رئيس "خارجية" البرلمان الأوكراني لـ "المجلة": دعم كييف ليس عملا خيريا

ميريزكو أولكسندر يتحدث عن دخول بلاده عامها الثالث من الحرب مع روسيا

ميريزكو أولكسندر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات البرلمانية في البرلمان الأوكراني

رئيس "خارجية" البرلمان الأوكراني لـ "المجلة": دعم كييف ليس عملا خيريا

تحدث ميريزكو أولكسندر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات البرلمانية في البرلمان الأوكراني، إلى "المجلة" حول ما إذا كانت الحرب الروسية على أوكرانيا قد وصلت إلى طريق مسدود مع دخولها عامها الثالث.

ودافع أولكسندر، في حواره معنا في العاصمة الأوكرانية كييف، عن رؤيته في أن روسيا تعرضت لهزيمة استراتيجية، وشرح ما يعتقد أنه حل عادل ومنصف للحرب، وما إذا كان الفساد المالي في بلاده أصبح مزمنا.

أولكسندر هو أستاذ القانون الدولي في كثير من المؤسسات الأكاديمية في الغرب، بما في ذلك جامعة كييف وكلية الحقوق بجامعة ديكنسون في بنسلفانيا (الولايات المتحدة الأميركية).

وفيما يلي النص الكامل:

* ما هي المرحلة التالية لهذه الحرب، التي لم يستطع أي من الجانبين أن يحقق مكاسب ذات معنى فيها في الأشهر الأخيرة؟

- يمكن تقسيم هذه الحرب إلى مرحلتين. في المرحلة الأولى، تطور الصراع على مرحلتين متمايزتين. في البداية، حاولت روسيا أن تشن حربا خاطفة للاستيلاء على كييف في غضون ثلاثة أيام، ومن ثم احتلال معظم أراضي أوكرانيا بالكامل في غضون شهر أو نحو ذلك، لكنها فشلت.

نحن الآن في المرحلة الثانية من الصراع، والتي تتميز بحرب استنزاف قاسية. والقضية الرئيسة المطروحة الآن هي القدرة على التحمل: أي من الجانبين يستطيع مواصلة جهوده لفترة أطول. ويتوقف النصر على الدعم الثابت من حلفائنا، وهو ضرورة لاستمرار المقاومة. وتسيطر القوات الروسية حاليًا على حوالي 20 في المئة من أراضي أوكرانيا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن روسيا لم تحقق أهدافها الطموحة، مثل السيطرة على كييف، والسيطرة على غالبية المناطق الأوكرانية، وتشكيل حكومة تدور في فلكها. بل إن أوكرانيا استطاعت أن تسترجع حوالي نصف المناطق التي احتلتها روسيا منذ 24 فبراير/شباط 2022. ومن بين النجاحات المهمة الأخرى تعطيل المسارات العملياتية لـ90 في المئة من الوحدات الروسية المشاركة في الصراع في البداية بشكل فعال.

وكان الانتصار الملحوظ الثالث هو طرد القوات الروسية من البحر الأسود، وبرأيي، هذه الإنجازات محورية في السياق الأوسع للصراع.

هناك وجهة نظر أقلية في الغرب تفسر حالة الجمود باعتبارها طريقا مسدودا، وأن الوقت قد حان لبدء المفاوضات مع بوتين

* هل كان قائد الجيش المقال فاليري زالوزني أكثر واقعية من الرئيس فولوديمير زيلنسكي في تقييمه للحرب؟

- لا أرى أي تناقضات خطيرة في مواقف القائد العام فاليري زالوزني والرئيس زيلنسكي. بالنسبة لي، كلاهما يتبع الاستراتيجية ذاتها.

* لكن فاليري زالوزني قال إن الحرب وصلت إلى طريق مسدود.

- يبدو أن هناك سوء فهم حول استخدام مصطلح "الجمود" من قبل بعض السياسيين، وهو ما يحمل آثارا سلبية. وهناك وجهة نظر أقلية في الغرب تفسر حالة الجمود باعتبارها طريقا مسدودا، وأن الوقت قد حان لبدء المفاوضات مع بوتين.

أما إشارة زالوزني إلى حالة الجمود فلم تكن مقصودة بهذه الطريقة. وكان هدفه من كتابة مقال "الإيكونوميست" هو التماس دعم إضافي من الحلفاء الغربيين، وحثهم على توفير المزيد من الأسلحة لمنع مثل هذا الطريق المسدود من أن يصبح حقيقة واقعة.

