مباشر.
- وأخيرا، يجب على الولايات المتحدة إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية.
باختصار، يشكل عدم وقف الهجمات في البحر الأحمر تهديدا بتصعيد متزايد واستمرار تدمير سلاسل التوريد العالمية وتعطيل الاقتصاد العالمي، فإذا اخترنا الحفاظ على الموقف الدفاعي فقط فإننا نخاطر بخسارة أرواح يمكن تجنبها للبحارة ومشاة البحرية الذين يحمون الشحن التجاري الذي يعبر البحر الأحمر.

* المقال نشر في 26 ديسمبر 2023 وتم تحديثه في 12 يناير 2024