كرة القدم تجذب الاستثمارات السعودية إلى "نيوكاسل"

ويؤكد ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلسي إدارة "نيوكاسل يونايتد" وشركة أرامكو السعودية، أن شراء "نيوكاسل يونايتد" له ما يبرره من الناحية المالية.

واستثمر صندوق الاستثمارات العامة 305 ملايين جنيه إسترليني (نحو 417 مليون دولار) في النادي. ويعتبر هذا الاستثمار متواضعا مقارنة ببيع "تشيلسي"، النادي اللندني، عام2022 مقابل 5.4 مليارات دولار. ويعتمد تحقيق مثل هذا التقييم المرتفع عادة على أداء الفريق، ومع ذلك، في كرة القدم المعاصرة، غالبًا ما يرتبط هذا بكشوف رواتب النادي. وعلى الرغم من ذلك فإن تطبيق قواعد "اللعب المالي النظيف" يعمل على تقييد التصاعد السريع في الإنفاق، إذ يمكن للأندية التي تخالف مثل هذه القواعد أن تواجه غرامات كبيرة وحسم نقاط.

ولا ريب في أن نادي كرة القدم الناجح مفيد للمدينة. ويقول أحد الأكاديميين في جامعة "نيوكاسل" إنه يشهد بالفعل اهتماما أكبر من الطلاب الأجانب. ويعتقد مركز البحوث الاقتصادية والتجارية، وهو مؤسسة فكرية، أن الفريق الفائز بالدوري يضيف 1.1 نقطة مئوية إلى نمو الناتج الاقتصادي المحلي في ذلك العام من خلال زيادة الإنفاق على الضيافة.

وبعد فوز "نيوكاسل" 2-0 على "آرسنال" في مايو/أيار 2022، نشر أحد مديري النادي مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتفالات في مقصورة المديرين، ظهر فيه السفير السعودي في بريطانيا وهو يلوح بعلم نيوكاسل. وكتب في التعليقات: "قريبا جدا، سنتوجه إلى المدينة والمنطقة معا ونجعلهما أفضل".

وتوسعت الروابط الاقتصادية بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، فارتفعت التجارة الإجمالية بنسبة 32.8 في المئة خلال السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2023. واستحوذ صندوق الاستثمار العام على حصة 25 في المئة من مطار هيثرو لندن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وفي شمال شرقي إنكلترا، تنشط بالفعل شركات سعودية أخرى غير صندوق الاستثمارات العامة. واستثمرت شركة "سابك"، وهي شركة تصنيع المواد الكيميائية، مليار جنيه إسترليني في مصنع جديد في تيسايد عام 2021. وتلقت منشأة إعادة التدوير الخضراء القريبة مليار جنيه إسترليني أخرى من الاستثمارات السعودية عام 2022. وفي الأشهر الأخيرة، ظهر اهتمام سعودي متزايد بالفنادق ومواقع البيع بالتجزئة في المنطقة.

وفي مايو/أيار الماضي، أقيم حوار التجارة والاستثمار بين السعودية وشمال شرقي إنكلترا، وهو الهيئة الوحيدة التي تشجع الاستثمار السعودي في منطقة بريطانية معينة، لتسهيل المزيد من الاستثمار. وتتوقع شركة "DWF"، وهي شركة محاماة لها مكاتب في شمال إنكلترا والشرق الأوسط، أن ترتفع الاستثمارات السعودية في المنطقة عام 2024، وقارنت الشركة بين عائدات العقارات في الشمال بالنسبة للمستثمرين الدوليين في السنوات الأخيرة وتلك المتوفرة في لندن، فرأت أن العائدات في الشمال الشرقي أعلى بكثير. ولا تزال عائدات الاستثمار السنوية تصل إلى 8 في المئة مقارنة بـ 2-2.5 في المئة في العاصمة. ويقوم المستثمرون السعوديون بتحويل بناء مهجور وسط "نيوكاسل" إلى 241 شقة راقية للإيجار.

ويأمل مُخطط لمجلس مدينة "نيوكاسل" لتحديث المدينة، رصد 1.5 مليار جنيه إسترليني للمدينة، في جذب أموال إضافية من القطاع الخاص بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني. ويشير أحد المسؤولين إلى أن "الكثير من هذه الأموال سيأتي بلا شك من الرياض"، مضيفا أن الاستثمار موضع ترحيب، ومع ذلك يخشى البعض أن تقرع قصة مانشستر ناقوس الخطر، ففي عام 2014، قام مجلس مدينة مانشستر بتأسيس "مانشستر لايف"، وهو مشروع مشترك مع مالكي نادي "مانشستر سيتي" لكرة القدم، لبناء مساكن جديدة.

أكملت شركة "مانشستر لايف" 1500 وحدة سكنية للإيجار، ولكن المشروع فشل في تنفيذ خطة المدينة بتخصيص 20 في المئة من هذه الشقق لذوي الدخل المحدود. وسلط تقرير المعهد الحضري لعام 2022، والذي أصدره أكاديميون في جامعة "شيفيلد"، الضوء على المزيد من المشكلات المتعلقة بمشروع مانشستر. وقال إن فوائد ومخاطر التطوير موزعة بشكل غير متساو. وعلى وجه التحديد، حصل مجلس المدينة، الذي تحمل جزءا كبيرا من المخاطر، على عوائد ضئيلة من المشروع.

وفي النهاية، قد يرفع بعض المشجعين الأعلام السعودية، لكن البعض الآخر لديه هواجس بشأن استثمار صندوق الاستثمارات العامة في "نيوكاسل يونايتد". لقد كان التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، وهي مسابقة النخبة الأوروبية، للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن أمرا ممتعا، ولكن الكثيرين يشعرون بالقلق من أن النجاح على أرض الملعب يجلب تنازلات اجتماعية. وبالمثل، فإن السياسيين المحليين بالطبع حريصون على رؤية الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها في المدينة، وإن كانوا في سرهم هاجس بشأن مصدر الأموال.