أجل، كان هدفه واضحا: تأمين المزيد من المساعدات العسكرية لمواصلة جهود أوكرانيا في استعادة الأراضي المحتلة والمضي قدما في الهجوم المضاد. وربما لم يختر زالوزني، الذي لم يكن دبلوماسيا، المصطلح الأكثر ملاءمة، لأنه لم يدرك تماما الدلالة التي يحملها "الجمود" في الخطاب الغربي. وما كان يدعو إليه هو الحاجة إلى زيادة الدعم العسكري لتجنب الوصول إلى طريق مسدود محتمل.

AP
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على اليسار، يصافح القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية السابق فاليري زالوزني خلال اجتماعهما في كييف

* هل كان زالوزني كبش فداء لفشل الهجوم المضاد العام الماضي؟

- حسنا، بداية، أنا لا أعتبر أن الهجوم المضاد قد فشل للأسباب التي ذكرتها أعلاه، وقد قدمت لك الحقائق. لم يكن الأمر فاشلا، على الرغم من أننا كنا أقل عددا وعتادا.

ولك أن تتخيل مدى صعوبة خوض حرب ضد قوة عظمى تمتلك موارد بشرية وقوى بشرية وأسلحة لا حدود لها. وعلى الرغم من نوعيتها السيئة، فإن الكم الكبير يعوض ذلك.

ثانيا، لا أعتقد أن إقالة شخصية رئيسة في ذروة شعبيتها تجعل منه كبش فداء، ولكن التغييرات في القيادة العسكرية أمر طبيعي بعد عامين من الصراع العنيف.

* ما هو الحل العادل للحرب مع روسيا من وجهة نظرك؟

- باعتباري أستاذا للقانون الدولي، فإن وجهة نظري ترتكز على مبادئ هذا المجال. لا يوجد سوى حل واحد عادل لإعادة ترسيخ القانون الدولي في أوروبا: الانسحاب الكامل للقوات الروسية.

وقد اعتمدت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا مؤخرا قرارا يتناول هذه القضية. وبموجب القرار، لا يمكن أن تبدأ مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا إلا في ظل الشروط الأوكرانية، مع ضرورة الاعتراف بأن أوكرانيا ضحية للعدوان الروسي غير المبرر.

والشرط واضح: لكي تبدأ محادثات السلام، يتعين على روسيا أن تسحب قواتها بالكامل من أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. وتشكل هذه الخطوات متطلبات أساسية لبدء الحوار.

إن استعادة القانون الدولي والسعي لتحقيق العدالة أمران في غاية الأهمية. ويجب محاسبة روسيا، المسؤولة عن التسبب في أضرار جسيمة لأكثر من 30 في المئة من الاقتصاد الأوكراني. وباعتبارها الطرف المعتدي، فلا بدّ من إلزامها بتقديم التعويضات لجبر الضرر الذي ألحقته بنا.

العدوان ليس جريمة ضد أوكرانيا كدولة فحسب؛ إنها جريمة ضد المجتمع الدولي بأسره

* هل تعتقد أنه من الواقعي من الناحية العسكرية، وبعد عامين من الحرب مع روسيا، أن تصر أوكرانيا على انسحاب القوات الروسية من شبه جزيرة القرم؟

- على المدى الطويل، أنا متفائل لأن جريمة العدوان ليست جريمة ضد أوكرانيا كدولة فحسب؛ إنها جريمة ضد المجتمع الدولي بأسره، وضد جميع الدول، وأنا متأكد من استعادة الإرادة الدولية لمواصلة القتال. إنها مسألة وقت. لكن بالطبع، لكي نكون واقعيين، قد يستغرق الأمر وقتا أطول مما نتوقع. لكن النتيجة لا مفر منها.

تقف الإنسانية على مفترق طرق، فإما أن تختار التقدم في القرن الحادي والعشرين مسترشدة بالقانون الدولي، وإما التراجع إلى معايير القرن التاسع عشر. بوتين بتصرفاته يريد إعادتنا إلى هذه الممارسات التي عفى عليها الزمن، فنضحي بقرون من التقدم. ومع ذلك، فإنني ما زلت على ثقة من أن البشرية سوف تختار بحكمة، فتفضل مبادئ القانون الدولي. ويمتد هذا التفاؤل إلى الوضع في شبه جزيرة القرم.

دعونا نتخيل، على سبيل الجدال فقط، أن أوكرانيا سقطت وأن روسيا تسيطر على أوكرانيا. ماذا سيحدث بعد ذلك؟

* قال جهاز الأمن الأوكراني إنه كشف عن فساد ومشتريات أسلحة للجيش بقيمة نحو 40 مليون دولار. أعلم أن النائب العام قال إن الأموال المسروقة قد ضبطت. ولكن هل تعتقد أن الفساد المالي مزمن في أوكرانيا؟ ألم يكن الفساد حجر عثرة كبيرا أمام محاولتكم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟

- حسنا، لقد كانت مشكلة الفساد موجودة منذ سنوات عديدة، وهي مشكلة ضخمة في أوكرانيا. أحد أسباب انتخاب الرئيس زيلنسكي كان الحاجة إلى مكافحة الفساد، وقد أوفى بوعده.

إذا نظرت إلى الوضع الآن، فسوف ترى أنه لا أحد في أوكرانيا فوق القانون. على سبيل المثال، لا توجد حصانة لأعضاء البرلمان في قضايا الفساد، ويمكنني أن أقدم لكم كثيرا من الأمثلة على الحالات التي تم فيها تقديم أعضاء البرلمان في أوكرانيا إلى العدالة بتهمة الفساد.

مثال آخر هو رئيس المحكمة العليا في أوكرانيا، الذي قدم إلى العدالة بتهمة الفساد، وثمة الكثير من الأمثلة الأخرى حول تقديم كبار الشخصيات والسياسيين رفيعي المستوى إلى العدالة.

لقد أنشأنا بنية فعالة للغاية لمكافحة الفساد، والمعركة ضد الفساد مستمرة لأننا ندرك حقيقة بسيطة للغاية: لا يمكننا تحمل الفساد، خاصة أثناء الحرب، لأنه يقوض مصداقيتنا في نظر شركائنا وحلفائنا على مستوى العالم، في الوقت الذي نريد فيه الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي.

* أحد السطور المثيرة للاهتمام التي قالها الرئيس زيلنسكي في أكثر من مقابلة له أن دعم أوكرانيا ليس عملاً خيريا. ماذا تستنتج من ذلك؟

- تلعب أوكرانيا في الحقيقة دور درع أوروبا. دعونا نتخيل، على سبيل الجدال فقط، أن أوكرانيا سقطت وأن روسيا تسيطر على أوكرانيا. ماذا سيحدث بعد ذلك؟

أولا، سيكون من شأن ذلك أن يزيد من المخاطر الأمنية التي تواجه الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، حيث يعتقد كثيرون أن طموحات روسيا لن تتوقف عند أوكرانيا؛ وقد تكون مولدوفا ودول البلطيق، وأيضا بولندا، هي التالية، ما سيجعل الولايات المتحدة وأعضاء الناتو يزيدون من ميزانياتهم الدفاعية بشكل كبير لمواجهة التهديد الروسي وتعزيز آلياتهم الدفاعية.

AFP
الرئيس زيلنسكي يتوسط مجموعة من الضباط عند أحد الخطوط الدفاعية

ونتيجة لهذا فإن الأعباء المالية التي تتحملها الولايات المتحدة والدول الأوروبية وغيرها من الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي سوف ترتفع، بحيث تتجاوز النفقات الحالية كثيراً. وهكذا نستنتج أن دعم أوكرانيا في مقاومتها للتوسع الروسي لا يعد مجرد عمل من أعمال حسن النية، إنها ضرورة استراتيجية.

إن مقاومتنا ضد الإمبريالية الروسية لا تتعلق فقط بالدفاع عن سيادتنا، بل هي أيضا تدعم النظام الدولي. ومن الممكن أن يؤدي الفشل في هذه المهمة إلى تمكين وتحفيز المعتدين المحتملين الآخرين على مستوى العالم.

أقول للعرب: من خلال دعم ضحية العدوان، تخلق لنفسك ضمانات في حالة العدوان عليك، أن المعتدي سوف ينال جزاءه

* إذن، هل لدى أوكرانيا والعالم العربي أي أرضية مشتركة يمكن أن تقرب بين الجانبين؟

نعم هنالك الكثير من القضايا المشتركة. كثيرا ما سئلت عن أمور من مثل كيف يمكنك أن تشرح للعالم العربي لماذا يجب أن يدعموك؟ يمكنك أن تشرح ذلك للدول الأوروبية لأنك جزء من البنية الأمنية الأوروبية وتناضل من أجل القيم الأوروبية. نعم. ولكن كيف يمكنك تفسير ذلك للعالم العربي؟

هناك عدة أسباب لذلك. بداية، من خلال دعم ضحية العدوان، فإنك تخلق لنفسك ضمانات في حالة العدوان عليك، أن المعتدي سوف ينال في نهاية المطاف جزاءه. وهذا سبب مهم يجب أن يشجع العرب على دعمنا.

السبب الثاني هو الأمن الغذائي. لقد أدى العدوان الروسي على أوكرانيا إلى تقويض الأمن الغذائي وسلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم. وأخيرا، الأمن النووي. إن دعم أوكرانيا يقلل من فرص وقوع كارثة نووية.

وأخيرا، هناك الحجة الأخلاقية، فروسيا هي الطرف المعتدي في غزو أوكرانيا.

font change

مقالات ذات صلة